- قبل أسبوعين من الاعتقال الأمن وافق لنا على أداء العمرة

- طلبوا منا تفتيش عيادة أغلقناها منذ خمس سنوات كاملة

- د. سعد نموذج للالتزام الديني والتفوق العلمي والعملي

 

حوار- هند محسن:

بيتٌ يعمه الدفء والحب، وتظلله الملائكة، وتستشعر فيه الراحة، وأول ما يستقبلك ابتسامات الترحيب على وجوه منيرة ثابتة صابرة على المحنة، وفي غرفة الاستقبال تجد صورةً، طُبعت على وسادة في منتصف الغرفة على أحد المقاعد؛ إنها صورة الدكتور محمد سعد عليوة رئيس قسم المسالك البولية بمستشفى بولاق الدكرور، وأمين صندوق نقابة أطباء الجيزة، وأحد قيادات جماعة الإخوان المسلمين بمحافظة الجيزة، تؤكد أنه ما زال موجودًا بروحه وإنْ اعتقلوا الجسد.

 

الدكتور عليوة من مواليد محافظة المنصورة عام 1955م، وتخرَّج في كلية الطب جامعة القاهرة، وحصل على الدكتوراه في تخصص المسالك البولية في إحدى مرات اعتقاله، تاريخه مع الاعتقالات طويل؛ حيث بدأ من الجامعة لنشاطه مع الجماعات الإسلامية، وتمت إحالته إلى المحكمة العسكرية في 23 نوفمبر عام 1995م ضمن 33 من قيادات جماعة الإخوان، وقضى في المعتقل 3 سنوات بعد ولادة آخر بناته آلاء بـ6 أشهر، وفي 12 ديسمبر 1999م تمت إحالته إلى المحكمة العسكرية في قضية النقابيين المعروفة، وبرأته المحكمة بعد أن قضى في الحبس 13 شهرًا، وأُعيد اعتقاله في مارس 2005م أثناء فترة تعديل المادة 76 من الدستور، وظل رهن الاعتقال لمدة 3 أشهر، وتمَّ اعتقاله مرة أخرى في 13 مارس 2007م ضمن مجموعة الدكتور محمود غزلان؛ إلا أنه تمّ الإفراج عنه لتدهور حالته الصحية وإصابته بأزمة قلبية، دخل على إثرها مستشفى القصر العيني الفرنسي، وأجرى عملية قسطرة بالقلب، وكان الاعتقال الأخير في 14 مايو الجاري بنفس التهم القديمة؛ وعلى رأسها تهمة غسيل الأموال.

 

(إخوان أون لاين) حاور زوجة د. عليوة الدكتورة نهال محمد بديع طبيبة النساء والتوليد؛ لنتعرف أكثر على د. عليوة، ونرى ما تعرضت له أسرته في محنة اعتقاله الأخيرة، ومدى ثباتهم أمامها:

 

* بدايةً.. نريد أن نتعرف على جوانب من شخصية الدكتور محمد سعد عليوة غير واضحة لعموم الناس.

** هناك صفات واضحة جدًّا في شخصية الدكتور سعد، فهو خدوم بطبعه؛ سواء لمَن يعرفه أو مَن لا يعرفه، وامتهانه للطب ساعده على تأكيد هذه الصفة، فهو كطبيبٍ يخدم المريض وكل الناس، وكان يعمل بلجنة زكاة تابعة لأحد المساجد، ورغم تركه لها إلا أن الناس ما زالت تعطيه زكاتها؛ ليتصرف بها في أوجه الخير، وكذلك الأقارب والأصدقاء، هذا إلى جانب مساعدته للفقراء والمحتاجين، فيعالجهم مجانًا وينفق عليهم، ومع أولاده طيب جدًّا معهم، مشارك لهم في أمورهم، ومتابع لكل صغيرة وكبيرة في حياتهم، ومحاور جيد معهم، كما أنه متعاون معهم في أعمالهم.

 

عليوة الزوج

وفي امتنان استطردت كلامها قائلةً: أما د. عليوة الزوج فجزاه الله عنا جميعًا خير الجزاء، فهو عطوف وحنون، ومتعاون في أمور البيت، إنني أمتهن نفس مهنته وأعود كثيرًا مُتعبة، فيساعدني كثيرًا في شئون البيت والأبناء، كان متفهِّمًا ومتحملاً للظروف، فضلاً عن كرمه ونبله، لم يبخل يومًا علينا حتى بوقته رغم انشغالاته، ورغم أن وقت راحته محدود؛ ففي الصباح يذهب للعمل بالمستشفى، وبالليل يذهب للعمل بالعيادة إلا أنه ينظم لنا نزهات ورحلات صيفية، ويجب أن نذهب في عمرة مرة كل عام، فأصبحت أمرًا أساسيًّا في حياتنا، لم يكن مقصرًا تجاه أي أحد، وخاصة صلة الرحم؛ فكانت بندًا مهمًا في حياته، لم يترك مناسبة من المناسبات إلا وشارك فيها، ولم يقضِ وقتًا لنفسه يومًا ما، وكان قادرًا على تحمل المسئولية، ولا أجد أي صفة من هذه الصفات تدعو النظام لاعتقاله وتغييبه هو وإخوانه خلف الأسوار.

 

 الصورة غير متاحة

 الأحرار رهائن في وطنهم!!

* وكيف ترين تغييب الشرفاء خلف الأسوار في حين يعيث آخرون في مصر فسادًا؟

** الأمور قُلبت موازينها، وأصبح الشرفاء هم الذين يقبعون خلف القضبان لا المجرمون، بل إن المجرمين المتهمين بالقتل وترويج المخدرات والتزوير والفساد والسرقة يفلتون من العقاب والسجن، ويتم حبس الشرفاء ممَن يحملون همَّ الوطن على عاتقهم، ورغم كل ذلك إلا أن الأمر لم يؤثر فينا أو في حياتنا أبدًا، وإن كانت هي فترة عصيبة ومتعبة وتربك نظام الحياة؛ حيث إن عيادته يتم إغلاقها، وتبدأ الزيارات في المعتقل، ويكون انشغالاً في الحياة لا داعي له، وتضيع أوقاتنا الثمينة التي كنا نستغلها في أعمال أكثر أهمية.

 

إحساس بظلم بيّن، وتخبط في حركة النظام الذي لا يجد غير هذا السبيل لمحاربة الشرفاء وإيقاف هذه الأصوات، ومع ذلك فعندما يوقفون هذه الأصوات بالاعتقال فعليًّا لا تقف الأصوات بالخارج، فيُخرجون الذين اعتقلوهم في السابق؛ ليبادلوا بهم آخرين، علت أصواتهم في الخارج، وهكذا دائرة محكمة لا تنتهي، وبالتالي لم نسمع حتى الآن أن أحد أفراد الجماعة بعد اعتقاله غيَّر فكره أو اعتقاده أو مبدأه، بل العكس يخرج أكثر صلابة، بل يستفيد من وقته في المعتقل، ففي إحدى مرات الاعتقال حفظ د. عليوة القرآن كاملاً، كما أنه درس الدكتوراه في المعتقل، إلى جانب قراءة ودراسة العديد من الكتب، فوقتهم مُنظم، ويكون لله وللدعوة.

 

* كيف تمَّ زواجكما؟!

** كنت طالبةً بكلية الطب، وتقدَّم لي وكان نموذجًا للملتزم بدينه، وعلى أساسه كان اختياري له، فجمعنا حب الدين والدعوة، والحمد لله أتمَّ زواجنا عامه الـ25 زواجًا ناجحًا، ولم تحدث بيننا هذه المشاكل الكبيرة التي يصعدها الشيطان، فلم يترك أحدنا بيته، ولم تخرج شكوانا بيننا نحن الاثنين، وما دام الاختيار على أساس الدين فهو أيضًا الفيصل بيننا كما كنا نحكمه فينا.

 

تفتيش كامل

 الصورة غير متاحة

مشهد يعكس الأسلوب الممنهج لأمن الدولة في اقتحامه لمنازل الإخوان

* تم اعتقال زوجك العديد من المرات.. فكيف كانت هذه المرة؟!

** لم تختلف كثيرًا عن سابقاتها، ففي الساعة الواحدة بعد منتصف الليل كنت أذاكر مع ابنتنا الصغرى آلاء؛ لأنها في الشهادة الإعدادية، وكان ياسر ما زال مستيقظًا، وسمعنا طرقًا شديدًا على الباب، وكان معروفًا أنهم هم، وقد جاءوا بعربة كبيرة ومجموعة من العساكر، مدججين بالسلاح أمام العمارة، وبعضهم اقتحم البيت، ولكن عندما يأتون أتخذ معهم مبدأً محددًا في تعاملي مع هؤلاء الزبانية، فأتعامل معهم معاملةً باردةً جدًّا أتجاهلهم تمامًا، وأمارس أعمالي المنزلية، كأنهم غير موجودين، بالتأكيد هم يعيثون في كل مكان بالبيت، يفتشون هنا وهناك، ويفتحوا خصوصياتنا، ويعبثون بأدراج دولابنا الذي يحوي ملابسنا الخاصة.

 

سيأتي يومًا ليقتص الله منهم لهذه المهانة فهو القادر، كما أنكِ لا تستطيعين مخاطبتهم، لأنهم كما يقولون: "نحن عبد المأمور" إذًا فعليكِ مخاطبة المأمور، لكن الله سيحاسبهم أيضًا فالله تعالي يقول: ﴿..إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ﴾ (القصص: من الآية 8)، وقد تمَّ الأمر بهمجية وعنف، فهم يفتقدون لذوقيات التعامل وآدابه، ربما في أول مرة وثاني مرة تكون هناك رهبة وخوف؛ لكن الأمر أصبح متوقعًا في أي لحظة في أي يوم، وفي أي مناسبة ما دمنا قد اخترنا هذا الطريق؛ حتى لا تتواجد على الساحة شخصيات شريفة مؤثرة في المجتمع.

 

لكن الذي اختلف هذه المرة هو تفتيشهم للسيارة والعيادة؛ حيث أخذوا د. عليوة إلى العيادة لتفتيشها، وهنا تدخلتُ حتى لا أسمح لهم بتفتيش العيادة بهذا الشكل المرعب لمرتاديها، وقلت لهم: "هذا مكان عملنا وأكل عيشنا"، ولا يمكنكم التهجم عليه بهذه الطريقة؛ حيث إنه ليس مفهومًا لكل الناس العادية إننا إخوان، ولن يستوعبوا فكرة اعتقال زوجي، فردَّ عليَّ الضابط: "لأ ما تقلقيش، هاخد الدكتور وأطلع معاه لوحدي"، وكان من الممكن أن يقوموا بتشميع العيادة؛ إلا أنهم رأوا اسمي بجانب اسمه على لوحة الملكية.

 

* ما الأشياء التي قاموا بالاستيلاء عليها؟!

** مجموعة كبيرة من الكتب والشرائط الصوتية وشرائط الفيديو، ومجموعة أوراق لـ د. عليوة، خاصة بالجمعية الطبية الإسلامية، بالإضافة إلى أوراق أبحاث خاصة بي، وعرفنا أنهم في كل بيت سابق كانوا يقومون بالاستيلاء على الأموال الموجودة به؛ لكننا والحمد لله لم يكن في بيتنا أموال تُذكر؛ حيث لا يوجد إلا ما يكفيننا.

 

مرارة الظلم

* كيف كان شعوركِ عند اقتحام قوات الأمن لمنزلكم في منتصف الليل؟!

** شعوري متوقع أن يعتقلوا زوجي؛ لأنهم لم يأتوا في أي مرة سابقة للتفتيش فقط؛ بل في كل مرة معهم أمر ضبط وإحضار؛ ليقوموا بعدها باعتقاله، بالتأكيد شعرت بالألم، ومهما أُظهر من ثبات إلا أن قلبي يتألم لفراقه، وبي غصة من مرارة الظلم؛ ولكننا تعودنا على ذلك، والله حافظه بإذنه، لكن النظام لا يستحق شعوري بالخوف منه، فالله معي ولن يضيعني، وفي المرة السابقة للاعتقال الأخير شعرنا جميعًا بالقلق والخوف على د. عليوة لتعرضه لأزمة قلبية، ولكنه تأكد لي أن هذه المرة أتوا عن عمدٍ وقبل سفرنا للعمرة بأسبوعين، فقد أعددنا كل شيء لهذه الرحلة السنوية وجهزنا أوراقنا، بل حصلنا كما كنا نفعل كل مرة على موافقة مباحث أمن الدولة للسفر؛ لأن زوجي ضمن قائمة الممنوعين من السفر، وبعد ما وافقوا اقتحموا بيتنا، واعتقلوه ليكون الأمر قد بُيت بليل.

 

* وما أول شيء فكرتِ فيه عند اقتحامهم؟!

** أول شيء تبادر إلى ذهني أن أُحضر له حقيبته بسرعة، وبداخلها دواؤه واحتياجاته الخاصة.

 

* كيف تعامل د. عليوة مع الأمر؟!

** قال لنا: ارتدوا ملابسكم، واستقبلهم ورحب بهم؛ بل كان يساعدهم أثناء بحثهم عما يريدون، وطمأننا.

 

* بماذا تواصيتما قبل ذهابه؟!

** أوصيته أن يهتم بصحته، ويأخذ دواءه في موعده، وأن يثبت ولا يقلق علينا، فمولانا معنا وحسبنا الله ونعم الوكيل، وإن كان هذا قدر الله؛ فقد رضينا به وآمنا بذلك، أما هؤلاء الزبانية ليس بأيديهم شيء يفعلونه غير أن يسري قدر الله على أيديهم، وأوصانا د. عليوة بأن نهتم بأنفسنا، وأن نثبت على طريق الحق.

 

* أثناء اعتقال د. عليوة أين كان الأبناء، وكيف أمضوا هذه اللحظات؟!

** كنت أذاكر مع آلاء، وياسر كان لا يزال مستيقظًا، أما سمية فاستيقظت منزعجةً، ومروة كانت لا تزال نائمةً، بالتأكيد كانت مشاعرهم ومشاعري الداخلية المزيد من الحزن والغضاضة والألم، وقلب موجوع للفراق؛ لكن الأمر تكرر أكثر من مرة، وما زال بداخلنا أمل ألا يتم حبسه على ذمة التحقيق 15 يومًا، ويختلف الأمل بألا تمتد مدة الحبس 15 يومًا أخرى.. وهكذا.

 

تهم مضحكة

 الصورة غير متاحة

* وجهت مذكرة تحريات أمن الدولة العليا تهمًا قديمة وأخرى جديدة لزوجك والـ12 الآخرين، فكيف ترين هذه التهم؟!

** أولاً هي تهم "بايتة"، لم تؤثر فينا إطلاقًا، لكنها كانت مضحكة لنا، فعند ما نسمع شيئًا بعيدًا عن خيالنا أو تصوراتنا فلنا أن نضحك منه، فالوضع كما لو ألقوا بالقبض على أحد يصلي بالمسجد وقت وقوع الجريمة، ووجهوا له اتهامًا بأنه القاتل ولماذا قتل؟!، تهم غير واردة على الذهن أصلاً وغير منطقية، فأفراد الجماعة يعملون لله وليس لخلية أو غسيل أموال أو لتنظيم دولي، والدليل على كذبهم أنهم عند ما اقتحموا البيت طلبوا مفاتيح العيادتين؛ حيث كان لنا العيادة الأولى في فيصل، والأخرى في أبو قتادة، فلم أتمالك نفسي وضحكت، ثم سألته أي عيادتين؟! فرد بثبات الواثق: في فيصل وأبو قتادة، فرددت عليه وأنا أضحك: ألم تطلعكم تحرياتكم أن العيادة الثانية مغلقة منذ 5 سنوات، فلم ينطق بعدها، وهذا يدل على كذبهم وتناقضاتهم وفبركتهم للقضية، وعدم وجود تحريات في الأساس، وقد حدث في إحدى مرات اعتقال زوجي أنهم ذهبوا على عنواننا القديم، فلم يجدوه، وأخبرهم أهل الحي أننا تركناه منذ سنة ونصف، فأتوا على عنواننا الحالي وهذا يدل على افترائهم وعدم مراقبتهم له أو تحرياتهم عنه!!.

 

صحته مقلقة

* كيف صحة د. عليوة الآن؟!

** الحمد لله هو بخير لكنه تعرَّض لأزمة صحية أخرى يوم 24 مايو الجاري، ذهب على إثرها لمستشفى القصر العيني الفرنسي؛ ليتم له الفحص الطبي، ووجد الطبيب أن ضغطه عالٍ جدًّا، وهذه أول مرة كما أن هناك ضيقًا في الشرايين، وهذه حالة تقلق للغاية؛ حيث إنه في عام 2007م، عندما تمَّ اعتقاله تدهورت حالته الصحية، وأصيب بأزمة قلبية دخل على إثرها مستشفى القصر العيني الفرنسي، وأجرى عملية قسطرة بالقلب، وقد ذهبنا له للاطمئنان عليه، وكانت فرصة جميلة لرؤيته قبل وقت الزيارة المحدد؛ لكن صحته لا تستدعي وجوده في معتقل ينام فيه على الأرض وتؤذيه رطوبتها، كما أنه يلزمه الانتظام في الطعام ليتناسب مع دواء قلبه، فهذا ليس مكانه؛ لأنه مهما كان هو في النهاية مريض بالقلب يخضع لعلاج.

 

الضعيف يغدر بالقوي

* النظام دائم الاحتكاك بالإخوان ونتيجة هذا الاحتكاك يزج بهم في قضايا كبرى.. في رأيكِ لماذا هذا التحامل وهذا الحقد؟!

** في انفعال واضح، قالت: الضعيف عند ما يواجه القوي يكون دائمًا من الظهر، بل يطعنه أيضًا فهو ليس قادرًا على مواجهته وجهًا لوجه، وإن كان يتبع أسلوبًا ديموقراطيًّا كان من المفترض ترك الآخر يقول ويفعل ما يشاء، مثلما النظام يقول ويفعل ما يشاء، ولكن هذا لا يحدث إطلاقًا؛ لأنه يعلم علم اليقين أن هؤلاء الناس يؤثرون في الشعب، ويريدون مصلحته، وفي المقابل يُكِنُّ لهم الشعب كل حب وتقدير؛ لكن ما يقوم به النظام سيأتي بنتيجة عكسية له، فهم يعرفون أفراد الجماعة ويعلمون عنهم كل خير، وعند ما يعتقلهم النظام سيقومون بالبحث وراء الأسباب، وسيتكشف النظام أمامهم إن لم يتكشف الآن، وأصبح الناس اليوم لديهم الوعي الفكري غير الأجيال السابقة، كما أن وسائل الإعلام الهادفة زادتهم استنارة، وكذلك مواقع الإنترنت زادت من ثقافتهم، وبهذا فالنظام يخدمنا بشكلٍ غير مباشر، وإن كانت طرقه صعبة بعض الشيء علينا، من اعتقالات وتكميم للأفواه وتجنيد مأجوريه في وسائل الإعلام؛ لتشويه صورنا، ورغم ذلك فالشعب يفهم جيدًا مَن هم أعداؤه الحقيقيون.

 

النجاح شعارنا

* كيف أثَّر د. عليوة في أبنائه ليحذوا حذوه ويختاروا نفس الطريق؟!

** أولاً هم يعلمون أن طريق والدهم هو طريق الله، والكفاح فيه طويل، واقتنعوا تمامًا أنه السبيل الصحيح لدخول الجنة، ثانيًا كان قدوة في النجاح؛ فأصبح جميع الأبناء ناجحين، فمروة معيدة بكلية صيدلة، وياسر خريج نظم ومعلومات، وسمية بكالوريوس إعلام، وآلاء في الشهادة الإعدادية ومتفوقة في دراستها، هذا هو المفهوم عندهم ملتزمون بدينهم ودعوتهم، وناجحون في تخصصاتهم.

 

* بصراحة.. هل تأتي عليكِ لحظات تتمنين فيها لو كنتم سلكتم سبيلاً آخر غير هذا السبيل؟ أو أنكم اكتفيتم بكل ما حدث؟

** نهائيًّا... فهذه علاقة حميمة بينك وبين دعوتك ودينك، ولستِ مجبرة عليها، كما أنكِ لا تحصلين منها على راتب، بل هي شيء فطري، وإحساسي أن الله كلف الإنسان بأمانة، ويجب أن يكون قادرًا على تحملها، فالبعض ينجح والآخر يفشل، وليس بالضرورة أن أعلم ديني في المساجد، فأنا في عيادتي دعوة، ووسط أولادي دعوة، وفي الشارع دعوة، وكل قدوة في مكانه دعوة.

 

* إذًا ما الحافز الذي يدفعكم كأسرة للتمسك بهذا السبيل رغم وعورته؟!

** شيء خفي بيننا وبين الله، لا يعرفه البشر يدفعنا للتمسك بهذا الطريق والانسياق له دون إجبار؛ فحتى الشباب عند ما يتم اعتقالهم يخرجون أكثر صلابةً وإصرارًا على مواصلة الطريق، فما نحن بصدده حبٌ لا يمكن قهره.

 

* كلمة أخيرة تهمسين بها في آذان زوجات المعتقلين الآخرين خاصةً؛ وآذان الأخوات المسلمات عامةً..؟!

** أقول لزوجات المعتقلين: لا تجعلن الأمر يؤثر فيكن، ولا تهتز نفوسكن أو تضطرب، وعليكن بالثبات على الطريق؛ لأننا على الحق وهم على الباطل، وأما للأخوات المسلمات: ما دمنَ ارتضين بالزواج على أساس الدين والدعوة فعليهن أن يكنَّ على قدر مسئولية هذا الطريق، كما عليهن تعليم أولادهن وغرس قضيتنا في نفوسهم، فالإنسان الشريف يتعرض دائمًا للمحن والابتلاء على قدر الدين، وإذا أحب الله عبدًا ابتلاه، ولسنا أكبر من أنبياء الله.