- د. محمود حسين: الأحكام أثرت إيجابًا وليس سلبًا على الصفِّ

- د. محيي حامد: الأجيال الشابة التي تنتسب لنا يوميًّا ردٌّ على الأحكام

- د. حلمي الجزار: تعوّدنا امتصاص صدمات الأنظمة منذ عام 49

- د. وحيد عبد المجيد: الممارسات الأمنية لن تجدي نفعًا مع المخلصين

- د. أحمد ثابت: الخطاب السياسي للجماعة لم يضعُف بل ازداد جرأةً

- د. رفيق حبيب: النظام أراد أن يُقصي الإخوان فانقلبت الآية

- سعد عبود: التعاطف الشعبي أفاد الإخوان أكثر مما خسروه

 

تحقيق- إسلام توفيق:

في الخامس عشر من أبريل من العام 2008م أصدرت المحكمة العسكرية حكمها الجائر على المهندس خيرت الشاطر النائب الثاني للمرشد و39 آخرين بأحكام متفاوتة؛ منهم 15 حصلوا على البراءة بعد اعتقال استمر لمدة عام ونصف، وجاءت الأحكام والقضية بشكلٍ عام وكأن النظام المصري يقصد بهذه الأحكام تحجيم أنشطة الإخوان المسلمين بعد حبس قياداتها ورجال أعمالها.

 

والسؤال الذي يطرح نفسه بعد مرور عام على أحكام المحكمة العسكرية الجائرة: هل نجح النظام في تنفيذ مخططه؟ وماذا خسر الإخوان من جرّاء تلك الأحكام، خاصةً أنها طالت عددًا كبيرًا من رموز الجماعة وقياداتها، معظمهم من رجال الأعمال؟

 

(إخوان أون لاين) يستطلع في السطور التالية آراء قيادات الجماعة وبعض الخبراء والسياسيين المصريين:

 

 الصورة غير متاحة

د. محمود حسين

في البداية يقول الدكتور محمود حسين عضو مكتب الإرشاد لجماعة الإخوان المسلمين إن الجماعة لم تتأثر بمثل هذه المحاكمات أو الأحكام، خاصةً أن الإخوان اعتادوا على التعدي على حقوقهم والاستيلاء على أموالهم، واحتسبوا ذلك في سبيل نصرة دعوتهم.

 

موضحًا أن كل الممارسات التي مارسها النظام ضد الإخوان- سواء بالمحاكمات العسكرية أو باعتقال قيادات ونشطاء الجماعة أو حتى ضرب وسَحْل طلاب الجامعات- لم يقلل من شعبية الإخوان في الشارع المصري، بل يزيد، ويظهر حقيقة دعوة الإخوان المسلمين، ويثبت أن الجماعة على حق فيما تنادي وتطالب به.

 

وعلى صعيد الساحة السياسية يرى د. حسين أن الإخوان تأثروا كما تأثرت القوى الوطنية كلها من الظلم الجائر، والفساد المتفشِّي، وتراجع الدور المصري، وكبت الحريات، مشيرًا إلى أن التأثير الحقيقي على الجماعة بعد الأحكام العسكرية كان إيجابيًّا وليس سلبيًّا، ولم تتأثر الجماعة في كوادرها أو قيادتها وإنما كان التأثير فرديًّا دون تعرض الجماعة الأم لأي تأثير.

 

ويضيف أن رجال الأعمال المحكوم عليهم في القضية العسكرية تأثروا ماديًّا على الجانب الشخصي والأسري فقط دون أن تتأثر الجماعة؛ حيث إن أموالهم جاءت من مجهودهم الشخصي وصرفت في أعمالهم فقط.

 

التأثير الحقيقي

 الصورة غير متاحة

د. محيي حامد

ويشير الدكتور محيي حامد عضو مكتب الإرشاد أن الإخوان كجماعة لا تتأثر بغياب بعض أفرادها، حتى وإن كانوا قيادات مؤثرة، كالمهندس خيرت الشاطر النائب الثاني للمرشد أو المهندس محمد علي بشر عضو مكتب الإرشاد بالجماعة، لافتًا إلى أن جماعة الإخوان أكبر من هذا؛ حيث إنها جماعة كبيرة تقوم على المؤسسية، وتفرز كل يوم كوادر وأفرادًا تستطيع حمل عبء الدعوة على عاتقها.

 

ويضيف أن التأثير الحقيقي يكمن في الظلم الواقع على قيادات الجماعة الذين قدَّموا الغالي والنفيس من أجل هذا الوطن ثم يكون هذا الظلم البيِّن عليهم وعلى أسرتهم.

 

وينفي حامد ما يتردَّد من شائعات حول تراجع شعبية الجماعة في الشارع المصري تأثرًا بالأحكام العسكرية، مؤكدًا أن هذا كلام غير صحيح، وأن الجماعة تزداد شعبيتها بمثل هذه الممارسات، والأجيال الشابَّة التي تنتسب يوميًّا إلى الجماعة وترفع رايتها وتحمل لواءها خير دليل على ذلك.

 

ويوضح أن الإخوان اتخذوا التغيير السلمي في منهجهم الإصلاحي ولم يعلنوا عن أي خيار آخر لهم، مشيرًا إلى أن المشاركة في الانتخابات- على سبيل المثال- خيار لا يمكن التنازل عنه، خاصةً أنه نابِعٌ من المنهج الإصلاحي ولا يتأثر بالممارسات الضاغطة على الجماعة.

 

وعن تأثر الإخوان ماليًّا يؤكد حامد أن تمويل الجماعة منذ نشأتها من جيوب أعضائها، وأن كل أعضاء الجماعة يشاركون في دعم أنشطتها بما يستطيعون، مشيرًا إلى أنه إذا غاب الجزء لا يجب أن يتأثر الكل، خاصةً أن تمويل الجماعة لا يتوقف على شخص بعينه، وكل موارد الجماعة من أعضائها.

 

رصيد النظام

أما الدكتور حلمي الجزار القيادي في الجماعة فقد بدأ حديثه قائلاً: "المحاكمات العسكرية لم تؤثر ولن تؤثر على الإخوان"، وأشار إلى أن الإخوان تعوَّدوا امتصاص صدمات الأنظمة المتعاقبة منذ عام 49، وكذلك السحل والضرب والحبس والأحكام الجائرة من أجل رفعة هذا الوطن.

 

ويضيف: إذا كان الإخوان قد تأثروا بما تقوم به الحكومات المتعاقبة والظلم الواقع عليهم لانتهوا منذ زمن بعيد، مشدِّدًا على أن الأحكام العسكرية الجائرة الأخيرة قد خصمت من رصيد النظام المصري وأعطت رصيدًا للإخوان الذين استطاعوا تجاوز المحنة بكل هدوء؛ حيث إن الأحكام أساءت إلى سمعة النظام المصري، وسبَّبت له أزمةً خارجيةً، وفضحت ادعاءاته بأنه بلد ديمقراطي، وفي المقابل زاد رصيد الإخوان في الشارع المصري، وتوسع انتشارهم، وأصبح لفظ "الإخوان" متداولاً بين جموع الشعب، وأصبح رموز الجماعة وقياداتها محبوبين بين صفوف الشعب.

 

ويؤكد د. الجزار أن الإخوان مستمرون في أنشطتهم وحملاتهم ومناهجهم بين الناس، بل إن الكثير من غيرنا قد أخذ نهج الإخوان السلمي في التغيير، وبدأ في الخروج للشارع للاعتراض على سياسة النظام، مضيفًا أن الإخوان قاموا بالتغيير السلمي وترشيح أنفسهم في انتخابات التجديد النصفي لمجلس الشورى، ورشحوا أنفسهم في انتخابات المحليات"، وهذا أسلوبهم ونهجهم، ولن يحيدوا عنه بأحكام أو اعتقالات.

 

القمع لا يغير أفكارًا

 الصورة غير متاحة

 د. وحيد عبد المجيد

 من ناحيته يرى الدكتور وحيد عبد المجيد نائب مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية أنه من الصعب قياس التأثير والشعبية في نظام سياسي مغلق، خاصةً أن مصر ليس لديها وسائل للقياس، عكس البلاد الأخرى التي تتمتَّع بساحات سياسية مفتوحة تستطيع من خلالها تحليل وبناء النتائج.

 

ويقول إن المتابع لنشاط الإخوان المسلمين لا يجد تأثُّرًا في سياستهم أو أسلوبهم بعد الأحكام العسكرية الأخيرة، مشيرًا إلى أن القمع لم يكن أبدًا أسلوبًا لتغيير المناهج والأفكار، وأنه لا يمكن تغيير الأفكار والرؤى إلا بالحوار والحجة والبرهان والإقناع.

 

ويشدِّد على أن القمع لا يؤدي إلى فرض سياسة معينة، وأن الإخوان اعتادوا على مثل هذه الممارسات منذ سنوات طويلة، وأثبتوا أنها لن تأتي معهم بفائدة.

 

كوادر جديدة

 الصورة غير متاحة

 د. أحمد ثابت

 ويشير الدكتور أحمد ثابت أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إلى أن المحاكمات العسكرية لن تؤثر على الإخوان حتى وإن طالت الأحكام كبار قيادات الجماعة السياسية أو الاقتصادية.

 

ويضيف: "الجماعة استمرت في أنشطتها في مجلس الشعب والرقابة البرلمانية، والمشاركة في المظاهرات والمناسبات الوطنية"، كما أن الجماعة هي أول من نزلت إلى الشارع لرفض الحرب الشرسة التي شنَّها الاحتلال الصهيوني على قطاع غزة، وسط تخاذل الموقف المصري وتواطئه أمام الجانب الصهيوني، وكذلك الحال فيما يتعلق بقضية المعابر.

 

واستطرد د. ثابت قائلاً: "في الوقت نفسه لم يتغير الخطاب السياسي للجماعة، ولم يقلَّ جرأةً، بل زاد في بعض الأحداث"، مشيرًا إلى أن النظام المصري أخطأ عندما ظن أن الاعتقالات والمحاكمات العسكرية لقيادات ورجال أعمال الجماعة ستؤثر ماليًّا على الإخوان بعد حجز أموالهم والاستيلاء عليها، مؤكدًا أن هذا لم يحدث، ولم يظهر أي خلل في الجماعة ماليًّا، وأثبتت الجماعة بأنشطتها أن هذا غير صحيح.

 

ويوضح د. ثابت أن الجماعة أصبحت أكثر سريةً وحرصًا في اجتماعاتها وهيكلها التنظيمي وصناعة القرار، مشيرًا إلى أن هذا أثبت أن للجماعة كوادرَ جديدةً، تستطيع العمل، ويمكنها حمل العبء بعد حبس القيادات.

 

وعن وجود الإخوان في الوسط الشعبي يقول ثابت: إن السلطة نجحت بأحكامها العسكرية في تخويف بعض الألسنة وإخراس ألسنة أخرى، ولكنها لم تستطع إخفاء تعاطف الشعب المصري مع المظلوم وتعاطف الشعب مع الإخوان؛ الجماعة التي لم يروا منها إلا كل خير، خاصةً في شكل المحاكمة وأسلوب إصدار الأحكام.

 

رب ضارة نافعة

 الصورة غير متاحة

 د. رفيق حبيب

 ويؤكد الدكتور رفيق حبيب المفكر القبطي أنه مهما كان تأثير المحاكمات العسكرية على الإخوان فإنه لم ولن يؤدي إلى إعاقة حركتها وانتشارها في المجتمع المصري، مشيدًا بأسلوب الجماعة في التعامل مع المحاكمات، ببذل الجهد والمال وتعويض أي خسائر قد تعود عليها من هذه الأحكام.

 

ويوضح أن الجماعة بذلت الكثير من المال والجهد حتى تظهر قويةً وغير متأثرة بالأحكام العسكرية، حتى وإن كان المحكوم عليهم من قيادات الجماعة ومتخذي القرار أو من أصحاب رؤوس الأموال التي يظن البعض أنها تضخُّ الأموال في الجماعة، مشيرًا إلى أن الجماعة استطاعت التكيُّف مع الأحكام كما استطاعت تجاوز سابقاتها من الأحكام العسكرية أيضًا.

 

ويضيف د. حبيب أن أحد أسباب النظام في المحاكمات العسكرية هو إقصاء الجماعة وإرهابها من العمل السياسي، خاصةً بعد نجاح 88 نائبًا منها في انتخابات مجلس الشعب، وهو الأمر الذي لم يتحقق أيضًا، وتعاملت معه جماعة الإخوان المسلمين بحكمة وذكاء؛ حيث شاركت الجماعة في انتخابات التجديد النصفي لمجلس الشورى، وخاضت معركة المحليات بقوة، ولم يرهب الاعتقال أو السحل والضرب قيادات الإخوان، ولم يبكوا على أحكام العسكرية، ولكن واجهوا الأمر بقوة وصمود.

 

ويشير إلى أن تعامل الإخوان مع الأحكام العسكرية سياسيًّا رفع من أسهمها ومشروعها ومستقبلها، مضيفًا أن الحكومة خطَّطت هذه الأحكام الجائرة لإرهاب المواطنين من الإخوان وتخويفهم مما قد يحدث لهم إذا انضموا إلى هذه الجماعة، وهو الأمر الذي لم يحدث أيضًا.

 

ويؤكد د. حبيب أن تخطيط النظام لضرب الجماعة استثمره الإخوان- بأفكارهم ورؤيتهم- بجذب كل من لديه روح نضالية وحب للوطن ورغبة في التضحية، بعدما أثبتت أنها الحركة النضالية الكبرى في مصر.

 

تعاطف الشعب

 الصورة غير متاحة

سعد عبود

 ويرى النائب سعد عبود عضو مجلس الشعب عن حزب الكرامة "تحت التأسيس" أن الإخوان كسبوا من المحاكمة العسكرية أكثر مما خسروا؛ فقد كسب الإخوان تعاطف الشعب المصري بكافة أطيافه ورموزه التي تحركت ضمائرها بعد الظلم الواقع على قيادات الجماعة في الأحكام الجائرة، خاصةً أن قيادات الجماعة المحكوم عليهم كانوا من المحبوبين داخل الصف الإخواني.

 

ويضيف أن الخوف من بطش الحكومة هو الذي دفع إلى عدم إظهار هذا التعاطف علنًا في الشارع المصري، مشيرًا إلى أن الشعب يعرف ما إذا كانت الأحكام ملونةً أو حقيقيةً، وهل صدرت عن جهة مستقلة أو جهة غير مستقلة، وهو ما أعطى هذا التعاطف الكبير مع الإخوان.

 

ويؤكد أن نجاح الإخوان في مجلس الشعب بـ88 نائبًا وتزوير بعض اللجان لمنع نجاح عدد أكبر منهم كان سببا رئيسيًّا في المحاكمات العسكرية، وأن تزوير انتخابات الشورى ومن بعدها المحليات وإرهاب الشعب واعتقال العشرات منهم.. هو السبب في عدم نجاح المزيد من الإخوان.

 

ويقول إن الإخوان أصروا على المباراة السياسية مع النظام، خاصةً في القضايا الكبرى، وأعلنتها صراحةً أنها لن تقول "تعبت"، مشيرةً إلى أن النهج مستمر، والفكر مستمر، ولن تقف عند أي ضغط مهما حدث.