أتقدم إليكم بأرق التهاني وأسمى الأمنيات بمناسبة عيد الفطر المبارك، راجيًا من المولى عز وجل أن يفك كربكم، ويفرج همومكم، ويخرجكم من سجون الظلم والطغيان، داعيًا سبحانه وتعالى أن ينقذ مصرنا الحبيبة من هؤلاء الظلمة والمفسدين؛ الذين أهلكوا الحرث والنسل، وأغرقوا الأبرياء في مياه البحار، وأحرقوهم في المسارح والقطارات، وأسكنوهم في العشوائيات تحت ظلال الجبال والصخور التي انهارت عليهم فقتلتهم وخرجت روحهم الطاهرة تشتكي إلى الله ظلم الظالمين وطغيان المفسدين.
لقد أكرمكم الله عز وجل واصطفاكم من عباده المؤمنين لتكونوا قدوةً ونبراسًا يقتدي به الحيارى والتائهون على طريق الدعوة والإيجابية والإصلاح؛ فأنتم في نعمة كبرى لا يعرف قدرها غيركم؛ لأنكم تعيشون في راحة وسكينة وأمن وسلام واطمئنان في خلوةٍ مع الرحمن؛ تقرءون القرآن الكريم وتتدارسونه فيما بينكم، وتتقربون إلى ربكم بالصيام والقيام والذكر والاستغفار.
أبعدكم الله عن هموم الدنيا وزينتها وزخارفها ونفاق المنافقين وكيد المتآمرين وحسد الحاسدين، وأدناكم منه سبحانه وتعالى ليسمع أصواتكم ومناجاتكم، وأنتم تدعون بالليل والنهار أن يفرج همكم وكربكم، وأن ينقذ أمتكم من الفتن والفرقة والخلاف، وأن ينصر إخوانكم المسلمين المحتلة بلادهم والمحاصرة مدنهم والمحترقة أجسادهم بفضل القنابل العنقودية والانشطارية.
فأنتم في نعمة عظيمة ومنحة كبيرة وشرف سيسجِّل التاريخ لكم هذا الصبر وذاك الثبات، وستحكي الأجيال القادمة لبعضها البعض عن صمودكم في وجه الظلم والطغيان، وستكونون نموذجًا يقتدي به من يريد السير في طريق الدعوة والإيجابية والإصلاح؛ لذلك أكتب إليكم بعض الكلمات التي أسأل الله العزيز أن تصل إلى قلوبكم قبل أسماعكم.
1- الدعوة الإسلامية اليوم في أشدِّ الحاجة إلى خبرتكم وأفكاركم، وخاصةً شباب الدعوة من المتحمسين والمتعجِّلين للنصر والتمكين؛ الذين يرون الباطل وهو ينتفش ويعلو صوته، ويزداد أعوانه ممن يفسدون في الأرض ويسعون فيها دمارًا وخرابًا، ومع ذلك لا يستطيع هؤلاء الشباب أن يفعلوا شيئًا، بل ويُطلَب منهم كتم البراكين الثائرة في صدورهم والصبر والدعاء.. هؤلاء الشباب يحتاجون منكم إلى رسائل أسبوعية أو شهرية ترسلونها إليهم، تُعينهم على الصبر والثبات؛ لأن الوضع لم يعد يُحتمَل.. الأمر جد خطير، والقلوب غاضبة، والدماء ثائرة تغلي في العروق.. تكاد تنفجر في أي لحظة، والمسكنات تستطيع أن تسكن الألم فترةً من الزمن ولكن الآلام أكبر بكثير من الاحتمال.
2- مصرنا الحبيبة تمر بمنعطف خطير، ويتحكم في مصيرها قلة من المنتفعين ذوي المصالح الشخصية والمنافع الدنيوية، لا يعرفون شيئًا سوى أنفسهم فقط، وعلى استعدادٍ لفعل أي شيء في سبيل زيادة نفوذهم وأموالهم وثرواتهم؛ فلا بد أن تُدلوا بدلوكم، وتقدموا لنا رؤية مستقبلية واضحة المعالم ومحددة المراحل والخطوات للنهوض بمصرنا الحبيبة.. رؤية تجمِّع ولا تفرِّق.. تكون قابلةً للتشاور والنقاش والحوار مع ذوي الرأي والفكر والمخلصين من أبناء هذا الوطن؛ تُعرَض بعد ذلك على الشعب وتُنشَر في كل مكان ليعرفها الجميع.. رؤية علنية ليقرر بعدها الجميع مصيرهم بأيديهم.
3- هذا النداء أوجِّهه إلى جماعة الإخوان المسلمين؛ التي تعد من أعظم وأعرق الجماعات الموجودة على الساحة الإسلامية؛ بما تحمل من مشروع إصلاحي يدعو إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة؛ أقول لهم: لقد ارتضيتم بحكم المحكمة العسكرية الجائر الظالم؛ التي حكمت على رموزكم وقادتكم بالسجن والاعتقال، وقلتم إن هذا هو قدركم ومن طبيعة دعوتكم وابتلاء من الله عز وجل ليختبركم وليمحِّص صفَّكم، وهذا كله ليس عليه خلاف ولا غبار عليه، ولكن كم من الإخوان وخاصة الشباب يعرف م. الشاطر وإخوانه هؤلاء الذين دفعوا الثمن غاليًا من حرياتهم وحرمانهم من ذويهم وأهلهم، مَن هم؟ ما طبيعة أعمالهم الدنيوية والدعوية؟ ما سيرتهم الذاتية؟ أين صورهم؟ من هم أبناؤهم؟ أشياء كثيرة لا بد أن تُعرَف عنهم، أنتم تتحاكون وتفاخرون بأجيالكم الأولى والرعيل الأول.. جميل.. ولكن أين هؤلاء؟ أليسوا في السجون والمعتقلات؟ أعتقد أن رسالتي وصلت؛ فالمثل والنموذج الحي يؤثر أكثر وأكثر.
كل عام وأنتم بخير وإلى الله أقرب، فرَّج الله كربكم، وفكَّ قيد سجنكم، ورزقكم الراحة والسعادة والطمأنينة والفردوس الأعلى مع الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام؛ رضوان الله عليهم جميعًا.
----------------
* عضو حملة الإيجابية والإصلاح[email protected]