ماذا تخط يا قلمي؟ وهل تستطيع أن تعبر عن القليل مما يعتمل في صدري وما يشعل خاطري؟! هيهات!!

مشاعر متباينة تملأ النفس، فتبث الشوق إلى الأحبة، وتنتقل إلى الفخر الشديد بالانتماء إليهم والسير في درب رسول الله صلى الله عليه وسلم ﴿إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدىً﴾ (الكهف: من الآية 13).. إلى الرثاء لتلك العصابة التي نست الله فأنساها أنفسها ﴿نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ﴾ (الحشر: من الآية 19).. ثم رسالة إلى أولاد وأهل تلك المجموعة التي كانت تحمل- وظلت وستظل تحمل- مشاعل الإصلاح، رغم ما واجهت وعانت، إلى أن تلقى الله وهو عنها راضٍ؛ بإذن الله ومشيئته.

 

إخواني الأحبة.. خيرت الشاطر، محمد بشر، محمود أبو زيد، أيمن عبد الغني، عصام حشيش، عصام عبد المحسن، حسن مالك، ضياء فرحات، مدحت الحداد، أحمد أشرف، فريد جلبط، صلاح الدسوقي، أحمد شوشة، فتحي بغدادي، مصطفى سالم، ممدوح الحسيني، صادق الشرقاوي، أسعد الشيخة، سيد معروف..

 

إليكم جميعًا عمق حبي واحترامي وتقديري مع أشواقي، ولم تكن الأسوار يومًا ما حائلاً بيني وبينكم؛ فأنتم في سويداء القلب.. كيف لا وقد عايشتكم وتعاملت معكم؟ فكنتم دائمًا أبدًا عونًا على الخير.. مُثُلاً عليا؛ بحسن أخلاقكم، وجميل شمائلكم وسجاياكم.. تعلمت منكم الكثير، ونهلت من فيض عطائكم رصيدًا طيبًا، سيظل دائمًا أبدًا واقعًا في طريق الحق؛ فجزاكم الله عني كل الخير والفضل، وثقوا أحبتي أن الله يرعاكم ويكلؤكم ويثبت أقداكم ﴿إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾ (محمد: من الآية 7).

 

أذكركم في كل وقت وحين ومع غروب كل شمس ترتفع الأكفُّ ضارعةً إلى الله؛ أن يجزيكم عما قدمتم، وأن يربط على قلوبكم، ويجمعنا وإياكم على محبته وطاعته، وأن يوحِّدنا في سبيل نصرة شريعته، وأن يُديمَ علينا فيه محبتنا، وأن يهديَنا سواء السبيل.

 

ما أجمل وما أعظم تلك الرابطة في الله!! وما أعلى معالم تلك الأخوَّة التي جمعت بيننا على غير أنساب بيننا!! فأفرزت هذا الميثاق المتين، وأوجدت علاقةً قلَّ أن يجود زمانُنا بمثلها، وإنها لباقية بإذن الله إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

 

إخوتي.. أصدر عبد الناصر أحكامًا بالإعدام على الكثير من الإخوان، لا يزال بعضهم على قيد الحياة؛ يدعو إلى الله على بصيرة، مستمدًّا العون من خالق الكون وبارئه، أما عبد الناصر وقد أفضى إلى ما قدَّم وحسابه عند الله، ينوء بظلمه وبجرمه، كلي يقين وكلي ثقة أنكم أهلٌ لهذا الابتلاء "وإنما يُبتلى الأمثل فالأمثل" وإنكم ستكونون مُثُلاً ساميةً للأجيال، تنحو نحوكم، وتستمد من سيرتكم عبقها وعطرها، فجزاكم الله خيرًا.

 

أما جلاَّدُكم فحسابه عند الله، وثقوا ﴿إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنْ اللَّهِ مَا لا يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (104)﴾ (النساء: من الآية 104) لقد تركتم الأهل والأولاد وديعةً عند من لا تضيع عنده الودائع.. تركتموهم في كنف الله، وما أطهره من محضن!! فثقوا أن الله سيجزيكم خيرًا كثيرًا.. ولقد كانت لنا من تجاربنا السابقة ما يؤكد ذلك ويزكِّيه.

 

لقد تركتم بيوتكم عامرةً بالإيمان.. أبناء بررة.. وزوجات كريمات.. أثبتوا للعالم أجمع أنهم أكرم عند الله من أن يضنَّ عليهم بفضله وكرمه..

 

تحياتي إلى الأسر الكريمة الفاضلة الصابرة المحتسبة، وإن دمعةً تنزل من عينَي طفل بريء "حيل بينه وبين والده لا لشيء إلا لأنه دعا إلى الله" لكفيلة بأن تنال من الظالم وتكون سائقة إلى جهنم.

 

صبرًا أيها الكرام؛ فلن يتركم الله أعمالكم، وسوف تمر الأيام ويتنزَّل عليكم فضل الله وغوثه ورحمته، وسوف تكون هذه ذكريات عطرة تتندَّر بها الأجيال في فخر وعزة، أما بالنسبة للظالمين فإنها ستكون أسواطًا تلهب الظهور، وتذكِّر بماضٍ مليء بالشرور والآثام، فشتان بين صورة وصورة، وحال وحال!!.

 

دعواتي لكم بدوام الرضا وثبات اليقين وحسن الظن بالله، وأسأل الله ألا يتركم أعمالكم، وأن يرضَى عنكم في حلكم وترحالكم، وأن يثبت أقدامكم، وأن ينصركم على القوم الظالمين.. ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ (آل عمران: 200).

--------

عضو مكتب الإرشاد.