أولاً: يؤكد القرآن الكريم أن هذا الأسلوب الباطش الظالم هو ابتلاءٌ من الله؛ ليعلم الله الذين صدقوا ويُخزيَ الفاسقين؛ فهو من جهة الظالمين مكرٌ قديمٌ، ومن ناحيتنا ابتلاءٌ لنا، يدفع ثمن الصبر عليه طليعةٌ للإخوان المسلمين في كل زمان ومكان؛ ليس نيابة عن إخوانهم فقط بل نيابة عن الأمة كلها؛ لأنهم يقفون في وجه الظلم والاستبداد والفساد وانتهاك حقوق الإنسان.. أي إنسان وكل إنسان.

 

ولنا جميعًا في رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم الأسوة الحسنة ﴿وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (30)﴾ (الأنفال).

 

فماذا كان عاقبة مكرهم؟ لقد باؤوا بالخزي والعار، ولم يحدث أن تفرَّق دمه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم في القبائل كما كانوا يخطِّطون، بل نجا صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم؛ (أنجاه الله)، وانتصرت الدعوة (نصرهم الله) وانتشر الإسلام، ونحن فقط نستر القدرة ونأخذ الأجرة وإلا ﴿إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ﴾ (التوبة من الآية 40) ﴿وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ﴾ (محمد: من الآية 38) وإلا ﴿فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾ (المائدة: من الآية 54).

 

ثانيًا: رسالة إلى الإخوة الصامدين المحتسبين.. اصبروا حتى يحكم الله؛ فإن كان هؤلاء قد ظلموكم فقد ظلموا إخوة لكم من قبل ﴿فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (146) وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلاَّ أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (147) فَآتَاهُمْ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (148)﴾ (آل عمران)، ومنهم من أكرمهم الله بسباق الابتلاء ﴿الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمْ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ (172)﴾ (آل عمران)، وأنتم الآن تدفعون ضريبة مواجهة الظلم والفساد ورفع راية الإسلام راية الحق والعدل والحرية وأجركم عند الله عظيم.

 

ولا شك أنه يوم صعب وشديد علينا وعليكم، ولكن والله الذي لا إله إلا هو إن يوم المظلوم على الظالم لأشدّ مئات المرات من يوم الظالم على المظلوم وإنا لمنتظرون.

 

ثالثًا: رسالة إلى أهل إخواننا الأحباب.. نعلم أن الابتلاء مضاعف، ولكن الأجر بإذن الله على قدر الابتلاء، وإنه لفخرٌ وعزٌّ وشرفٌ أن تمثَّل عائلاتُكم في هذا الرهط الكريم، الذين لا نزكيهم على الله، وسيأتي اليوم القريب بإذن الله الذي ترون فيه كيف كان هذا الابتلاء رفعًا لدرجاتكم، وكيف كان خزيًا وندامةً لكل من شارك في ظلمكم ﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ﴾ (الشعراء: من الآية 277).

 

ويكفيكم اطمئنانًا قول ربنا عز وجل في حديثه القدسي عن دعائكم: "وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين"، ونحن على يقينٍ من ذلك وإنا لمنتظرون، ونسأل الله أن يبارك فيكم وفي الأصول والفروع لكل إخواننا، ويردَّهم سالمين غانمين.

 

رابعًا: رسالة لجمع الإخوة والأخوات.. إخوانكم يحملون عنكم عبء الصف الأول في مواجهة الظلم، ووجب عليكم أن تخلفوهم؛ ليس في أهليهم وأولادهم فقط، ولكن أيضًا في دعوتهم وواجباتهم وتكاليفهم؛ فضاعِفوا الجهد ﴿وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ﴾ (محمد: من الآية 35).

 

خامسًا: رسالة إلى المجتمع المصري كله.. إخوتي وأخواتي المواطنين المصريين، إن الإخوان المسلمين، وخاصةً المحالين منهم للمحاكم العسكرية، إنما صدرت ضدهم هذه الأحكام الجائرة، ليس لأنهم أصحاب مطامع دنيوية أو مقاصد شخصية، ولكن لأنهم يدافعون عن حرية كل المواطنين وعن رسالة الإسلام الخالدة التي يريدون أن تظلّل بالحق والعدل كل من على أرض مصرنا الحبيبة، مهما كانت عقائدهم وانتماءاتهم، وما جاء أحد بمثل ما جاءوا به إلا عاداهم أصحاب المصالح والأهواء الفاسدة ﴿وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾ (الحج: من الآية 40).

 

أما الرسالة الأخيرة فهي لكل من شارك في ظلم هؤلاء الإخوة وعائلاتهم.. والله إنا لنشفق عليهم مما يتعرَّضون له من انتقامِ الله عز وجل لعباده "إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته" فلا يغرنَّكم حلم الله؛ فهو سبحانه حليم ولكن أخذه أليمٌ شديدٌ، ويكفي أن تسمعوا عن امرأة اسمها "سندي" جاءت من على بُعد آلاف الأميال لنصرة الإخوان المظلومين؛ لتُقيم الحجة عليكم، ونحن وإياكم سنختصم بين يدي الله عز وجل، وهو الذي سيحكم بيننا وهو خير الحاكمين.

-------

* عضو مكتب الإرشاد.