أكد ممثلو حقوق الإنسان ومديرو منظمات المجتمع المدني في مصر أنهم يرفضون أي أحكام عسكرية تصدر بحق قيادات الإخوان المسلمين المحالين للمحكمة العسكرية، والتي من المنتظر أن يتم النطق فيها بالحكم في جلسة الثلاثاء 26 فبراير الجاري، مشددين على أن محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري مخالف للدستور المصري، والمادة 14 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، ويتعارض مع شرعية استقلال السلطة القضائية في مصر.

 

وأعلنوا جميعًا تضامنهم الكامل مع كل المدنيين المحالين للمحكمة العسكرية، كما أعلنوا رفضهم لأي أحكام تصدر بحق هؤلاء المدنيين، مؤكدين أنه تعدٍ على حقوقهم وانتهاكٌ لإنسانيتهم، خاصة وأن كافة الاتهامات التي وُجهت إليهم اتهامات جنائية وليست عسكرية.

 

وهددوا باللجوء إلى الأمم المتحدة والمجتمع الدولي حال صدور أحكام ضد المحالين للعسكرية، وفضح كافة التجاوزات والانتهاكات التي يتعرض لها المصريون وفي مقدمتهم جماعة الإخوان المسلمين، التي تتعرض للقمع والاعتقالات من جانب النظام، لا لشيء سوى أنهم يطالبون بالإصلاح!!.

 

وقال ممثلو حقوق الإنسان ومديرو منظمات المجتمع المدني: لدينا تقارير كاملة سنعلن عنها عقب جلسة النطق بالحكم في العسكرية، وسننشرها في وسائل الإعلام المحلية والإقليمية والدولية لكشف ما تتعرض له مصر من انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان.

 

لماذا؟!

 الصورة غير متاحة

حافظ أبو سعدة

في البداية أدان حافظ أبو سعدة الأمين العام للمنظمة المصرية لحقوق الإنسان في مصر محاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية؛ لأنه أمر مخالف للدستور المصري، والمادة 14 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، ويتعارض مع شرعية استقلال السلطة القضائية في مصر .

 

وأشار أبو سعدة إلى أن الاتهامات الموجهة لقيادات جماعة الإخوان المسلمين ليست لها علاقة من قريب أو بعيد بالمحاكم الاستثنائية أو العسكرية، وأن الاتهامات جميعها جنائية بحتة، فلماذا يُحاكمون أمام المحاكم العسكرية حتى وإن كانت هذه الاتهامات صحيحة؟!.

 

وأكد الأمين العام للمنظمة المصرية لحقوق الإنسان أن المنظمة ليس لديها ثقة في استقلال الحكم في هذه المحاكمات؛ والسبب أن القاضي معين بواسطة وزير الدفاع "أحد أعضاء السلطة التنفيذية".

 

وأضاف أن تقرير الاتحاد الأوروبي لحقوق الإنسان في مصر انتقد محاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية، واعتبرها بمثابة انتهاك قوي لحقوق الإنسان، لافتًا إلى أن المنظمة المصرية لحقوق الإنسان لديها تقرير كامل عن المحاكمات العسكرية، يتضمن تقييمًا كاملاً وشاملاً عن المحاكمات العسكرية من خلال رصدها لسير ومتابعة جلسات المحكمة لحظة بلحظة.

 

وكشف أبو سعدة أنه في حالة الحكم ضد المدنيين أمام هذه المحاكم العسكرية سوف تقوم المنظمة بنشر هذا التقرير في مصر، وسوف تصعِّد الأمر للمجتمع الدولي والأمم المتحدة؛ خاصة وأن المنظمة لديها صفة استشارية في الأمم المتحدة.

 

انتهاك صريح

 الصورة غير متاحة

بهي الدين حسن

وأكَّد بهي الدين حسن مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان أن المحاكمة العسكرية للمدنيين تشكِّل انتهاكًا صريحًا لحقوق الإنسان وكافة المعايير الدولية الخاصة بمقتضيات المحاكمة العادلة، وقال "إذا أراد النظام أن يحاكم هؤلاء المدنيين فلتكن المحاكمة أمام محاكم مدنية".

 

وتساءل مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان: "هل الجرائم التي ارتكبها هؤلاء المدنيين ارتُكبت في زمن الحرب؟! وإذا لم يكن ذلك فلماذا إذًا المحاكم العسكرية؟!"، مؤكدًا أن أغلب دول العالم الآن تحاكم العسكريين أمام محاكم مدنية، فهل من المعقول أن يحاكم مدنيون أمام العسكرية؟!.

 

وأعرب حسن عن رفضه المطلق للمحاكمات العسكرية؛ لأنها منافية لمعايير حقوق الإنسان, مشيرًا إلى أن مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان يرفض مسبقًا كافة ما يترتب على المحاكمة العسكرية من أحكام, مطالبًا بمحاكمة هؤلاء المدنيين أمام المحاكم المدنية إن كانت- في الأصل- الاتهامات الموجَّهة إليهم اتهامات حقيقية.

 

غير عادلة

 الصورة غير متاحة

نجاد البرعي

وشدَّد نجاد البرعي رئيس جمعية تنمية الديمقراطية لحقوق الإنسان في مصر على عدم جواز المحاكمات العسكرية حتى وإن كانت محاكمةً عادلةً، وقال: "يجب أن نفرِّق بين شرعية المحكمة وعدالتها".

 

وأكد البرعي أن العالم كله يشهد على انتهاك حقوق الإنسان في مصر، وأن المحاكمات العسكرية هي استمرارٌ لانتهاك هذه الحقوق، مشيرًا إلى أن منظمات حقوق الإنسان ستكتفي فقط بإصدار بيانات أو تقرير متابعة المحاكمة والشجب والتنديد بما يحدث فقط، ولكن لن يستجيب أحد، ولا حياةَ لمن تنادي!!.

 

وتساءل البرعي: هل فعلاً مصر تريد تطبيق حقوق الإنسان؟ أم كل ما يحدث مجرد هراء؟!.

 

أوامر عليا

ووصف المستشار مرسي الشيخ رئيس مركز العدالة والحرية والديمقراطية في مصر المحاكماتِ العسكرية بأنها عدوان صريح على استقلال القضاء المصري، وإهانةٌ كاملةٌ له، وإعلانٌ من الحكومة بعدم الثقة في هذا القضاء الذي يتمتع بضمانات أساسية تجاه المدنيين، مشيرًا إلى أن إحالة بعض القضايا لأية محاكم استثنائية- وبصفة خاصة قضايا الإخوان- هو إعلانٌ واضحٌ بأن الدولة لا تثق في قضائنا.

 

وأكَّد الشيخ أن هذا أمر خطيرٌ لن يحمدَ النظامُ عقباه، موضحًا أنه كان يتحتَّم على وزير العدل والحكومة أن تحتجَّ على قرارات السلطة التنفيذية التي تصدر بواسطة رئيس الجمهورية طالما قال: "إن لدينا قضاء شامخ ومستقل"، ولكن يبدو أن الواقع غير ذلك، على حد قوله.

 

وقال: "نحن نكتفي فقط بتحويل القضايا التافهة إلى القضاء المصري الشامخ، أما القضايا ذات الأهمية فيتم تحويلها إلى المحاكم العسكرية، مشيرًا إلى أن المحكمة العسكرية لا تتمتع بالاستقلال التام؛ لأنهم ينفذون أوامر الرتب العليا، وهذا شأن النظام العسكري: السمع والطاعة وتنفيذ الأوامر".

 

وأضاف الشيخ أن الضباط العسكريين ليسوا متخصصين في القضاء، ولا يتمتعون بخبرات قانونية كبيرة مثلما يتمتع بها القضاء الطبيعي، منتقدًا حرمان بعض المحامين والشخصيات العامة وممثلي المجتمع المدني من حضور ومتابعة جلسات المحاكمة، والتي من المفترض أن تكون محاكمةً علنيةً.

 

وأكَّد أن مهزلة المحاكمات العسكرية للإخوان المسلمين تمثِّل انتهاكًا لحقوق المحالين إليها وأسرهم على حد سواء؛ لأن للمواطن المدني حقَّ المحاكمة المنصفة أمام قضاء طبيعي.

 

وأوضح أن اختيار القاضي بواسطة السلطة التنفيذية أمر يثير الريبة في إنصاف المحكمة قائلاً: "نحن في انتظار الحكم، وسيكون لنا رأي وليس تعليقًا؛ لأننا ممنوعون من التعليق على الأحكام إلا من خلال محاكم الدرجة الثانية باعتبارها قضية عامة، ونستغل ما بين أيدينا من صلاحيات، سواءٌ بإصدار بيانات أو تقارير تندد بمحاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية أو استثنائية، أو من خلال وقفات احتجاجية أمام دار القضاء العالي ومجلس الشعب وكل الأجهزة المختصة رفيعة المستوى، مؤكدًا أن المجتمع المدني لا بد أن يقوم بدوره بكافة السبل والوسائل المتاحة لديه حتى تعود السلطة التنفيذية إلى رشدها".

 

براءة الإخوان

 الصورة غير متاحة

 محمد زارع

وتحدث محمد زارع مدير جمعية حقوق الإنسان لمساعدة السجناء والمؤسسة العربية للإصلاح الجنائي قائلاً: ليس للمحاكمة العسكرية مسمى سوى أنها انتقاص للعدالة، وهذه محاكمة تفتقد إلى معايير المحاكمة العادلة المعروفة لدى العالم أجمع، وتتضمن إساءة قوية للقضاء المصري.

 

فمحاكمة إنسان أمام قضاء استثنائي أو قضاء عسكري لا يُعطى للمتهم وأهله الضمانات الكافية في الحكم؛ خاصة وأن الأحكام العسكرية عادة ما تكون قاسية؛ لأنها تكون أوامر عليا من النظام.

 

وأوضح زارع أن من يُحَاكم أمام المحاكم العسكرية هم العسكريون فقط، أو المدنيون الذين ارتكبوا جرائم في مواقع عسكرية، أو المدنيون المشتركون مع عسكريين في قضايا معًا، مؤكدًا أنه كمحام يرفض الحضور أمام القضاء العسكري؛ لأنه ببساطة شديدة لا يثق في المحاكمات العسكرية؛ لأن كل ضمانات المحاكمة العادلة لا تتوفر فيها.

 

وأشار زارع إلى أن المنظمات الحقوقية تحضر الجلسات كمراقبين رغم كل المضايقات, وهذه هي الصلاحيات التي بين أيديها، وأنها لا تملك سوى الشجب والتنديد ونشر التقارير التي توضح ما تم في المحاكمات العسكرية من انتهاكات، لافتًا إلى أن المنظمات الحقوقية في مصر صغيرة وفقيرة تناضل من أجل الحصول على بعض الشرعية, وإعلاء كلمة حق.

 

واختتم زارع حديثه قائلاً: أتمنى من القضاء العسكري أن يخيب ظننا، ويبرئ جميع المحالين للمحكمة بلا استثناء.