كشفت مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان، أمس الأحد٬ عن توثيقها لعبور أربع طائرات شحن عسكرية المجال الجوي لشبه جزيرة سيناء على ارتفاعات منخفضة للغاية فوق منطقة القسيمة، قبل أن تخترق الأجواء المصرية باتجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وتقع منطقة القسيمة في المنطقة "ج"، وهو الجزء الذي يحظر فيه طيران الطائرات المصرية بحسب اتفاقية كامب ديفيد التي وقعت مع الاحتلال الصهيوني.
ووفقًا للمؤسسة، فإنه يُعتقد أن هذه الطائرات اتجهت إلى قاعدة "رامون" الجوية العسكرية الصهيونية الواقعة في صحراء النقب، والتي تبعد حوالي 20 كيلومترًا عن الحدود الدولية مع مصر. وجاءت هذه العمليات الجوية يومي الثاني والثالث من مارس الجاري، استنادًا إلى مواد مصورة حصرية حصلت عليها المؤسسة.
وأشارت المؤسسة إلى أن الطائرات المشار إليها تعمدت إخفاء إشاراتها الرادارية، مما حال دون تحديد الدولة المالكة لها عبر مواقع تتبع حركة الطيران مفتوحة المصدر.
غير أن تحليل الصور المتوفرة يشير إلى أن الطائرات على الأرجح من طراز "C-27"، وهو طراز مخصص لنقل الشحنات العسكرية ويُستخدم على نطاق واسع في العمليات التكتيكية.
شهادات محلية
على الرغم من غياب أي بيانات رسمية من الأطراف المعنية، فقد كشفت مقابلات أجراها فريق المؤسسة مع أربعة شهود عيان من السكان المحليين المقيمين في مناطق قريبة من الحدود المصرية الصهيونية، عن استمرار النشاط الجوي لطائرات الشحن العسكرية خلال النصف الأول من شهر مارس.
وأفادت الشهادات بأن تحليق هذه الطائرات على ارتفاعات منخفضة كان نمطًا متكررًا.
جسر جوي عسكري
تشير القرائن المتوفرة إلى أن هذا التحرك الجوي المكثف، الذي سبق استئناف الاحتلال الصهيوني لعملياته العسكرية في قطاع غزة في 18 مارس الجاري قد يكون جزءًا من جسر جوي عسكري يُستخدم لنقل العتاد والمعدات استعدادًا للمرحلة الثانية من الحرب.
وفي هذه الحالة، فإن عبور تلك الطائرات للأجواء المصرية قد يمثل خرقًا لحكم محكمة العدل الدولية في لاهاي الصادر في يناير 2024، والذي يمنع الإبادة الجماعية في غزة ويلزم جميع الأطراف، بما في ذلك الأطراف غير المتحاربة، باحترامه.
دأبت سلطات الانقلاب في بياناتها الرسمية على تبرير السماح بعبور سفن حربية صهيونية أو سفن تنقل شحنات أسلحة عبر قناة السويس، مستندة إلى التزاماتها بموجب اتفاقية القسطنطينية لعام 1888، التي تعتبر القناة ممرًا مائيًا دوليًا.
لكن، وفي ظل هذا التبرير القانوني، يُطرح سؤال مشروع: ما هو الأساس القانوني لعبور طائرات شحن عسكرية إلى الاحتلال الصهيوني عبر الأجواء المصرية فوق سيناء؟
فبعكس قناة السويس، لا يُعتبر المجال الجوي المصري ممرًا دوليًا مفتوحًا، بل هو جزء من السيادة الوطنية الخاضعة لرقابة الدولة.
وتساءلت مؤسسة سيناء: إذا كانت مصر تلتزم بالمعاهدات الدولية في البحر، فكيف تفسر تجاهلها لأبسط قواعد الحياد عندما يتعلق الأمر باستخدام أجوائها في دعم عمليات عسكرية من المرجح أن تُستخدم فيها تلك الشحنات لارتكاب جرائم ضد المدنيين في قطاع غزة؟
ومنذ استئناف الاحتلال الصهيوني عدوانه الغاشم على قطاع غزة أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة أن قوات الاحتلال استهدفت 675 فلسطينيًا وأصابت 1233 آخرين، غالبيتهم من النساء والأطفال.
ويأتي هذا التصعيد، الذي أكدت تل أبيب تنفيذه بتنسيق كامل مع واشنطن، كأكبر انتهاك لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة، والذي امتنع الاحتلال عن تنفيذ مرحلته الثانية بعد انتهاء المرحلة الأولى مطلع شهر مارس الجاري.
وبدعم أمريكي مباشر، يواصل الاحتلال منذ السابع من أكتوبر 2023 تنفيذ عمليات عسكرية مكثفة في غزة، أسفرت عن استشهاد أكثر من 163 ألف شهيد وجريح فلسطيني، معظمهم من الأطفال والنساء، بالإضافة إلى أكثر من 14 ألف مفقود.