شكل نظام الانقلاب من خلال ما يسمى صندوق مصر السيادي لجنة لحصر جميع الشركات الحكومية قبل ضمها إليه تمهيداً لطرحها للبيع لمستثمرين أجانب أو محليين، وذلك استباقاً لقرار صندوق النقد الدولي المقرر يوم 10 مارس الجاري بشأن الموافقة على الشريحة الرابعة من القرض. وكشف صندوق النقد الدولي، في أغسطس/آب الماضي، عن استهداف مصر بيع أربعة أصول خلال العام المالي 2024/2025 بنحو 3.6 مليارات دولار.

 

وأنهت حكومة الانقلاب خلال السنة المالية 2023/2024 صفقات بيع أصول مملوكة للدولة بقيمة 2.2 مليار دولار، وهو ما جاء أقل من القيمة المستهدفة التي تبلغ نحو 2.8 مليار دولار. وأكد الصندوق حينها أن الحكومة ملتزمة بتعويض الفرق خلال فترة قرض الصندوق لتحقيق نحو 8.7 مليارات دولار، الذي حُدّد وقت الموافقة على القرض لبيع الأصول. ويبدأ العام المالي بداية يوليو من كل عام، وينتهي في 30 يونيو من العام التالي.

 

ونقلت صحيفة البورصة المحلية عن مصادر لم تذكر اسمها، السبت، أن الحصر سيشمل شركات قطاع الأعمال، وكذلك المملوكة لبنك الاستثمار القومي وجهات أخرى. وأضافت المصادر أن اللجنة ستبدأ أولاً بتصنيف الشركات من الأسهل للضم إلى الأصعب على حسب الإجراءات المطلوبة، وذلك في محاولة لتسريع وتيرة أعمال الحصر قبل ضمها إلى صندوق ما قبل الطروحات، التي من المقرر الانتهاء منها بنهاية الربع الثاني من العام الجاري.

 

وتأسس صندوق مصر السيادي عام 2018 برأس مال يُقدر بنحو 12.7 مليار دولار، فيما يدير أصولًا تصل قيمتها إلى 637 مليون دولار، كما يتبع الصندوق أربعة صناديق فرعية تعمل في مجالات متنوعة.

وأسس صندوق مصر السيادي صندوقاً فرعياً تُجهّز من خلاله الحصص المقرر طرحها على المستثمرين عبر لجنة الطروحات الحكومية، بقيمة محفظة تتراوح بين خمسة مليارات وستة مليارات دولار، وله حق الوكالة في إدارة طرح الحصص. وتحتوي قائمة الشركات التي ضمّها الصندوق: الوطنية للمشروعات الإنتاجية "صافيط، ومصر لتأمينات الحياة، والمصرية لإنتاج الألكيل بنزين الخطي "إيلاب"، والشركة الوطنية لبيع المنتجات البترولية "وطنية"، بالإضافة إلى "بنك القاهرة"، والصالحية للاستثمار الزراعي، وإيثيدكو، بالإضافة إلى الحفر المصرية.

مصر على أجندة اجتماع صندوق النقد

 

في السياق، يجتمع المجلس التنفيذي للصندوق يوم الاثنين 10 مارس. ويتضمن جدول الأعمال، وفقاً لنشرة إنتربرايز الاقتصادية المحلية اليوم الأحد، طلبات مصر بتخفيف بعض الشروط أو تأجيل الجداول الزمنية الخاصة بأهداف معينة ضمن الاتفاقية، إلى جانب تمويلات جديدة في إطار مرفق الصلابة والاستدامة. ومن المقرر أن يوقع صندوق النقد الدولي على المراجعة الرابعة لبرنامج قرض مصر البالغ ثمانية مليارات دولار لصرف شريحة تقدر بنحو 1.2 مليار دولار.

 

وقالت مديرة إدارة التواصل في الصندوق جولي كوزاك، الشهر الماضي، إن صندوق النقد الدولي يخطط لكشف النقاب عن اتفاقية قرض جديدة لمصر ستُطرح على مجلس إدارته للمصادقة عليها. وقالت كوزاك في تصريح لصحافيين في واشنطن إن "المجلس التنفيذي للصندوق سينظر في حزمة إصلاحات في إطار مراجعة رابعة لبرنامج مصر".

 

ووقع نظام الانقلاب في مارس الماضي اتفاقاً يشمل حزمة إصلاحات مالية، تحصل بمقتضاها على قرض تقدر قيمته بثمانية مليارات دولار من صندوق النقد الدولي، وذلك بعد شهر من إبرامه اتفاقاً مع صندوق ثروة سيادي في الإمارات، ضمنت بموجبه 24 مليار دولار جديدة، لإقامة مشروع استثماري عقاري على ساحل البحر المتوسط. وتوصل صندوق النقد وحكومة الانقلاب في ديسمبر الماضي إلى اتفاق على مستوى الخبراء بشأن المراجعة الرابعة لبرنامج القرض.

 

وأشار صندوق النقد الدولي في المراجعة إلى أن الموازنة العامة لمصر من المتوقع أن تحقق فائضاً أولياً بنسبة 4% خلال العام المالي 2025/2026، على أن يرتفع إلى 5% في 2026/2027، ما يعكس تحسناً في الأداء المالي للدولة. كما لفت الصندوق إلى أن الحكومة المصرية واصلت تنفيذ السياسات الاقتصادية الهادفة إلى تحقيق الاستقرار رغم التحديات الإقليمية التي أثرت على إيرادات قناة السويس.

وفقد الجنيه المصري، عقب إعلان البنك المركزي تحرير سعر الصرف في السادس من مارس الماضي، نحو 40% من قيمته مقابل العملات الرئيسية في 2024، متراجعاً من نحو 30.95 جنيهاً للدولار في نهاية عام 2023 إلى 50.95 جنيهاً للدولار عقب التعويم، بينما يدور حاليا حول 50.68 جنيها للدولار.

 

ويعاني المصريون من موجة غلاء معيشة وتضخم مستمرة بسبب تداعيات برنامج الإصلاح الاقتصادي المتفق عليه مع صندوق النقد الدولي. وتراجع الحد الأدنى للأجور في مصر بما يزيد على 55 دولاراً، حيث كان يعادل 194 دولاراً عند رفعه إلى ستة آلاف جنيه في مارس 2024، حين كان الدولار يساوي نحو 30.90 جنيهاً، مقابل 50.68 جنيهاً في البنوك حالياً.

 

وتشير الأرقام الرسمية إلى ارتفاع دين مصر الخارجي إلى نحو 155.2 مليار دولار بنهاية سبتمبر 2024، بزيادة 2.3 مليار دولار خلال ثلاثة أشهر، علماً أن الدين كان لا يتجاوز 46 مليار دولار في عام 2014. وزادت ديون مصر جراء إنفاقها الضخم على تمويل ما يعرف بـ"المشاريع القومية"، على غرار العاصمة الإدارية الجديدة والقطار الكهربائي السريع والمونوريل، فضلاً عن التوسع في صفقات شراء الأسلحة من الولايات المتحدة وأوروبا، ودعم العملة المحلية.