بدأ نظام الانقلاب عمليات تسريع لبيع أصول ضخمة للدولة في مصر، قبل بدء ما يسمى "الحوار الوطني".

وأعلنت شركة موانئ أبوظبي الجمعة الماضية، استحواذها على 70% من شركة إنترناشونال أسوسييتيد كارجو كاريير "IACC المصرية والتي تمتلك بالكامل شركتين مصريتين هما: "ترانسمار" وهي شركة إقليمية لنقل الحاويات في البحرين المتوسط والأحمر والخليج العربي وشرق أفريقيا، و"ترانسكارجو"، المشغل الحصري لشحن وتفريغ الحاويات في ميناء الأدبية المهم بالسويس، مقابل 140 مليون دولار.

أسس الشركتين العملاقتين في مجال النقل البحري المصري، مصطفى الأحول، في أواخر السبعينيات. أما شركة ADQ القابضة الإماراتية والتي تتبعها شركة "موانئ أبوظبي" فيرأسها الشيخ طحنون بن زايد شقيق رئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد، والتي سبق وأن أعلنت نهاية مايو الماضي أنها خصصت 10 مليارات دولار للاستثمار في كل من مصر والأردن.

وقالت مصادر مصرية خاصة، لـ"العربي الجديد" إن استحواذ الشركة الإماراتية على شركتي النقل البحري العملاقتين، يعتبر استمراراً لسياسات إماراتية رسمية تهدف للسيطرة على الأصول المصرية الرابحة والتي يتمتع بعضها بطابع استراتيجي، مثل الموانئ وشركات الشحن والتفريغ، التي تمنح المالك سيطرة ونفوذا على مجالات واسعة داخل الأراضي المصرية".

وأشارت المصادر، التي رفضت ذكر اسمها، إلى أن "الأزمة الاقتصادية العنيفة التي تمر بها مصر، بسبب حرب روسيا في أوكرانيا، والتي أثرت بشكل كبير على مواردها من العملة الصعبة، دفعت النظام السياسي الذي يخشى من أن تهدد الأزمة استقراره وبقاءه في السلطة، إلى بيع أصول من ممتلكات الدولة تقدر بعشرة مليارات دولار سنوياً لمدة أربعة أعوام".

وقالت المصادر إن "أحد الأهداف الرئيسة من "الحوار الوطني" الذي دعا إليه الرئيس السيسي في أبريل الماضي، كان توريط بعض الأطراف السياسية في كارثة التنازل عن الأصول المصرية الفريدة مثل الموانئ وغيرها، عبر الإيحاء بأنها كانت شريكة في اتخاذ القرارات السياسية المهمة، لكن الحقيقة أن الحكومة لم تنتظر انعقاد الحوار، وشرعت في تنفيذ صفقات البيع، دون انتظار مخرجاته".

وكان حزب "الكرامة" وهو أحد الأحزاب التي أعلنت مشاركتها في "الحوار السياسي" قد دعا السلطة الحالية، لاستغلال "الحوار الوطني" للاستماع إلى آراء المختصين من كافة الاتجاهات حول الإصلاح الاقتصادي بطرق أخرى غير اللجوء لبيع أصول البلد، التي قال إنها "ملك الشعب لا الحكومة"، و"ألا تعتبر هذا الحوار مجرد غطاء لتمرير تلك الخطة".

وفي 27 يونيو الماضي عرض هشام توفيق وزير قطاع الأعمال العام بنظام الانقلاب، عددًا من الفرص الاستثمارية وخاصة في مجال التطوير العقاري على وفد من رجال الأعمال والمستثمرين السعوديين كان يزور مصر.

ووفقاً لبيان للوزارة عرض الوزير عددا من الفرص ومنها: "متنزه حديقة الميريلاند وقصر غرناطة بمصر الجديدة، وأرض شركة الحديد والصلب (تحت التصفية) في حلوان وأرض تابعة لشركة الدلتا للصلب بمسطرد، وفرص للاستثمار في قطاع الفنادق، ومنها فندق "غراند كونتيننتال" التاريخي بالقاهرة الخديوية، كما طرح حصة نحو 20-30% من شركة مشروع يتضمن بعض الفنادق المتميزة في القاهرة والإسكندرية وأسوان والأقصر.

وتخطط الحكومة لإدراج 10 شركات حكومية وشركتين تابعتين للقوات المسلحة في البورصة المصرية هذا العام، وفق ما قاله رئيس الوزراء مصطفى مدبولي.

كما تخطط لطرح عدد من الموانئ والفنادق، حيث سيجري دمج سبعة من أكبر الموانئ المصرية تحت كيان واحد وإدراجه في البورصة المصرية، حسب رئيس الوزراء، الذي لم يكشف عن الموانئ التي سيجري اختيارها أو الجدول الزمني للإدراج. وأضاف أنه سيجري أيضا دمج عدد من الفنادق المملوكة للدولة تحت كيان واحد وطرحه أمام المستثمرين المحليين.

أما خطط الطرح القائمة بالفعل فتشمل: مصر الجديدة للإسكان والتعمير (التي تتطلع إلى طرح ثانوي)؛ وشركة "موبكو" الحكومية المنتجة للأسمدة؛ و"مصر لتأمينات الحياة" التابعة للقابضة للتأمين، إضافة إلى "بنك القاهرة".

وفيما يتعلق بالأصول المملوكة للجيش، هناك خطط بالفعل لطرح الشركة الوطنية لتعبئة المياه الطبيعية (صافي) والشركة الوطنية لإنتاج وتوزيع المواد البترولية (وطنية)، والتي يجري إعدادها حاليا للطرح العام أو الخاص قبل الصيف، وفقا للرئيس التنفيذي لصندوق مصر السيادي أيمن سليمان.

وبينما يرفض بعض أعضاء "الحركة المدنية الديمقراطية" سياسة بيع الأصول، عبر أعضاء آخرون عن قبولهم لتلك السياسة، ما أدى إلى انقسام داخل الحركة، وخلافات أدت إلى توجه بعض الشخصيات إلى تأسيس كيان جديد يسمى "التيار الحر"، قالت مصادر خاصة لـ"العربي الجديد" إنه "تأسس لمنع الناصريين من احتكار الحديث بلسان المعارضة داخل الحوار".

وكان رئيس حزب المحافظين أكمل قرطام، قد أعلن تأسيس تيار ليبرالي جديد يحمل اسم التيار الحر". وقال في تصريحات صحفية إنه "لا يجوز أن يسيطر على الساحة السياسية الأحزاب اليسارية فقط، بل يجب أن يكون هناك تواجد لليبراليين".

ولفتت المصادر إلى أن "الدفع باتجاه تأسيس تيار "ليبرالي" قبيل انعقاد الحوار، يهدف إلى إحداث توازن بين التيار الناصري القومي الرافض لسياسة الحكومة في بيع الأصول، والتيار "الليبرالي" الذي يدعم نظرية "الاقتصاد الحر" وبالتالي تجد الحكومة من يدعمها من جانب المعارضة المفترضة".

وأوضحت المصادر أنه "من المرجح أثناء جلسات الحوار أن ينتقد التيار الليبرالي "تدخل الحكومة والجيش في الاقتصاد" كما فعل من قبل رجل الأعمال نجيب ساويرس، فيبدو أنه "معارض" لسياسات الدولة، لكن ذلك الموقف في حقيقته يتماشى مع السياسة الجديدة التي يتبناها النظام والقائمة على بيع أصول الدولة الاستراتيجية من أجل إنقاذ نفسه من الانهيار".

وتكبد الاقتصاد المصري خسائر مباشرة بنحو 130 مليار جنيه جراء الأزمة مع ارتفاع أسعار السلع الأساسية وتشديد السياسة النقدية عالمياً، وفقاً لتصريحات مصطفى مدبولي رئيس حكومة الانقلاب، والذي قدر الخسائر غير المباشرة بنحو 335 مليار جنيه.

وشهدت السوق المحلية تدفقات خارجة بنحو 20 مليار دولار منذ بداية العام بسبب الأزمة وقبلها، وفقاً لمدبولي.

وأوضح رئيس الوزراء أنه من المتوقع أن تكون هناك "تداعيات جسيمة" على الاقتصاد المحلي جراء توقف إمدادات القمح لمصر، وتوقف تدفق الروس والأوكرانيين الذين كانوا يمثلون أكثر من 30% من إجمالي أعداد السياح الوافدين لمصر قبل الحرب.