قالت صحيفة "الجارديان" إن مصر التي تتحضر لقمة المناخ في الأمم المتحدة، والتي ستعقد بعد 5 أشهر في شرم الشيخ، لا تزال تقيد حرية الاحتجاج.

وأوضحت الصحيفة في تقرير لها أن علاء عبد الفتاح دخل اليوم الثامن والتسعين من الإضراب عن الطعام، حيث يعيش على مائة سعر حراري فقط في اليوم، عادة على شكل حليب بلا دسم أو ملعقة من العسل في الشاي.

وسجن بداية بحجة تنظيمه مظاهرات مخالفا قانونا يحظر في الواقع الاحتجاج تماما وأعيد اعتقاله في عام 2019 أثناء احتجاجات مناهضة للحكومة لم يشارك فيها، وحكم عليه العام الماضي بالسجن خمس سنوات أخرى في سجن شديد الحراسة بتهم "نشر أخبار كاذبة تقوض الأمن القومي"، بسبب تعليقات حول التعذيب على وسائل التواصل الاجتماعي.

وفي رسالة أرسلها إلى شقيقته خلال زيارة السجن الأسبوع الماضي، أشار عبد الفتاح إلى مفارقة قمة المناخ COP27 للأمم المتحدة المنعقدة في مصر. وقال لها: "من بين جميع البلدان التي كان يمكن أن تستضيف المؤتمر، اختاروا دولة تمنع الاحتجاج وترسل الجميع إلى السجن، وهو ما يخبرني كيف يتعامل العالم مع هذه القضية.. إنهم غير مهتمين بإيجاد حل مشترك للمناخ".

ويرى نشطاء مدنيون وبيئيون أن قضية علاء عبد الفتاح هي اختبار حقيقي لالتزام مصر بالسماح بالاحتجاج في Cop27 وأن أصواتهم سيتم تجاهلها في وقت تحتاج فيه الحكومات بشدة إلى الاستماع من المجتمع المدني حول الآثار المتفاقمة لأزمة المناخ.

وقالت الكاتبة والناشطة نعومي كلاين، التي كتبت مقدمة لكتاب من مقالات علاء عبد الفتاح نشرت العام الماضي، بعضها تم تهريبها من السجن: "قبل عقد من الزمان، هتف العالم عندما احتل جيل جديد من النشطاء المصريين ميدان التحرير وأطاح بطاغية.. لكن سرعان ما عادت وحشية الديكتاتورية مرة أخرى، وتعرض العديد من الشباب الشجعان الذين قادوا تلك الانتفاضة للقتل أو التعذيب أو الاختفاء في زنازين السجون. ومن بينهم الكاتب علاء عبد الفتاح".

وأضافت: "يجب أن تبدأ الحركة المناخية الدولية بالاهتمام بما يحدث في سجون مصر. لا يمكننا السير نائمين إلى مؤتمر Cop27 كما لو أن هذه ليست جرائم ضد الإنسانية".

وبدأ علاء عبد الفتاح إضرابا عن الطعام احتجاجا على معاملته في السجن، بما في ذلك رفض سلطات الانقلاب السماح للمسئولين البريطانيين بزيارته والاطمئنان على صحته، بعد أن أصبح مواطنا بريطانيا العام الماضي. وانضمت شقيقته منى سيف، مواطنة بريطانية أيضا، إلى شقيقها احتجاجا على رفض السلطات البريطانية والمصرية الاعتراف بإضرابه عن الطعام. وهي الآن في يومها الثامن عشر من تناول الماء والملح فقط.

وتقول الصحيفة إن حالة علاء عبد الفتاح تظهر الثمن الباهظ الذي دفعه العديد من الشباب المصري لجرأتهم على الاحتجاج والمطالبة بالديمقراطية.

فمنذ الانقلاب العسكري في عام 2013، قام عبد الفتاح السيسي، بتطهير كل المعارضة السياسية، حتى من داخل نظامه، وشن حملة قمع كاسحة على المجتمع المدني والمعارضين. وتضخم عدد نزلاء السجون في مصر، وعجت السجون بالأطباء والصحفيين ورجال الأعمال والمواطنين الذين يحتجون على زيادة أجرة مترو القاهرة وحتى السياح الذين ينشرون على فيسبوك. ومع ذلك، فقد ادعى السيسي منذ فترة طويلة أنه "لا يوجد سجناء سياسيون في مصر".

وقالت كلاين: "من الواضح أن السيسي يرى رئاسة Cop27 فرصة لمسح ذاكرتنا، وإعادة تصوير مصر كمكان آمن لقضاء عطلتك أو المؤتمر القادم".

وأضافت: "يجب ألا تكون حركة المناخ الدولية طرفا في هذا الغسيل الأخضر والتستر. حان الوقت الآن للضغط على كل حكوماتنا لاستخدام نفوذها للمطالبة بالإفراج عن السجناء السياسيين، بدءا بعلاء عبد الفتاح. بدون ذلك، سيكون ضرر مؤتمر Cop27 أكثر من نفعه".

وقال وزير خارجية الانقلاب سامح شكري، المكلف بالإشراف على مؤتمر COP27، إنه سيتم السماح بالتظاهر في شرم الشيخ، وإن كان ذلك في منطقة منفصلة عن المحادثات.

وأضاف: "نحن نطور مرفقا مجاورا لمركز المؤتمرات سيوفر لهم الفرصة الكاملة للمشاركة، والنشاط، والتظاهر، والتعبير عن هذا الرأي.. سنوفر لهم أيضا إمكانية الوصول، كما يحدث عادة في يوم واحد من المفاوضات، إلى قاعة المفاوضات نفسها".

وقال كين روث، المدير التنفيذي لهيومن رايتس ووتش: "لطالما كان من الواضح أن الحكومات بحاجة إلى ضغط من المجتمع المدني للتصدي لتغير المناخ بشكل معقول. لكن السيسي كرس حكمه لقمع المجتمع المدني وأي صوت مستقل ينتقد حكمه القمعي. هذا عكس ما هو مطلوب لمؤتمر بيئة ناجح".

وبحسب خبير بيئي مصري، احتج إلى جانب علاء عبد الفتاح في 2011 وطلب عدم ذكر اسمه: "ما تحتاج حركة العدالة المناخية العالمية أن تفهمه بشأن قضية علاء أنها تمثل محنة عشرات الآلاف من السجناء السياسيين وسجناء الضمير في مصر".

وأضاف: "إذا لم يتم الإفراج عن السجناء السياسيين في مصر قبل انعقاد مؤتمر Cop27، فقد يؤدي ذلك إلى تورط المؤتمر في مساعدة مصر على غسل سجلها الحقوقي".

وحذر من أنه من غير المرجح أن يستفيد المصريون من المساحة الموعودة للاحتجاج في نوفمبر، أو أن يتعرض الذين ينضمون إلى الاحتجاجات للمراقبة والاحتجاز.

وقال: "إن الأمر يتعلق بأكثر من مجرد علاء. إنه يتعلق بصورة أكبر وهي كيف أن القدوم والاجتماع في هذا المكان يعتبر تأييدا لهذه الحكومة بينما يتم إسكات كل من يتحدث عن أي شيء. إنهم لا يسمحون بأي نوع من المعارضة. إنها مجرد تصنع".