أعلنت "الجماعة الإسلامية" في لبنان، استعدادها لخوض الانتخابات البرلمانية في مايو المقبل، وذلك بعدما أعلن اليوم الخميس عزام الأيوبي الأمين العام للجماعة الإسلامية،  قائلا إن التحديات جسيمة في الساحة السنّية، لأنها تشهد تغيرات كبيرة، نتيجة تأزم الكتلة الأكبر فيها (تيار المستقبل)، ما أسهم بتغييب طائفته عن المشهد السياسي العام، و"هو ما ينذر بمخاطر كبيرة".
وحسمت "الجماعة الإسلامية" مسألة مشاركتها بالانتخابات المقبلة، وتستعد لإعلان أسماء مرشحيها في الدوائر التسعة، فيما تيارات سنّية أخرى وازنة، وفي طليعتها "المستقبل" وتيار "العزم"، لم يحسما المسألة.

أول فبراير
وتستعد الجماعة لإعلان ترشيح أعضائها رسميًا في الأسبوع الأول من فبراير المقبل، حيث من المنتظر أن تعلن الجماعة أسماء مرشحيها وبرنامجها الانتخابي. 

ونفي عزام الأيوبي تلقي الجماعة دعمًا ماليًا ضخمًا من الخارج لخوض معركتهم، مصرحًا أنهم كما كل الانتخابات يعتمدون على التمويل الذاتي لماكينتهم، والمساعدات الداخلية من صفوفهم ومن المغتربين الذي ينتمون للجماعة.
وقال في حوار مع موقع صحيفة "المدن" اللبنانية ونقل مقتصطفات منه عبر حساب الجماعة الإسلامية على "فيسبوك": "لا نتلقى أبدًا أي تمويل من أي دولة أو تنظيم خارجي، وحتى أوضاع الأخوان المسلمين التي ننتمي إليها متدهورة جداً ماديًا". 

كما نفى الأيوبي حدوث أي استقالات أو انشقاقات داخلية في صفوف الجماعة، مؤكدًا تمسك الجماعة بالعمل السياسي بعد نقاش داخلي.
وأضاف أن النقاش أسفر عن رؤية الجماعة للانتخابات المقبلة انطلاقًا من معطيين: 

أولًا، أن هذا الاستحقاق لديه اعتبارات تختلف عن كل الاستحقاقات السابقة، كونه يأتي لأول مرة بعد احتجاجات 17 أكتوبر 2019 وانفجار المرفأ، وما تبعه من أحداث وانهيارات اقتصادية ومعيشية. 

ثانيًا، أن الساحة السنّية المعنيين بها كجماعة إسلامية، تشهد تغيرات كبيرة نتيجة واقع الكتلة الأكبر فيها أي تيار المستقبل، ما فرض حسابات جديدة كلياً.   


سنة لبنان
وأشار الأمين العام للجماعة إلى انفتاحهم على التحالف مع جميع القوى السنّية، وإن كانت رغبتهم تعاكسها حسابات تلك القوى، نتيجة اعتبارات إقليمية كثيرة قد تسبب لهم حرجًا إذا تحالفوا مع الجماعة.
وقال: "نحن لا نتنافس على مقعد انتخابي أو أكثر، وإنما هدفنا جمع المكون السنّي، لأن بيئتنا مغبونة ومغيبة، ولا بد للاستحقاق المقبل، أن يخرجها من حالتها، لان استمرارها يعني أزمة كبيرة وكارثية، على مستوى الطائفة والوطن". 

وأكد أن "المكون السني منذ العام 2005، صبت معظم روافده التمثيلية بيد تيار المستقبل، ما جعله شبه متفرد بالساحة. واليوم، "مع غياب سعد الحريري عن المشهد، سواء لم يترشح أو ترشح تياره بغياب الدعم الاقليمي، ظهرت حالة فراغ كبيرة يصعب ملؤها وسط تخلٍ إقليمي واضح". 

وأكد أن "سنة لبنان يفتشون عن عمود فقري أو سند قوي يلتفون حوله، وأنهم كجماعة يتواصلون مع الجميع، ويسعون لبناء جسر تلاقٍ بين القوى السنية للاتفاق على عناوين مشتركة تحرر الطائفة من الاحباط الواقع. 

وشدد على أن الجماعة الإسلامية لا تطرح نفسها بديلا عن تيار المستقبل، ولا يمكن أن تلعب هذا الدور، نظرًا لغياب المقومات والدعم الإقليمي. وعليه، "لا نضع خطوط حمر بالتحالف مع أحد، ونسعى بالانتخابات للحد من تشتت الطائفة أولًا، ولرفع شعار الإصلاح الحقيقي في بنية الدولة ثانيًا". 

<الامتداد العربي

وحول سؤال عن موقف الجماعة من علاقة لبنان مع السعودية بعد اهتزازها الكبير؟"، قال "الأيوبي" إن الامتداد العربي هو عمقهم الطبيعي، ولا يدخلون بسجالات مع مكونات هذا الامتداد، "بغض النظر عن موقفهم المعادي للإخوان المسلمين". وقال إن السعودية لم توجه لهم خطابًا معاديًا بصرف النظر عن الممارسات غير المعلنة، و"نحن منفتحون وحريصون ألا ندخل بمعارك مع أحد". 

حزب الله 

وأوضح أن علاقة الجماعة بحزب الله بلغت حد القيطعة خلال الحرب السورية، لكن في العامين الأخيرين، يتحدث عن انطلاق خطوط التواصل بينهما لفتح قنوات الحوار من دون الوصول إلى اتفاقات مشتركة بعد. 

وقال الأيوبي إن ما يجمعهم مع حزب الله هو الموقف من كيان الاحتلال والقضية الفلسطينية والمشروع الأمريكي بالمنطقة ورفض التطبيع بكل أشكاله. أما ما يفرقهم عن الحزب، فهو ملف الثورة السورية، وتدخله باليمن والعراق، وبعض الملفات الداخلية، حول طريقة أداء حزب الله وتغطية بعض القوى الفاسدة في السلطة وتحالفه معها. 

وحول منهجية التعامل قال: "حزب الله مكون أساسي في لبنان، يفرض علينا أن نحاوره بوعي، تحسبًا لأي انزلاق نحو صراع سني-شيعي، قد يرمي المنطقة ولبنان بمصيدة لمصلحة الكيان الصهيوني، ما يدفعنا للحوار الجدي، لأن التفاهمات المشتركة تحيّد لبنان عن صراعات المنطقة". 

داعش 

وعبر "الأيوبي" عن قلقه من التحاق شبان من شمال لبنان بتنظيم داعش، وقال "إن الساحة السنية ما زالت عرضة لزرع بؤر تطرف على حساب أبنائها".
واستدرك محملا جهات لم يسمها "بالوقوف وراء تسهيل هذا الأمر والاستفادة منه، وقد تقف على طرفي نقيض".
وأوضح أنه "في السنوات الثمانية الماضية لدى صعود داعش، استفادت أنظمة كبرى بالمنطقة، وفي طليعتها النظام السوري، إضافة إلى واشنطن والكيان".
وأكد أنه "لم تعد الطائفة السنية بيئة حاضنة لأي شكل من أشكال التطرف في لبنان، وهذا ما قد تثبته في الانتخابات".