كتب د. سعد الدين إبراهيم مقالا  فى "صحيفة المصري اليوم" ، يقطر حقدا وكذباً وتدليساً، على الإسلام والمسلمين، ويحرِّض فيه بالسوء على جماعة الإخوان المسلمين.

 وقد جاء المقال بعنوان : " لا تتعجلوا كتابة شهادة وفاة الإسلام السياسى".

تناول الكاتب فى مقاله إخفاق الإسلام السياسى بعد وصوله للسلطة. وكانت الموضوعية تقتضى من الكاتب أنْ يذكر الأسباب الحقيقية التى تقف خلف الإخفاق، وأنّها مؤامرة صليبية غربية بتمويل خليجى، وتحريض  صهيونى حقير، ولاينكر ذلك إلا أبله؛  فقد صَرَّح السيسى فى خطابه إلى الشعب المصرى صبيحة الانقلاب أنه يرفض "أَسْلَمَةَ الدولة"، وأنّه حذّر الرئيس مرسى من أسلمة الدولة.

كما أن الاحتجاجات - ضد الرئيس مرسي - مولتها الإمارات ورعاها العسكر والكنيسة وساويرس، فأنفقت عليها دويلة الإمارات ملايين الدولارات بمباركة  القوى الخارجية الصهيونية والصليبية، لإحداث فوضى فى البلاد، تمهيدا لانقلاب العسكر .

ونسوق إلى الدكتور سعد الدين إبراهيم الذى يحاول قلب الحقائق شهادة المهندس حسب الله الكفراوى الذى قال: إنه في تواصل مستمر مع قيادة الجيش، والبابا وشيخ الأزهر. وقد طلب منه "السيسى" بطريق سِرِّى ،أن يقدم إليه طلبًا كتابيًّا بتدخل الجيش من قِبل المعارضة.

وصرحت بذلك أيضا "منى مكرم عبيد" بأن طلب السيسى قد أُعد خلال ساعات، ووقَّع عليه أكثر من خمسين من رجالات المعارضة وقُدم إلى "السيسي" على عجل في الساعة الثالثة ظهرًا؛ حتى لا يحدث تأخير في تنفيذ ما يريد تنفيذه من خطة التدخل العسكرى وإسقاط الرئيس مرسى.

كما ذكرت صحيفة "يروشلم بوست" الصهيوني أن كيان الاحتلال وجّه سفراءه فى كل من "بريطانيا"و"أمريكا"، و"فرنسا" و"ألمانيا"، وبروكسيل"، وغيرها من الدول، لإقناع حكوماتها بالوقوف بجانب حكومة مصر العسكرية.

وأعلنت القناة العاشرة الصهيونية أن نتنياهو طلب من أوباما الضغط على الزعماء العرب لتكثيف زياراتهم لمصر من أجل تكريس شرعية الانقلابيين، أما البروفيسور "إفرايم كام" كبير باحثى مركز أبحاث الأمن القومى الصهيوني فقد نشر مقالا فى صحيفة "إسرائيل اليوم" حذّر فيه من خطورة فشل الانقلاب العسكرى فى مصر، وقال: "إن مصلحة إسرائيل الاستراتيجية تقتضى نجاح تحالف العسكر والليبراليين".

وتحدث الكاتب سعد الدين عن هزيمة الإسلام السياسى فى السنوات الأخيرة - على حد زعمه - ، وكان من الممكن أن يكون كلامه مقبولاً، لكنّه عزا تلك الهزائم ، إلى الرفض الشعبى المتزايد، وليس إلى الإجراءات الأمنية الحكومية، التي قامت بها أجهزة الدولة فى تلك البُلدان الأربعة، والتى امتدت من العراق شرقًا إلى المغرب على سواحل الأطلنطى، أى بامتداد الوطن العربى كله.

وأنا أقول للكاتب الذى لم يتحرَّ الموضوعية فى مقاله: أتحداك أن تُجرى انتخابات حرة نزيهة فى أى قطر عربى أو إسلامى، وسترى النتيجة بأمِّ عينك، وتعلم أن الشعوب العربية والإسلامية ماخيِّرت بين الإسلام وغيره إلا اختارت الإسلام  .

ولم يكتف بذلك، بل راح يطعن فى تاريح المسلمين قائلاً : "لم يكن أداء الإسلاميين  باستعادة الفردوس المفقود فعالًا أو صادقًا، فحقيقة الأمر التاريخى هى أن المسلمين، فى كل أقطارهم، لم يروا أى فردوس. وأقصى ما هنئوا به كان حُكمًا عادلًا، فى عهد النبوة المحمدية والخلفاء الراشدين فى القرن الأول الهجرى، وفى عهد واحد فقط من الأمويين، وهو الخليفة عمر بن عبدالعزيز".

و يقول: "بالغ بعض المُفكرين والدُعاة المسلمين فى ترديد أن سبب امتهان المسلمين وتخلفهم هو تخليهم عن الشريعة والحُكم بما أنزل الله، سبحانه وتعالى، وهو الخطاب الذى صدّقه كثير من المُعذَّبين والمحرومين فى بُلدان أغلبها من المسلمين".

وليس في هذا مبالغة، فهذه هي الحقيقة التي لاينكرها إلا جاحد أو متهافت، فتركيا بعد سقوط الخلافة العثمانية عاشت ذليلة متخلفة لاوزن لها؛ ولكن عندما تولى حزب العدالة والتنمية ذوالمرجعية الإسلامية رأينا تركيا أصبحت من ضمن أفضل عشرين دولة في الاقتصاد، وحققت طفرة ملموسة فى مجال الصناعات الدفاعية وغيرها.

وعجبا للكاتب الذى لم يُخف حقده على كل ماهو إسلامى، بأن مصر وغيرها من البُلدان ستظل ذات الأغلبية من المسلمين تشهد بين الحين والآخر مَن يُلوّحون بورقة الدين والشريعة الإسلامية، كمنهج أوحد للعدالة والتقدم والرخاء.

 وستوجد دائمًا نسبة من أبناء المجتمع تُصدقهم، وترتفع تلك النسبة عادة إذا تعثرت الحكومات القائمة، أو إذا اشتد البؤس والشقاء بين الناس.

ونقول للكاتب: إن الذين يتبعون التيار الإسلامى هم صفوة المجتمع من الأكاديميين والأطباء والمهندسين والمثقفين، والدليل هو .. فوز التيار الإسلامى بكافة النقابات المهنية فى مصر إبّان حكم مبارك .

ولم ينقص سعد الدين إبراهيم إلا أن يقول بأن فوز الإسلاميين بالنقابات المهنية وكل الاستحقاقات بعد الثورة كان بسبب مايوزعه  التيار الإسلامى من سكر وزيت وأرز وغير ذلك من الأوهام التى يروجها العلمانيون الذين لاوجود لهم فى الشارع، وعندما فشلوا فى مواجهة التيار الإسلامى عبر الصندوق "تنادوا مصبحين" لدعوة العسكر ليخلصوهم من حكم الإخوان، ظنًّا منهم أن العسكر سيُسلمون لهم السلطة بعد إقصاء الإخوان!!

ويحاول  الكاتب جاهداً طمس الحقائق من خلال نشر الأكاذيب والتدليس قائلاً: منذ نهاية النبوة المحمدية والخلفاء الراشدين، تتكرر دوريًّا دعوات الإحياء الدينى، من قبيل ما كانت جماعة الإخوان المسلمين تُردده بشعار «الإسلام هو الحل»، إلى أن يتعثروا أو يفشلوا، فتنْفَضّ الأغلبية من حولهم.

أقول له: هوِّن عليك، فعلى الرغم من أن الإخوان اليوم مابين شهيد ومعتقل ومطارد، أتحدى قائد الانقلاب أن يجرى انتخابات حرة نزيهة، وسيرى سعد الدين إبراهيم، مالايسرُّه. وكذلك الحال لو أنَّ الرئيس مرسى تُرك ليكمل مدته ويذهب بنفس الآلية التى جاء بها، لكن هيههات هيهات..

وينتقل الكاتب "المطبِّع" إلى التحريض صراحة قائلاً: "وخُلاصة القول هى أنه يمكن إقصاء الإخوان من السُلطة، أو حتى حصارهم، ولكنْ من الصعب، إن لم يكن من المستحيل، إبادتهم، فهم موجودون منذ سقوط خلافة سلاطين آل عثمان، على يد مصطفى كمال أتاتورك، عام 1926، فلم تمضِ سنتان إلا وقد تكونت حركة وجماعة الإخوان المسلمين، على يد حسن البنا عام 1928.

وأخيرا وليس آخرا  يقول هذا "المطبِّع" : ... فإنَّ ذلك لا يعنى وفاة جماعة الإخوان المسلمين أو نهايتها، فأفرادها كامنون، نشطون فى الخارج- من اسطنبول إلى لندن، إلى كاليفورنيا إلى كوالالمبور، فلهم فروع فى ستة وستين دولة حول العالم.

ولذلك من حُسن النية أو السذاجة أن نتعجل فى كتابة شهادة وفاة الجماعة، ولكن الأفضل والأمثل هو الاستمرار فى جرعات التوعية المُضادة للفكر الزائف، بتجديد الفكر الدينى، لكى يتواءم مع متطلبات وتحديات القرن الحادى والعشرين".

وبالرغم من أن الانقلاب العسكرى الدموى في مصر أخَّر البلاد عشرات السنوات، وأغرقها فى مستنقع الديون، وسعى لهدم ثوابت الدين، وإشاعة الفواحش فى المجتمع من خلال "المشخصاتية" الساقطين ، فضلا عن القتل وسفك الدماء وانتشار البطالة والفقر والأمراض والتوسع فى بناء السجون والمعتقلات - فإنَّ هذا الكاتب"الحاقد"، لم يستطع معارضة هذا النظام الانقلابى، لكنَّه لم يسعه إلا أنْ يحرِّض على المظلوم.

أيها العجوز المطبِّع: إنَّ جماعة الإخوان فكرة، والفكرة لاتموت، فكيف والحالة هذه إذا كانت الفكرة تقوم على مرجعية إسلامية خالصة، مستلهمة منهج السلف الصالح فى الإصلاح والتغيير.