أحمد إبراهيم- مصر

السلام عليكم..

أنا شاب أبلغ من العمر 25 سنة، تخرجت منذ ثلاث سنوات، وقضيت فترة الجامعة في ظل رفض والدي لدخول الجامعة، ولم ينفق عليَّ خلالها، علمًا بأنني من محافظة أخرى، وتركت العيش معهم لألتحق بالجامعة، وأكملت دراستي ودخلت مجال العمل منذ كنت طالبًا، وأعمل حاليًّا بشركة جيدة، بعيدًا عن أهلي، وأعيش وحدي.

مشكلتي تكمن في رغبتي في الخطوبة، واشتهر والدي بمعاملته السيئة، فلم تتزوج أختاي بسبب علاقاته السيئة، وسوء سمعته، وأنا أخشى وجوده معي في الخطبة، ويرفض أخوات أمي الحضور للتقدم معي، ووالدتي تخاف من والدي، وترفض المجيء معي للتقدم للخطبة، وأقف وحدي كالعادة!!

أنا لن أكذب على من سأتقدم لخطبتها، ولكن من سيكون معي؟ وماذا أقول لهم؟.. أم أنتظر؟.. وإن كنت أعلم أن الانتظار لن يغير من الواقع شيئًا، والحل الوحيد أن أتقدم وحدي فهل أقدم على تلك الخطوة؟!

* يجيب عنها الدكتور أسامة يحيى- الاستشاري الاجتماعي في (إخوان أون لاين):

حمدًا لله على نعمائه وصلاة وسلامًا على رسوله الكريم، وبعد..

أشعرتني أن والدك ليس بوالد يحنو وينفق ويرحم ويعفو ويشارك ويصبر، ولكنه ديناصور متوحش من العصور الجليدية؛ حيث لا مشاعر ولا تحمل مسئولية ولا رحمة، فهو لا ينفق على تعليم ولا يصلح لتزويج بناته ولا يكاد يحبه أحد لسوء أخلاقة وعلاقته وسمعته ويخيف زوجته، ويحد من حركة إخوة زوجته، ويُخشى من وجوده في خطوبة ابنه.

في تصوري أنك في حاجة لمراجعة مواقفك مع والدك.. إنه لم ينفق عليك في دراستك الجامعية.. لماذا؟ وأصررت أنت على استكمال تعليمك الجامعي- وهذا أمر بديع- على غير رضا والدك- وهذا أمر فظيع- لماذا كان الوضع بهذا الشكل المؤلم؟

إن معاملات والدك سيئة، فهل أجريت أنت وبقية أسرتك محاولات لإصلاح شأن والدك، كما حاول سيدنا إبراهيم مع أبيه آزر؟ هل أخذت بكل الأسباب ليستقيم أمر والدك من دعاء له وإدخال من له تأثير فيه في حل المشكلات واستشارة العلماء والخبراء؟!

إن كنت قد استنفذت كل الأسباب فقد أديت ما عليك، فالهدى هدى الله يهدي من يشاء، وإنك- يا بني- بذلك قد أمسيت بلا ولي- إلا الله- فاختر من بني البشر كبيرًا لك يمشي معك في سعيك للخطوبة، كبيرًا كمدير بعملك أو قريب بعيد أو جار قريب أو مختص في العلاقات الزوجية أو أي شخص تتوافر فيه الثقة ورجاحة العقل والحكمة وكبر العمر، كبيرًا تعلمه بقضيتك فيؤمن بها وينصحك بما يجب فعله، وبسير معك جنبًا بجنب، حتى تصل إلى شاطئ عش الزوجية المنشود.

أحسنت عندما أوضحت أنك لن تكذب على من ستتقدم لخطبتها، فذلك الأساس عندما تتقدم للخطبة- إن شاء الله- ستسرد عليهم قصتك بكل صدق وشفافية وبكل ما فيها من دقائق ومعاناة، كما فعل سيدنا موسى عليه السلام من قبل عندما "قص عليه القصص"، وقد لا تجد الاستجابة المطلوبة مرة أو مرتين أو أكثر، فلا تبتئس، فلأهل أي عروس عذرهم، فالزواج- كما تعلم- اندماج بين أسرتين وليس اقترانًا بين فردين، ولكنك ستجد قطعًا أسرة تقدر ظروفك وتقف معك وتدعمك وتقبل وضعك وترحب بك زوجًا لابنتهم.

المشكلة الأخرى التي مررت عليها مرورًا عابرًا ولكني أراها في ذات الأهمية بمشكلتك إن لم تكن أعمق وأفدح، وهي أختاك اللتان لما يتزوجا بعد.. فإن كان والدك بسوء علاقاته وسمعته ستقف حائلاً أمام تزويجهما فهذا دورك أنت، ولتعتبر نفسك وليهما ولتتصرف على هذا الأساس، فلا بد حينئذ من سحب البساط من تحت قدم والدك في أمر زواجهما، كأن تسعى لتزويجهما وتريح والدك من الاتفاقيات والتدخلات إلا في أضيق الحدود، فليس لأختيك أحد-  بعد الله- إلا أنت، فكما فكرت في نفسك يا بني فيجب أن تفكر في أختيك أيضًا.

وفقك الله تعالى برحمته، ووهبك من يستقر بها قلبك ويسكن بها وجدك.