كثيراً ما تغنّى الأدباء، شعراء كانوا أم كتّاباً، بهذه القيمة العظيمة، لأهميتها على نفس الإنسان، فهي التي تجلب لذاته السعادة، وبسعادة الإنسان تتحقق سعادة الجماعة.

الحرية قيمة عظيمة سامية، ذات معنى نبيل تعود بالراحة النفسية والرضا الذاتي وتقدير الذّات لكل من يتذوقها، فمن يتأمّل ذاته وهو يعيش بحريّة يشعر بحقيقتها وماهيتها؛ ولكن لا بدّ من التنبيه والتّأكيد على أنّ حريّتك الشخصيّة تنتهي بمجرّد أن تبدأ حرية الآخرين، حيث نصت جميع الشرائع السماوية على ضرورة توفير هذا الحق لجميع الناس، فالإنسان يولد حراً، ويجب أن يعيش حراً.

ومن يتأمّل أهميّة هذه القيمة الإنسانية يجد أن هناك أناس حاربوا وبذلوا الكثير من أجل نيلها والتنعم بها واستردادها، ومن يدرس التاريخ ويتمحصه يجد أن هناك العديد من الثورات التي قامت، والحروب التي اندلعت وسقط من جرائها كثير من القتلى وعمّ الدمار في الكثير من الدول على الأرض.

والتاريخ يعيد نفسه، ونحن نجد البلاد العربية تثور على المستبدين من الحكام من أجل نيل الحرية والكرامة الإنسانية؛ ولا بدّ أن نستوقف هنا لننوّه على أنّ هناك آلاف الأسرى الذين فقدوا هذا الحق وهذه الميزة في شتى سجون العالم، ولا سيّما من أبناء شعوبنا العربية، القابعين في السجون، فهم لا يزالون محرومين من تذوق معنى الحرية بسبب القضبان التي تحول بينهم وبينها، ويرجع ذلك لسجنهم  غير القانوني وغير العادل من قبل الفئة الظالمة التي تحكم بلادنا.

ومن خلال النّظر إلى الواقع المرير لبعض الدّول التي تتبني فكرة الحرية شعاراً لها هي في حقيقة الأمر هي التي تخرق القوانين، وتسلب هذا الحق من العديد من الدّول والبشريّة جمعاء؛ فهناك بعض الدول على سبيل المثال تتغنى بالعدل والحرية لكن واقع الحال يبين خلاف ذلك تماماً، وللحرية عدّة أنواع ومجالات نذكر بعضها في هذا الموضوع:

 ونبدأ بحرية التعبير عن الرأي، وهو الجانب الذي يسترعي الكثير من الأهمية إذ أنّه لطالما تبنّاه الكثيرون من الساسة وولاة الأمر وأصحاب القرار.

ثم بعد ذلك تأتي حرية تقرير المصير والتحكم في النفس، إذ أنّه لا سيطرة لإنسان على أخيه الإنسان، ولا يحق له أن يسلبه حريته وأن يستعبده، كاتخاذ الجواري والرقيق؛ حيث أن تجارة الرقيق حرمت في الإسلام ويحاربها القانون الإنساني الدولي، وهذا ما جاء ذكره في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

وأيضاً لدينا حريّة تعرف بحريّة انتقاد الآخرين بما لا يخرج عن إطار الأدب والقانون.

وأخيراً هناك حريّة التنقل والسفر والحركة: وهو نوع جدّ مهم للناس، فلا يجوز فرض إقامة جبرية على أي شخص دون أمر قانوني، ولا يحق لأي كان حصار دولة أو أشخاص في مكان ما أو دولة ما. فيجب علينا أن نحارب بكافة الوسائل للحصول على هذا الحق.

أما ما ينبثق عن هذا تحت مسميات أخرى وأفكار غريبة فقد يحيد عن الهدف الأساسي ويظن البعض أنها الحرية، أما حرية الفكر فيجب ألا تطمس الحقائق وتبدل التاريخ وتخالف الواقع وتشذ عن المضمون، وتجعل قلمك وعقلك يتفقان على الخوض فيما يؤذي مشاعر الناس والعذر هو حريه الفكر فلا حرج أن يكون للإنسان آراء وتصورات مستقلة عن آراء الآخرين حول موضوع معين قد تختلف فيه وجهات النظر، ولكن حرية الفكر وحرية الكلام وحرية التعبير إذا ما خالفت الأسس التربوية والمجتمعية والقيم المنبثقة وأصول الشريعة   فهي بذلك تعد تحررا لا فائدة منه سوى إحداث نوع من الشذوذ الفكري داخل مجتمع مترابط فكريا ومتحرر من الأفكار الغربية الدخيلة.

أما حرية الإبداع فالفرق بينها وبين الابتذال الحاصل حاليا شعرة بسيطة متمثلة وواضحة في كمية الأذى السمعي والبصري التي تهل علينا وتقدم لنا من خلال التلفزيون والسينما.

فإذا كان الفجور والانحطاط الأخلاقي موجودين كمنوذج مجتمعي فيجب ألا يقدم بهذه الصورة كعنوان لمجتمع خاصة ان من يقدمونه هم من أسباب انتشاره أصلا، وهذا كله ليس من الإبداع بل هو التحرر الأعمى فأصبحنا لا نعرف طريقة الحوار الموضوعي مع أبنائنا ولا فرق بين الكبير والصغير فذهبت القيم وتاهت الأخلاق بين صالح وطالح وقل الوازع الديني والسبب هو الفهم الخاطئ لحرية الإبداع أقصد التحرر في كل شيء.