خطوات مهمة:
إن هناك مشاكل سلوكية وانحرافات عديدة، كان يمكن تجنبها اذا وجد الحوار، وبنسبة تفوق 75 في المائة، فعندما يتعرض الطفل أو المراهق لمأزق أو مشكلة انحرافية أو سلوكية، ويشعر بالأمان يعترف بأنه خاف أن يصارح والديه في بداية المشكلة لانعدام الحوار والمصارحة أو المكاشفة، أو أنه لا يتوقع من والديه سوى الزجر أو التهكم أو العقاب، إن لم يكن يتعلل بعد وجود الوقت أو الظرف المناسب للحوار والتواصل بين أفراد الأسرة''.

إن السبب في غياب الحوار الأسري، وتراجع قيمة الشورى إلى ثقافتنا التقليدية التي يقل فيها الحوار مع الأبناء، بمعنى أن الأب والأم دائمًا مصدر السلطة والقرار''دون نقاش أو حوار'' ، هذا إلى جانب تيار العزلة الذي فرض نفسه حديثًا على المجتمع، بسبب انشغال الآباء في تحصيل الرزق لتدبير احتياجات الأسرة، إلى جانب وسائل الاتصال الحديثة التي تأخذ وقت الكثيرين بشكل منفرد، وليس جماعيًا، فحتى مشاهدة التلفاز يجلس الجميع أمامه في صمت تام، فهناك تقارب جسدي فقط، هذه الأسباب مجتمعة تجعل من الحوار أمرًا غير وارد، وبالتالي تغيب الشورى بين أناس يغيب بينهم الحوار أصلاً؛ فالحوار الأسري يفشل في حال عدم ادراك أهميته وآدابه وضوابطه، وعدم وجود أرضية مشتركة للتفاهم بين الزوجين .

مفهوم الحوار الأسري:

هو نوع من أنواع الاتصال والتواصل الإيجابي مع الطرف الآخر من خلال احترام وتقدير بين الكبير والصغير ؛ ما يؤدي إلى تهذيب سلوك الأبناء وذلك بمخاطبتهم بلغة هادئة مما يؤدي إلى التفكير المنظم السليم، ويؤدي أيضاً إلى تدريب الأبناء على الجرأة ومواجهة الحياة، وتهيئة الأبناء لإنشاء أسر مترابطة يسودها الحوار الهادف البناء.

أهميّة الحوار الأسريّ

 يعد الحوار الأسري من أهم الأسس التي يجب الحرص عليها في الأسرة، وتتضح أهمية الحوار بين الآباء، والأبناء في النقاط الآتية:

-   يعد مفتاح العلاقات الطيبة، والجيدة بين الزوجين، كما يعد عاملاً رئيسياً في تربية الأطفال بصورة إيجابية.

 - يخفف من آثار النزاعات، والمشكلات الأسرية، والنفسية، والاجتماعية؛ التي قد تؤدي للطلاق، وفقاً لخالد المهندي رئيس مكتب الإرشاد النفسي، والاجتماعي.

- يقنع الأطفال بأية أفكار بصورة هادئة بعيداً عن الصراعات، وعن فرض الآراء من الآباء.

- يشجع في الحفاظ على الاحترام المتبادل، والحرية في التعبير عن الآراء في المنزل.

-  يمنح الحب، والراحة للأبناء من قبل الوالدين.

- يمنح القدرة للأطفال على التواصل مع الآخرين في المستقبل.

 - يساعد على الاعتراف بالأخطاء الشخصية من قبل الآباء أثناء الحوار أمام الأبناء على تقليد هذا السلوك الإيجابي من قبلهم.

 - يساعد الحوار على مشاركة الأبناء القصص الشخصية، والتحدث عن التجارب الخاصة.

- يساعد على التعبير عن الاهتمام الحماسي بشئون الطفل، والتركيز على مصالحه، حيث يضمن جذب الطفل للاشتراك في الحوار، وتعزيز، وتقوية العلاقات الأسرية.

 - يساعد الحوار على تفهم إحباطات الطفل، وخيبات الأمل التي شعر بها، والمشاركة فيها، وتعليمهم المشاعر المتعلقة بالحزن، وخيبات الأمل، والقلق، وأنها جزء من الحياة الشخصية، وتعليمهم أنها مشاعر مؤقتة تزول مع مرور الوقت، ومساعدتهم على التعبير عنها.

قواعد وأسس الحوار الأسري الناجح

إن من المفاتيح البسيطة والأساسية في الحوار الأسري الناجح، هو أن يصغي كل فرد من أفراد الأسرة إلى الفرد الآخر وهو يدلي برأيه، دون مقاطعته أو إظهار التململ من حديثه، إنما ينبغي الاستماع بشكلٍ جيد وتفهم كلامه جيداً حتى في حالات عدم الاتفاق مع ما يقول أو يطرح، فالإصغاء الجيد يضفي طابعاً من الاحترام على الجو العام للحوار وهو أهم الأسس والمفاتيح للدخول في حوار ناجح يلتزم كل طرف فيه باحترام الآخر والاستماع إليه، ومن ثم تقبل وجهة نظرته.

1- ضبط النفس والابتعاد عن الانفعال

وهو ما يطلبه الحوار حول مشكلة تمس أحد أفراد الأسرة، أو في الحوار حول خطأ قام به أحد أفراد الأسرة، وفي هذه الحالة يكون ضبط النفس وعدم الانفعال عنصراً أساسياً في التوصل إلى الحلول واستيعاب المشكلة بشكل كامل، لأن الانفعال في هذه الحالات سيزيد سوء التفاهم، ويبعد الحوار عن مجراه الرئيسي، كما يؤدي إلى فقدان الاحترام في الحديث، وفي العلاقة الأسرية بشكل عام، فيؤدي الحوار إلى نتائج عكسية.

2- أن يضع كل فرد نفسه مكان الآخر

ويكون ذلك بأن يتصور كل فرد من أفراد الأسرة نفسه مكان الآخر حتى يحس بما يحس، ويتفهم وجهة نظره بشكل أكبر، عندها يفهم كل أفراد الأسرة وجهة نظر بعضهم البعض، كأن يتصور الزوج نفسه بمكان الزوجة وما يقع عليها من مسؤوليات والعكس صحيح، فعندها يتفهم الآخر بطريقة أفضل؛ يصبح الحوار أكثر تقبلاً من كلا الطرفين.

3- الوضوح في الحوار والابتعاد عن التهرب

من أهم الأسس التي تجعل الحوار مثمراً هي الوضوح في طرح موضوع النقاش، وعدم استخدام الأسلوب المبطن الذي لا يعبر عن المشكلة للطرف الآخر بصورة واضحة، فتنشأ الالتباسات، ويبتعد الحوار عن مجراه الرئيسي، وفي هذه الحالة الأفضل أن يطرح كل فرد من أفراد الأسرة رأيه بطريقة واضحة وشفافة؛ حتى يفهم كل الأفراد الآخرين مباشرة، ومن ثم يقدمون آرائهم أيضاً بصورة واضحة بناءً على رأيه، فتتضح المشكلة أو القضية التي تناقش بشكلٍ أفضل.

4- الابتعاد عن هدف إثبات الذات في الحوار

إن غاية الحوار الأسري تقريب وجهات نظر أفراد الأسرة، ووضع حلول للمشاكل العالقة، أو التخطيط لمسائل تخص المستقبل..، لذا فإن الهدف ليس أن يظهر كل شخص نفسه بأنه هو الذي يملك الحلول وأن وجهة نظره هي الأفضل (في حال نقاش إحدى المسائل أو المشروعات التي تمس مستقبل الأسرة).أما في حال محاولة حل مشكلة بين طرفين في الأسرة (سواء الأب والأم أو الإخوة..)، فإن إثبات الذات يكون بالتغلب على الآخر بالنقاش فقط لإثبات أن وجهة نظره هي الصحيحة وأن الآخر هو الخاطئ، فيصبح الهدف من الحوار فقط كيف يستخدم كل طرف أسلوبه بهدف التغلب على الآخر وإثبات ذاته، فيبتعد الحوار عن مجراه، ويصبح أشبه فقط بمنافسة غير مثمرة.لذا يكون من الأفضل لأفراد الأسرة أن يضعوا نصب أعينهم الهدف الرئيسي للحوار، أو المشكلة الرئيسية التي تناقش، ويحددوا قبل البدء لماذا هم يتحاورون؟ ومن ثم يتقبل كل طرف رأي الطرف الآخر، حيث يستخدم أفراد الأسرة الحوار التشاركي وليس التسلطي.

5- توضيح الإيجابيات والسلبيات في رأي الآخر

لكي يكون الحوار مثمراً ويغطي كل جوانب الموضوع الذي تتم مناقشته، على الأفراد _ وبعد أن ينهي الطرف الآخر طرح رأيه_ مناقشة رأيه بأن يسدي كل فرد بما لمسه من إيجابيات أو سلبيات في رأي الطرف الآخر، وكلٌّ يتبادل الأفكار بشكلٍ منظم، وبذلك يتوسع النقاش ويغطي كل جوانب الموضوع، كما يتم بذلك حصر كل سلبيات وإيجابيات الموضوع، ومن ثم يتم ترجيح الرأي الأقل سلبية، و وفق ما توصل إليه نقاش الأفراد.

أخيراً...  يشكل الحوار الأسري أساساً لنجاح العلاقات بين أفراد الأسرة من خلال تعزير الاحترام والمودة بينهم، أيضاً من خلال تبادل الآراء والأفكار التي تساهم في تحقيق أهداف الأسرة، ولكن الحوار الناجح يقوم على عدة أسس كتقبل رأي الآخر، والإصغاء الجيد، كذلك ضبط النفس والوضوح؛ حتى يكون مثمراً يحقق الأهداف المرجوة منه، في حين أن الحوار السلبي الذي لا يكرس القيم التي ذكرت يؤدي إلى خلاف ذلك، ويؤثر على العلاقات الأسرية بشكلٍ سلبي أيضاً.