قضت المحكمة العليا في لندن لصالح تلميذ سوري تعرض للتشهير من جانب متطرف يميني شهير.

وأمرت المحكمة المتطرف تومي روبنسون، مؤسس رابطة الدفاع الإنجليزية، بدفع تعويضات قدرها 100 ألف جنيه إسترليني، إضافة إلى التكاليف القانونية، للفتى السوري جمال حجازي.

وكان تسجيل مصور قد انتشر عام 2018 قد أظهر جمال حجازي وهو يتعرض للاعتداء بدافع عنصري على يد تلاميذ بيض، في ملعب مدرسة ألموندبيري في هيدرسفيلد في شمال بريطانيا، ووقع الاعتداء في هيدرسفيلد في أكتوبر 2018.

لكن روبنسون (38 عاما)، واسمه الحقيقي ستيفن ياكسلي- لينون، زعم في مقطعي فيديو نشرهما حينها على "فيسبوك" أن حجازي لم يكن بريئا، مدعيا أنه كان يعتدي على الفتيات الإنجليزيات.

وادعى أن حجازي "ضرب فتاة ضربا مبرحا"، وهدد بطعن صبي آخر في مدرسته، وهو ما نفاه حجازي.

وزعم روبنسون، الذي مثل نفسه في المحكمة، أن تعليقاته كانت صحيحة إلى حد كبير، قائلا إنه "كشف عشرات حوادث السلوك العدواني والمسيء والخادع" التي ارتكبها حجازي، بحسب قوله.

لكن قاضي المحكمة العليا ماثيو نيكلين أكد أن روبنسون لم يتمكن من إثبات اتهاماته، وقضى بأن يدفع تعويضا لحجازي يبلغ 100 ألف جنيه إسترليني (137 ألف دولار).

وقالت كاترين إيفانز، محامية حجازي، إن تعليقات روبنسون أدت إلى تلقي موكلها تهديدات بالقتل.

ووصفت روبنسون بأنه "مدافع معروف عن اليمين المتطرف"، وله "أجندة معادية للمسلمين"، واستخدم وسائل التواصل الاجتماعي لنشر آرائه.

وقالت إن مقاطع الفيديو التي نشرها "حولت جمال إلى معتد والمتعسف إلى فارس أبيض صالح".

ورحبت محامية أخرى تمثل حجازي بالقرار، واعتبرته تبرئة لموكلها. وقالت فرانسيسكا فلود: "لقد تطلب الأمر شجاعة كبيرة من موكلنا جمال حجازي لمتابعة إجراءات التشهير ضد ناشط بارز من اليمين المتطرف ومعاد للإسلام مثل ستيفن ياكسلي- لينون". وأضافت: "يسعدنا أن جمال نال براءته بشكل تام".

وقالت: "ومع ذلك، فإنهم يرغبون في الإعراب عن امتنانهم للجمهور البريطاني العظيم على دعمهم وكرمهم، اللذين من دونهما لما كان هذا الإجراء القانوني ممكنا".

وأشار القاضي نيكلين إلى أن حجازي عانى عواقب "شديدة بشكل خاص" جراء مقاطع الفيديو. وقال إن "مزاعم المتهم ضد المدعي خطيرة للغاية، ونُشرت على نطاق واسع".

وقال القاضي: "كما كان متوقعا تماما، أصبح المدعي هدفا للانتهاك، ما أدى في نهاية المطاف إلى اضطراره وأسرته إلى مغادرة منزلهم، واضطر المدعي إلى التخلي عن تعليمه".

وخلص قرار الحكم إلى أن "المدعى عليه مسئول عن هذا الضرر، وبعض الندوب التي من المحتمل أن تستمر لسنوات عديدة، إن لم يكن مدى الحياة، وبخاصة تأثيره على تعليم المدعي".

وقال القاضي إن دفاع روبنسون بأن المزاعم "الخطيرة للغاية" صحيحة إلى حد كبير لم يتم إثباته، وإنه استخدم لغة "محسوبة لإشعال الموقف".

وأضاف أن "مساهمة المدعى عليه في هذا الجنون الإعلامي كانت محاولة متعمدة لتصوير المدعي على أنه بعيد كل البعد عن كونه ضحية بريئة، وأنه في الحقيقة معتدٍ عنيف".

كما أمر القاضي روبنسون بدفع التكاليف القانونية، وذكرت "بي بي سي" أنها قد تصل إلى نحو 500 ألف جنيه إسترليني.

وفي جلسة استماع أخرى، أصدر القاضي أمرا قضائيا ضد المتطرف اليميني يمنعه من تكرار الادعاءات.

وسيتم الاتفاق على أرقام الأضرار والتكاليف النهائية، وتقديمها إلى المحكمة العليا في جلسات الاستماع المقبلة، لتحديد وسائل وأصول روبنسون.

وادعى روبنسون أنه في حالة إفلاس بعد حظر على وسائل التواصل الاجتماعي التي كان يحصل منها على دخل كبير، إضافة إلى تبرعات كانت ترده من أمريكا الشمالية.

وقال القاضي إنه لا يستطيع فعل الكثير لإجبار روبنسون على التعويضات إذا لم يثبت أن لديه أصولا تكفي لتغطية التعويضات، لكن عليه أن يدفع التكاليف القانونية.

وكان روبنسون قد حُكم عليه سابقا بالسجن لتسعة أشهر؛ بتهمة عرقلة سير العدالة في محاكمة عصابة لإغواء الفتيات واستغلالهن جنسيا، لكن "بي بي سي" تقول إن تحول القضاء نحو أمواله قد يكون له تأثير أكثر عمقا عليه.

وكان قد جنى ثروة صغيرة من قنواته الاستفزازية التي تهاجم الإسلام والمسلمين على وسائل التواصل الاجتماعي، وهي ما تكفي لتمويل نمط حياة يحسد عليه الكثيرين، مع منزل ريفي كبير، بحسب "بي بي سي".

ولهذا السبب، يعد الحكم الجديد مهما للغاية، إذ لا يقتصر الأمر على تبرئة جمال حجازي فحسب، بل إنه يفتح الباب أمام فحص قضائي لموارد روبنسون المالية، ولكيفية تكفله بمواصلة أنشطته.