أثارت تصريحات زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كليتشدار أوغلو، حول السوريين جدلا متجددا في الأوساط التركية، ما دفع بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالرد عليه.

وتعد مسألة اللاجئين السوريين في تركيا، من ضمن القضايا الشائكة في الساحة الداخلية بالبلاد، وتأتي في إطار العنصرية المتزايدة التي يعاني منها السوريون الذين فروا من سورية بسبب الحرب المتواصلة منذ عشر سنوات.

ويرى مراقبون أتراك، بأن إثارة قضية اللاجئين السوريين، تأتي في سياق الاستعداد للانتخابات المقبلة عام 2023 من الأحزاب التركية، وسط إثارة بعض المزاعم غير الصحيحة حولهم لاستقطاب الناخب التركي في ظل الأزمة الاقتصادية، وارتفاع التضخم وتذبذب العملة وارتفاع الأسعار.

كليتشدار أوغلو، قال في تسجيل مصور : "السوريون هم أقرباؤنا، لكنهم سيكونون سعداء في الأراض التي ولدوا فيها، لذلك ، سوف نرسل إخواننا السوريين إلى بلدهم في سلام".

وتابع قائلا: "عندما نصل إلى السلطة، سنحل الأزمة السورية، ومشكلة السوريين في عامين، أنا مصمم وسأفعل ذلك".

وأضاف: "وفقا للأرقام الرسمية هناك ثلاثة ملايين و600 ألف سوري يقيم على أراضينا، وهناك كثافة عالية منهم لاسيما في المحافظات المجاورة لسورية، ويفوق عدد السوريين في بعض المحافظات عدد الأتراك، وهناك شكاوى جدية، والأشخاص الذين لا يستطيعون تغطية نفقاتهم والعاطلين عن العمل يشكون من السوريين، وقد نواجه معضلات أكثر خطورة في الفترة المقبلة كمجتمع".

وقال: "نحن مجبرون على حل هذه المشكلة، وهؤلاء لم يقوموا بحلها (الحكومة)، وليس لديهم القدرة على ذلك".

وحول حله للأزمة السورية، قال كليتشدار أوغلو، إنهم في حال وصولهم إلى السلطة، سيصلحون العلاقات مع النظام السوري، وسيعيدون افتتاح السفارات، وسنأخذ التمويل من الاتحاد الأوروبي لبناءالطرق والمدارس والمستشفيات ودور الحضانة، وكل شيء في بلادهم".

 وردا على "الدعاية الانتخابية" لزعيم الشعب الجمهوري، والتي تزداد الاحتمالات بخوضه انتخابات الرئاسة التركية عام 2023، انتقد الرئيس التركي ، تصريحاته حول السوريين.

وقال أردوغان بعد عودته من قبرص التركية، الأربعاء: "يقول (كليتشدار أوغلو) سأرحلهم، مادمنا في السلطة بهذا البلد، فلن نلقي بعباد الله الذين لجأوا إلينا في أحضان القتلة".

وتابع: "أقولها بوضوح، هؤلاء لجأوا إلينا واحتموا بنا، ولا نستطيع أن نقول لهم عودوا من حيث أتيتم، لا يمكن فعل ذلك (ترحيل اللاجئين السوريين) إذا لم يكن طوعا".

وأشار أردوغان إلى جهود حكومته في إنشاء المنازل المؤقتة للسوريين في الشمال السوري، قائلا: "نواصل بناء منازل مؤقتة من الطوب للسوريين، وهدفنا أن نصل إلى 100 ألف منزل، وانتهيمنا الآن من بناء 50 ألفا منها".

ولفت إلى أنه سيتم توطين بعض اللاجئين في تلك المنازل، مشددا على "أن ذلك نهج إسلامي وإنساني ووجداني" لديهم.

وأضاف منتقدا كليتشدار أوغلو: "لكن هذا الرجل ليس لديه ذلك الهم، أو النهج، وسنواصل مساعينا لمساعدة هؤلاء الناس بشكل إنساني، وأنا أجد صعوبة في فهم كيف أنه رجل دولة أو سياسي".

وتابع، في رده على مسألة الترحيل، أنه "بموجب قواعد الأمم المتحدة، يمكن للاجئين العودة إلى ديارهم طواعية وبشكل آمن، وخاصة إذا كان اللاجئ قد تقدم بطلب الحصول على اللجوء، فإنه يتعين قبوله، هو (كليتشدار أوغلو) لا يعرف عن هذا أيضا، ولذلك لا يمكنه فعل ذلك (ترحيلهم)".

مزاعم كاذبة للمعارضة حول السوريين

الكاتب التركي محمود أوفور، قال في مقال على صحيفة "صباح" التركية، إن أحزاب المعارضة القديمة والجديدة، وخاصة حزب الشعب الجمهوري، تخوض معارضة شرسة ضد اللاجئين السوريين منذ فترة طويلة، بأكاذيب وعنصرية لا يمكن تصورها.

وتابع، أنه على الرغم من أن الجمهور أظهر في العديد من الانتخابات أنه لا يأخذ هذه الافتراءات على محمل الجد، إلا أن المعارضة لم تتخلّ عن هذه اللغة، وواصلت هذه الأكاذيب والأساليب العنصرية.

لا يزال هناك لاعبون سياسيون يدعون كذبة أن السوريين يتلقون رواتب من الدولة، ويدخلون الجامعات دون امتحانات ، ويتم فحصهم في المستشفيات مجانا، كما يقول الكاتب الذي لفت إلى أن وسائل إعلام المعارضة تبث الآن "دعايتها السوداء" تجاه اللاجئين الأفغان أيضا.

وأشار إلى أن قضية اللجوء لا تحدث فقط في تركيا والجغرافية المحيطة بها فقط، بل تحدث في أجزاء كثيرة من العالم، وهي نتاج للظلم العالمي.

ونقل الكتب عن وزير الداخلية التركي سليمان صويلو، إن تركيا إحدى الدول التي تمكنت من إدارة الهجرة بشكل أفضل، مشيرا إلى أن العالم والمعارضة توقعوا أن يتم سحق تركيا بسبب موجة الهجرة، مضيفا: "ومع ذلك, تمكنا من إدارة العملية بشكل صحيح من خلال تطوير النماذج الجديدة الخاصة بنا، ولم نتنازل عن موقفنا الإنساني، وتمكنا من السيطرة على حدود البلاد، ومازلنا نفعل ذلك".

هل يمكن ترحيل السوريين قسرا من تركيا؟

الكاتب التركي أورال شالشلار، في مقال على صحيفة "POSTA" التركية، أشار إلى أن تصريحات كليتشدار أوغلو تجاه السوريين تأتي في إطار العنصرية، مشددا على أن إجبارهم للعودة إلى بلدهم في ظل الظروف الحالية هو موقف غير إنساني.

وأضاف، أنه "على الرغم من أن الحل الذي اقترحه زعيم حزب الشعب الجمهوري يبدو معقولا، إلا أنه لا يلفت الانتباه إلى مخاطر العداء الذي يتشكل ويصبح شائعا بشكل متزايد في المجتمع تجاه السوريين".

واستطرد أن ما يجب على حزب الشعب الجمهوري فعلا أولا، شرح كيف يمكنه تهدئة ردود الفعل العنصرية والعدائية المتزايدة في المجتمع تجاه السوريين، واستخدام لغة تقلل الغضب.

الكاتب التركي عثمان سرت، أشار في مقال على صحيفة "قرار" إلى ظهور سياسيين جدد لم يكن لديهم في أذهانهم سوى معارضة السوريين واللاجئين، لافتا إلى أن هذه السياسة لا تتمتع بقاعدة تصويت داعمة.

وأوضح أن أكبر نجاح انتخابي حققه حزب الشعب الجمهوري بعد عام 1980 كانت الانتخابات المحلية في 31 مارس 2019، لافتا إلى أن الناخبين لم يصوتوا لمرشحي الحزب في إسطنبول وأنقرة وأنطاليا وأضنة على أساس أنهم سيجدون حلا لمشكلة السوريين.

ولفت إلى أنه وبحسب استطلاعات الرأي، فإن المشكلة الأساسية التي تواجهها تركيا هي الاقتصاد، وأما قضية اللاجئين تأتي في النهاية.

وأشار الكاتب، إلى أنه على فرض وصلت المعارضة إلى السلطة في تركيا، فإنها لا تستطيع تطبيق سياسة ترحيل اللاجئين السوريين إلى بلادهم إلا إن رغبوا بذلك طواعية فقط.

ولفت إلى أنه وفقا للقانون الدولي، لا يمكن إعادة الأشخاص الذين فروا من بلادهم خوفا على حياتهم.

وأوضح أن سورية تواجه مشاكل خطيرة للغاية اليوم، وهؤلاء الأشخاص لن يعودوا ما لم يتم معالجة هذه المشكلات، مرجحا أن تستمر المشكلة السورية لخمس سنوات مقبلة على الأقل.

وأضاف أن المشكلة السورية ستتواصل ما لم يغادر بشار الأسد، الذي قتل نصف مليون شخص وهجّر الملايين بدعم روسي وإيراني.