قرر برلمان العسكر أن يسن تشريعاً يقضي بعزل موظفي الدولة بحجة انتمائهم لجماعة الإخوان المسلمين، هذا التشريع يحمل بين طياته تمييزاً عنصرياً بين المصريين، ومخالف حتى لدستور العسكر فى باب الحقوق والحريات، والمادة (53) والخاصة بالتمييز بين المصريين .

وكذلك تصريحات وزير نقل الانقلاب الفاشل الذى يعلق فشله على شماعة الإخوان، فقد زعم الوزير الفاشل بأنه يوجد 162 إخواني في السكة الحديد «بعضهم سواقين قطارات» ، يريد بهذا الزعم أن الإخوان هم من يتسبب في حوادث السكة الحديد التى أصبحت شبه يومية .

وللرد على هؤلاء الفشلة مصاصي الدماء نسوق شهادة الوزير عثمان أحمد عثمان رحمه الله تعالى التي وردت في كتابه "صفحات من تجربتي" ، التى يقول فيها : ( اتصلت نشأتي الدينية فى البيت مع نشأتي الدينية فى المدرسة، وكان ذلك على يدي الرجل الذي حمل لواء الدعوة الإسلامية، ومكَّن لها فى عصرنا الحديث .

ولم أكن أتصور وقتها أن أستاذي الذي تولى تربيتي الدينية في المدرسة سيصبح صاحب مدرسة كبيرة، وضع أسسها، وما تزال، وستظل علامة رائدة يتجمع حولها كل من أراد أن يعتصم بحبل الله في كل أموره .

فكان حظي أن أتتلمذ على يدي المرحوم الشيخ حسن البنا الذي أكّد عندي الخط الديني الذى نشأت عليه في منزلنا، حتى أصبح هذا الخط محوراً لكل حياتي .

كان المرحوم حسن البنا مدرساً للغة العربية والدين في مدرسة الإسماعيلية الابتدائية، وكان شاباً في العشرينيات من عمره، وجدت عنده - رحمه الله - سعة صدر وعطفاً، كان يحبنا فأحببناه ، وتعلقنا به .

 كان لا يكتفي بما كان يعلمه لتلاميذه داخل قاعة الدرس، ولكن كان يطلب منا أن نحضر كل يوم إلى المدرسة، قبل موعد الدراسة بساعة كاملة، وعندما نحضر كان ينظمنا فى شكل طابور ، ويسير بنا إلى المسجد القريب من المدرسة، فيعلمنا الوضوء السليم، ثم نصلي فرض الصبح، ويعود بنا بعد ذلك إلى المدرسة مرة أخرى .

وقد ارتبطنا نفسياً بالأستاذ حسن البنا - رحمه الله - وكان بمثابة الأب الروحي لنا ، نستمد من علمه ومعرفته على قدر ما نستطيع .

وانطبعت فى أذهاننا أخلاقياته، وشدنا إليه حسن معاملته وقدرته على أن يستحوذ على حب الناس له وارتباطه بهم وربطهم به .

كان - رحمه الله - فلتة من فلتات الزمن، أعطاه الله - سبحانه وتعالى - من حسن الصفات والتفقُّه فى أمور الدين، والتمكُّن من دراسته ، وفهمه، واستيعابه، وقدرته على أن يعلمه لكل من كان يستمع إليه ويستمتع روحياً به .

كان يتمتع بقدرة فائقة على مخاطبة كل العقول مهما اختلفت ثقافتها، كان مشوِّقاً، لا تمله في مجلسه، ولا في حديثه .

كان - رحمه الله - مدرساً كبيراً، وعالماً جليلاً وحجة فى الدين .

وكان أن أبحر فى علم ربه سبحانه وتعالى، فكان له ما ليس لغيره من أبناء جيله، فكان له أن يستحق رضا الله فأرضى عنه كل الناس .)

ويضيف المهندس عثمان أحمد عثمان – رحمه الله - (كان ارتباطي الروحي بالإخوان المسلمين سبباً في أن أترك لهم باب شركتي مفتوحاً على مصراعيه لكل من يريد منهم أن يعمل معي ، حيث كان الإخوان لهم دور كبير في تطوير الشركة وبنائها وحيثما وجد أي منهم في أي مكان فإنه يؤدي واجبه على الوجه الأكمل، فهم يخافون الله، ومن يخاف الله لا تخف منه، وحفظت عهدي معهم ، وحفظوا مالي، وأعطوني بكل إخلاص .

قامت الشركة على أكتافهم، وبذلوا معي الجهد والعرق الكثير، الذي أجد نفسي عاجزا عن أن أرد جميله لهم في يوم من الأيام ، وأن مايريحني نفسياً .. أنهم مني وأنا منهم ، وجميعنا إخوة في الدين وفي الله ..

وكان اقتناعي بأن الإيمان يربط الإنسان بربه، ويجعل صلته بالآخرين حميدة، وجانبه مأموناً؛ ولذلك فلا أمتحن في كل من يريد أن يعمل معي كفاءته .. ولكنني كنت أمتحن فيه إيمانه، لأن المؤمن يدفعك لأن تطمئن إليه، أما والعياذ بالله – من ليس عنده إيمان؛ فهو يحتاج لمن يحرسه، ومن يحرسه يحتاج الي من يحرسه .. وهكذا .. ولكن المؤمن يخاف من هو أكبر وأقوى .. يخاف الله سبحانه وتعالى، ولا يمكن أن ينتقص في يوم من الأيام .

وكانت لي معهم طريقة عندما كان يأتي أي منهم للتعيين في الشركة .. كنت أتفق معه عليها أولاً قبل أن نبدأ أي خطوة .

كنت أتفق معه على أننا لا دخل لنا بالسياسة، وإننا نركز كل همنا في أن نبحث عن رزقنا لنربي أولادنا .. وفي إطار أن تربطنا جميعاً علاقة طيبة تتخذ من الإيمان أساساً لها. وأن يكون لكل منا علاقته الخاصة بربه دونما دخل له بعلاقة الآخرين .. أما ما هو غير ذلك فلا دخل لنا به .

وكنا نتعاهد علي ذلك المبدأ، ثم نقرأ الفاتحة وبعد ذلك نبدأ العمل .

وأسجل لهم بكل فخر وامتنان وأعترف أنه لم ينقض أيٌ منهم عهده معي .

وفي يوم من الأيام ..

وقد ثبت ذلك بالدليل العملي أثناء محاكمات الإخوان المسلمين عام ١٩٦٥ .. كان أن القوا القبض علي ١٤٥ من العاملين فى الشركة بحجة أنهم أعضاء في تنظيم الإخوان المسلمين ، ولم تثبت التحقيقات إدانة أيٍّ منهم، أو تورطه فيما يخالف العهد الذي تعاهد عليه معي .

إنهم شرفاء .. ولأن الشرفاء قليلون؛ فإننا نريد منهم المزيد، ولكن ليس على طريقة التنظيمات السرية، بل على طريقة حسن البنا عندما بدأ الدعوة في الإسماعيلية، وكان أن أثر فيّ أسلوب دعوته الأولى، وترسبت فى ذهني، واقتنعت من وقتها أنه لا أسلوب للدعوة الإسلامية السلمية إلا ذلك الأسلوب، الذي أرجو أن نصحح جميعاً مسيرتنا على أساس منه .

وأذكر أن نظام الحكم السابق ( جمال عبد الناصر )، انزعج بشكل غير عادي عندما وجد أن "المقاولون العرب" تضم كل ذلك العدد من الإخوان المسلمين .. مع أن العدد الذي تم إلقاء القبض عليه لا يمثل الحقيقة … وهو أقل بكثير من الأعداد التي تضمها الشركة من بين جماعة الإخوان المسلمين .

وكان أن وضعني النظام السابق لذلك السبب فى القائمة السوداء ، لدرجة أنه علق بالحرف الواحد قائلا : « هل هذه شركة مقاولات ، أم وكر للإخوان المسلمين؟ » .

هذه هى شهادة الوزير عثمان أحمد عثمان عن الإمام البنا وعن جماعة الإخوان الذين عملوا معه فى شركة " المقاولون العرب" وكيف كان حرصهم على ممتلكات الرجل .

واليوم رأينا من يرمي الإخوان بكل نقيصة ويتهمهم بخيانة العهد وخيانة الأمانة زوراً وبهتاناً .

فقد أصبح سبُّ الإخوان واتهامهم جواز المرور للوظائف والمناصب، بل للشهرة أيضاً !!

وحسبنا الله وكفى .