ابني في العاشرة من عمره، وبدأ يتساءل عن أسئلة خاصة بالنمو الجنسي الظاهر والباطن..

السؤال: كيف أوجهه بطريقة إسلامية عن التغيرات التي تحدث مثل: الاحتلام، حلق شعر العانة، الكيفية؟ وكل كم يوم؟ وغير ذلك من التغييرات والأمور التي هو مقبل عليها؟

الجواب:

سؤالك يدل على اهتمامك وعلى متابعتك لابنك، إلا أننا نتمنّى أيضًا أن يكون مَن الرجال الأقارب من يهتمَّ به (الوالد أو الخال أو العمّ)، إذا كان هناك مَن في سِنّهم من العقلاء – خاصّة الوالد – ينبغي أن يقترب منه في هذه المرحلة.

وعلى كل حال لا شك أن هناك إشكالا في أن يتعلّم الشاب مثل هذه الأحكام، ما يتعلق بالاحتلام، وكيف يتصرف، وما يتعلق بسنن الفطرة مثل حلق العانة وشعر الإبطين – وغير ذلك – هذه توجيهاتٍ يمكن أن نصدرها في شكل تعليم، وفي شكل محاورة عادية، ويفضل في مثل هذه الحالة أن يكون الحوار بين الأب والابن، وبين البنت وأُمِّها.

ولا مانع – كما قلنا - أن تعلِّم الأمّ ولدها مثل هذه الأمور، وعندما تحكي له أو تكلِّمه عن هذه الأمور ينبغي أن تكون هادئة وطبيعية، وتقول: «أنت بلغت الآن مبلغ الرجال، وأنا سعيدة بك، والرجل تحدث له تغيرات، والمسلم ينبغي أن ينتبه لهذه التغيرات، هناك أحكام شرعية»، وفجأة تقول: «لعلك درست في المدارس، هل عرفتم كذا؟ هل عرفتم سنن الفطرة»، يعني: الطريقة الحوارية هي الطريقة المطلوبة في هذه السن.

ثم تُبيِّن له: «إنك الآن ولله الحمد بلغت مبلغ الرجال، أو على أبواب هذه المرحلة، ونحن سعداء بك، وفي هذه المرحلة الإنسان يجد عنده ميلا، لكن المسلم عليه أن يغض بصره، عليه أن يبتعد من مواطن النساء، عليه أن يحفظ نفسه؛ لأن الإنسان إذا حفظ نفسه وابتعد عن العدوان على أعراض الآخرين وغض بصره فإن الله يحفظه في دنياه، ويحفظ عرضه، ويحفظ أسرته، ويحفظ له طمأنينة قلبه».

فكل هذه الأمور تكون عن طريق الحوار الهادئ الذي نتمنّى ألَّا يكون بصيغة الاتهام، أو كأنك تتهمينه، أو كأنه يفعل أشياء، لا، هو يحتاج أن يشعر أنه كبير، ونعلّمه أنه فعلًا أصبح كبيرًا، والكبير يتصرف وُفق الضوابط الآتية:

نحن ينبغي أن نتعامل مع المراهق أولًا بالقرب والتقبّل، وأيضًا الاحتواء، وأيضًا نؤَمِّنه نفسيًّا واجتماعيًّا واقتصاديّا، كذلك أيضًا الدعاء له، كذلك أيضًا التواصل معه جسديًّا باللمسات الحانية.

كذلك أيضًا نحرص ونجتهد في أن نحاوره، الحوار، الإقناع، مصاحبته، يكون قريبًا مِنَّا، تربيته على الصراحة، تربية روح المراقبة لله تبارك وتعالى عنده، معرفة حاجته إلى الأصدقاء، ونجتهد في أن يكون في صحبة الأخيار، وسيجد الأخيار في مواطنهم، في مساجدهم، في مواطن الخيرات، أيضًا إذا كان عندك أبناء إخوان وأبناء أخوات صالحين شجعي تداخله معهم، يعني إذا كانوا في سِنّه، وكانوا على صلاح.

مثل هذه الأمور -إن شاء الله- مع الاستعانة بالله، وكثرة الدعاء له، ستكون سببًا -إن شاء الله- في صلاح هذا الولد، وأنت موفقة طالما كان منك هذا الاهتمام، وأعتقد أن سُنن الفطرة لو جئنا بالحديث – الحديث النبوي – وشرحناه سيرتفع الحرج، أن هذه من سنن الفطرة، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم علَّمنا، وهي من سنن الأنبياء أيضًا، ثم نشرح هذه الأمور، وهذه أحسن طريقة، بيان هذه الأمور في إطار علمي، وفي إطار شرعي، وفي إطار تعليمي، يعني: كيف يغتسل؟ كيف سيصلي؟ ما الذي سيحدث له من تغيرات؟

هذه أحكام شرعية، وعمومًا عندما تفتحين معه في هذا السن هذا الحوار ستجدين عنده معلومات، وغالبًا ما يكون درسها، أو مرَّ على بعضها في المدارس، فسيكون دورك أن تُكملي فقط وتربطي بين تلك المعلومات، والمهم هو أن تؤكدي له أنك مصدر أمين للمعلومات وللتوجيهات، وأنه ابنٌ لك، فإذا احتاج إلى أي مسألة، أو أمور تحتاج إلى توضيح؛ عليه أن يلجأ إليك أو يلجأ إلى الأب، أو يلجأ إلى العمّ المتدين، أو الخال المتدين، يعني: حتى تكون الدائرة حوله دائرة آمنة، يستطيع أن يتعرّف منها على الأحكام الشرعية.

"المنتدى الإسلامي العالمي للتربية"