بقلم: د. علاء خير الله

المتابع للشأن المصري يلاحظ  تغيرا مفاجئا في موقف النظام، ودون سابق إنذار، على غير العادة، حيث نقل التلفزيون الرسمي خطبة الشيخ "أحمد عمر هاشم" من الجامع الأزهر والتي هاجم خلالها الكيان الصهيوني، داعيا إلى تشكيل قوة ردع إسلامية.
وخاطب حكام العرب- وكلاء سايكس بيكو- قائلاً : "لابد من قوة ردع إسلامية في بلاد الإسلام والعرب . كونوا صفا واحداً ، فما أّخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة".
وبالتوازى .. نشر الدكتور "أحمد الطيب" تدوينة بـ ١٥ لغة دعا فيها قادة العالم إلى "مساندة الشعب الفلسطيني ، والكف عن الكيل بمكيالين ".
ثم جاء على جمعة- مفتى العسكر- ليدلي بدلوه قائلاً :
" إذا خنا القدس - لا قدر الله ذلك ولا كتبه علينا - فإن أولادنا لن يدركوا خيانتنا إلا لعنة علينا وسيستمر الجهاد في سبيل الله إلى أن تحرر من المحتل المغتصب، وتعود إلى أمة تؤمن بكل الأنبياء " .
بالإضافة إلى تغريدة -مخبر أمن الدولة- "مصطفى بكري" الذي اعتبر فيها أن الموقف المصري بشأن الأحداث الجارية في فلسطين "يستحق التقدير" ، واصفا التصعيد بـ"العدوان الإسرائيلي" ، الذي يجب أن يتوقف "فورا".
فضلاً عن صدور تعليمات  صريحة لوسائل إعلام جهاز المخابرات، بتسليط الضوء على الممارسات الصهيونية، في القدس وغزة ، وعدم الإساءة إلى فصائل المقاومة أو عرض أية آراء ومواقف سلبية عنها .
وقبل هذا وذاك كانت تصريحات وزير خارجية الانقلاب سامح شكري في الاجتماع الطارئ للجامعة العربية، والتي حملت لهجة مختلفة تماما، خاصة حين قال : "إن المحاولات المستمرة لتغيير هوية القدس وحرمان أهلها العرب من حقوقهم .. لم تكن لتمر مرور الكرام ، لذا لم يكن مستغربا ما رأيناه من أهل القدس الذين يخوضون معركة دفاع عن الهوية والوجود يتردد صداها في كل جنبات العالم الحر ، وينظر إليها كل عربي بفخر واعتزاز".
و "أن ما تعرض له المسجد الأقصى استفز مشاعرنا جميعا"، مشيرا إلى أن "هذه البقعة المقدسة تحولت إلى ساحة حرب على أيدي القوات الإسرائيلية ، يُهان فيها المصلون العزل ويتعرضون للضرب والاعتقال ، بدلاً من أن تتم حمايتهم لكي يؤدوا شعائرهم الدينية في حرية وأمان".
وفى مقابل هذه التصريحات الموجهة من أجهزة المخابرات .. كانت هناك وسوم عديدة على "السوشيال ميديا" . 
فقد احتلت وسوم مثل :
 #افتحوامعبررفح #أنامصريودميفلسطيني  #غزةتحت_القصف 
مراكز متقدمة في لوائح الوسوم الأكثر تداولا في مصر .
#يلاعليالحدود و#فلسطين_تنتصر في مصر والأردن ولبنان .
وهنا نتساءل عن حقيقة الموقف المصري ؟ 
وبعيدا عن تسطيح الموضوع أو الانخداع بمثل هذه المواقف التمثيلية.. نوضح طبيعة الموقف المصري من خلال الواقع على الأرض .
أولاً : مازل الموقف المصري السيئ تُجاه غزة لم يتغير، ومازال الحصار الخانق مفروضاً على غزة وأهلها .
ثانياً : النظام لم يسمح حتى بوقفة على سلم نقابة الصحفيين أو داخل نقابة المحامين مع أنها لن تقدم ولن تؤخر .
ثالثاً : ما الذي تغير لدى النظام الذى ضاق ذرعا بصحفية وحيدة رفعت العلم الفلسطيني في ميدان التحرير فتم اعتقالها على الفور واقتيادها إلى أحد أقسام الشرطة؟! .
أما هذه التصريحات التى خرجت من عمائم الأزهر المخطوف لدى سلطة الانقلاب- صاحبة المواقف المعروفة-  فهى مجرد تصريحات استهلاكية لا يمكن ترجمتها على أرض الواقع إلى موقف جاد ولاتعدو كونها "محاولة لاحتواء الشارع ، والتنفيس عن الغضب الشعبي المتصاعد" 
هذا من جهة.
ومن جهة أخرى فإن تصريحات بعض عمائم الأزهر مجرد ورقة يحاول النظام من خلالها الضغط على الكيان الصهيوني لدعم موقفه في ملف سد النهضة".
وباعتقادي أن هذه التصريحات الجوفاء  جاءت نتيجة للرد الصهيوني بعدم الاهتمام بالاتصالات المصرية، بشأن التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار .
رابعاً : أن الدور المصري تقزم بصورة غير مسبوقة حتى أن مصر - الدولة الأكبر إقليميا - أصبحت  مجرد تابع لدويلة الإمارات ودولة الكيان الصهيوني ، وبالتالي فقدت دورها المحوري المؤثر والفعال لدرجة أنها تحتاج لسنوات من العمل لتتعافى من هذا الوضع المذري .
خامساً : من خلال الاتصالات المصرية تبين أن المقاومة لم تعر تلك الاتصالات اهتماما يذكر، بينما تجاهلها الكيان الصهيوني .
ومما يؤكد أن الدور المصري لم يكن له أي وزن.. هو محاولة كل من تواضروس وبعض الأحزاب الكرتونية وأعضاء برلمان "حنفي"  الإشادة بذلك الدور  المحوري في دعم الفلسطينيين في غزة وتزيينه !! .
بالرغم من أن تواضروس لم يتكلم عندما اقتحم متطرفون إثيوبيون دير السلطان المملوك للكنيسة المصرية في القدس بحماية قوات الاحتلال، ورفعوا علم بلادهم لدعمها في موضوع سد النهضة .
سادساً : يضاف إلى ماسبق أن النظام الانقلابي لا يريد السماح لأي طرف آخر أن يتصدر المشهد، خاصة تركيا، ولذلك تستهدف هذه المواقف تأكيد ريادة مصر للملف الفلسطيني، وتأكيد أن الدور المصري لا يمكن استبداله .
سابعاً: وهو الأهم أن تحول الموقف المصري بعد تجاهل الكيان الصهيوني للوفد المصري.. كان له ما قبله، بسبب عدم ارتياح النظام الانقلابي للتحركات الصهيونية الأخيرة التي تمت باتفاق مع أطراف عربية، واستبعاد مصر من المشاورات الخاصة بها.
فضلاً عن شعور النظام بانزعاج شديد من وتيرة التطبيع "الإبراهيمي" المتسارعة، والتي تقودها دويلة الإمارات، وتقدم فيها أبوظبي حوافز لدول عربية وتمارس عليها ضغوطات كي تطبع علاقاتها مع الاحتلال- السودان  والبحرين نموذجاً-.
وأخيراً وليس آخراً؛ فإن تدوير بعض عمائم الأزهر من أمثال أحمد عمر هاشم وعلى جمعة  لإلقاء خطب وتصريحات عنترية لا يعبر بالضرورة عن موقف وطنى لنظام الانقلاب بقدر ماهو رسالة لبايدن الذى لايزال يتجاهل قائد الانقلاب بأن مايقوم به من قمع ودكتاتورية هو صمام الأمان للكيان الصهيوني !!