تحت عنوان "مذبحة رابعة في مسلسل «الاختيار 2» .. «8» أدلة تعصف برواية النظام" نشر موقع "الشارع السياسي" تحليلا عن سردية مسلسل "الاختيار 2" القائم بشكل أساسي على التحريات الأمنية وأقوال الضباط وأمناء الشرطة.
وأضاف التحليل أن مسلسل "الاختيار 2" ومسلسل "هجمة مرتدة"، من إنتاج شركة "سينرجي" التابعة للشركة المتحدة المملوكة للمخابرات العامة، يروجان وحده وهما يرغب النظام في تعميم تفاصيله، بل وتقديمه في صورة "وثيقة تاريخية"!
ثورة يناير
وقال إن "الاختيار 2" يمهد لاعتبار الثورة والربيع العربي جزءاً من مؤامرة دولية على مصر والدول العربية، ويرسم المسلسلان صورة نقية بلا شوائب ولا سلبيات لأجهزة الشرطة والجيش والمخابرات (رغم اغتصابهم للحكم بانقلاب عسكري وتنفيذ عشرات المذابح الوحشية التي راح ضحيتها آلاف المصريين) مقابل تشويه المعارضين من الإسلاميين واليساريين والحقوقيين.
وأضاف أن "رواية المسلسل تزعم بإلحاح على أن ضباط الشرطة لم يطلقوا النيران إلا استحياءً لرد الهجوم الذي تعرضوا له من المعتصمين بالميدان، وبالتوازي مع هذا يزعم إصدار جماعة الإخوان المسلمين تعليماتها إلى أشخاص مسلحين في محافظات مصر للتحرك للهجوم على الكنائس وأقسام الشرطة، وهي رواية  أمنية مفبركة نفتها الجماعة رسميا عبر بياناتها، وتعصف بها الحقائق الدامغة؛ ذلك أن الاعتصام كان يتم بثه بثا مباشرا عبر عدة شاشات وفضائيات على رأسها الجزيرة مباشر. ولا تزال أحداث المذبحة موثقة بالصوت والصورة".

أكاذيب المسلسل
واشار التحليل إلى عدة أكاذيب أبرزها إدعاء أحداث واحدة من الحلقات الفائتة إلى أحداث قسم شرطة كرداسة، والزعم بأن السيدة سامية شنن -المحكومة بالمؤبد- شاركت في الهجوم على قسم الشرطة، وإعطائها مأمور قسم الشرطة “ماء نار” (مادة كاوية) ليشربه حينما طلب مياه يشربها، وظهرت في المسلسل أنها مثلت بجثامين 12 ضابطاً وفرد شرطة.
وأضاف أن الأكذوبة الثالثة هي أن قرار فض الاعتصام صدر بالتزام السلمية. على عكس الاعتراف بـ”استخدام القوة المفرطة”، حسب تعبير لجنة تقصي الحقائق الحكومية التي شكلها النظام نفسه.
والأكذوبة الرابعة تتمثل في إدعاء التسليح الكثيف والثقيل للاعتصام، وإقدام المعتصمين على استخدامها في حرق خيمهم، وهو ما يناقض ما أعلنه وزير الداخلية آنذاك محمد إبراهيم من أن الشرطة وجدت في اعتصام رابعة 9 أسلحة آلية وطبنجة (مسدس) واحدة و5 خراطيش (رصاصات). وهذه الأكذوبة تتفق مع الحكم الصادر في 2018 بإعدام 75 من قيادات وناشطي اعتصام رابعة، إلى جانب عقوبات متوقعة تتدرج من السجن 3 سنوات إلى المؤبد بحق نحو 650 آخرين من المعتصمين.
والأكذوبة الخامسة فهي الخاصة بالممر الآمن. والواقع أنه مع بداية أعمال الفض كانت إدارة الشؤون المعنوية والآلة الإعلامية التابعة لها تطلق، بالتوازي مع الرصاص في الميدان، مناشدات للمعتصمين لإنهاء الاعتصام، مقابل ضمان خروج آمن لهم، وفندت روايات موثقة وتقارير حقوقية كذب الادعاء.
وأن الأكذوبة السادسة خاصة بحرق الكنائس؛ ذلك أنه رغم آلاف المظاهرات التي انطلقت ضد الانقلاب وتم توثيق كل دقيقة فيها بالصوت والصورة لدرجة حرص القائمين عليها على بثها بثا مباشرا عبر شبكة الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، لم ترصد مظاهرة واحدة أو تجمع واحد اعتدى على كنيسة واحدة خلال الأحداث رغم المشاركة الواسعة من الكنيسة في مشهد الانقلاب الدموي.

الدليل الأول
وقال التحليل في سياق ذكر الأدلة على كذب مسلسل العسكر ترديده أن "الاعتصام مسلح" وهي التي "اعتمد عليها مسلسل «الاختيار 2» من أجل تبرير هذه المذابح الوحشية التي نفذها الجيش والشرطة بحق المعتصمين في ميادين رابعة العدوية بالقاهرة وميدان نهضة مصر ومصطفى محمود بالجيزة".
واضاف أن ذلك؛ "ليست سوى سلسلة أكاذيب ممنهجة لتبرير الجريمة الوحشية والتغطية على المذابح المروعة. وأي متابع يتسم بقدر ولو قليل من الحيدة والإنصاف يدرك تمامًا أن كل الشواهد والأدلة تنسف هذه المزاعم حول أكذوبة "الاعتصام المسلح" ويمكن رصد هذه الأدلة التي تدحض هذه المزاعم وتنسف هذه الأكاذيب من جذروها فلا يبقى لها قرار إلا في نفوسى المرضى الذي يتبعون الظنون والأوهام ضاربين عرض الحائط باليقين والشواهد المؤكدة.
وتابعت "لو كان قادة الاعتصام يريدون خوض صراع مسلح لما كان لهم أن يعتصموا من الأساس؛ لأن الاعتصام بحد ذاته هو أداة سلمية من أدوات الاحتجاج والتعبير عن الرأي".
وأردف  أن "الاعتصام أداة للتعبير السلمي وهو ما ينقض أدبيات التنظيمات المسلحة".
وأبدى تعجبا من أنه "من كان يتجه نحو السلاح والعنف وتسليح الثورة طريقًا لتحقيق أهدافه، فلماذا يحشر نفسه في اعتصام محدد ببقعة جغرافية صغيرة تتجه إليها كل الأنظار ويدخل إليها كل من يريد بشرط ألا يكون حاملاً سلاحًا كما كان شباب التأمين يشترطون للدخول خوفًا على المعتصمين من تسلل جواسيس الأمن وإثارة الفوضى داخل الاعتصام؟".

الثكنات العسكرية
وأضاف التحليل أن الدليل الثاني، هو موقع الاعتصامين في رابعة والنهضة، وهو ما يعصف حقا بكل هذه الافتراءات؛ فقد كان “اعتصام رابعة” محاطا بثكنات عسكرية من كل جانب، وتحيط به وحدات الجيش والمخابرات من كل جانب، وكاميرات هذه الوحدات العسكرية كانت تراقب كل صغيرة و كبيرة داخل الاعتصام. فهل يصح بعد ذلك ترويج أكذوبة “الاعتصام المسلح”؟!.
وأشارت إلى أن الاعتصام كان مفتوحا لأي مواطن بشرط ألا يكون حاملا للسلاح وقد كان للجيش والمخابرات جواسيس يتوغلون في الاعتصام ويمرون بكل متر فيه ويعرفون تماما أن القول بوجود أسلحة لا يقل سخافة عن القول بأن زعيم الانقلاب عبدالفتاح السيسي أسر قائد الأسطول السادس الأمريكي الذي كان يريد دعم الإخوان، أو أكذوبة وجود كرة أرضية تحت المنصة يتم فيها دفن القتلى.
أما اعتصام النهضة فقد كان بجوار أحد أكبر مديريات الأمن بالجمهورية كلها وهي مديرية أمن الجيزة التي كانت تبعد عشرات المترات فقط عن مقر الاعتصام، وكان محاطا كذلك بجهات حكومية كانت وكرا للضباط والجواسيس ويتسللون من خلالها وقتما شاءوا، كجامعة القاهرة أو حديقة الحيوان، أو حديثة الأورمان التي كانت تفصل بين مديرية الأمن والاعتصام.

البث المباشر
وأشار التحليل إلى أن الدليل الثالث، هو حرص القائمين على الاعتصام على بث كل تفاصيله ليل نهار دون توقف، في الوقت الذي سعت فيه سلطات الانقلاب منذ الأيام الأولى على فرض حالة من التعتيم الإعلامي الكامل على الاعتصام ومنع وصول وسائل الإعلام إليه وعدم تمكنيها من نقل وقائعه، في الوقت نفسه كانت تنشر وتبث أكاذيب كثيرة حوله.
وأشار التحليل إلى أنه مع إغلاق كل القنوات الإسلامية، بالتزامن مع بيان الانقلاب في 3 يوليو 2013م. نجح مهندسو اتصالات وفنيون وإعلاميون على كسر التعتيم الإعلامي من خلال فك شفرات سيارة البث التابعة للتلفزيون المصري، والتي كان أرسلها وزير الإعلام صلاح عبد المقصود يوم 28 يونيو (قبل الانقلاب بخمسة أيام) لتغطية الاعتصام، حيث تم تشغيل البث وفتحه لكل القنوات الراغبة في النقل والتي لامست 300 قناة عبر العالم.
ولفتت إلى أن أبناء قناة “مصر 25” (الناطقة باسم الإخوان) بعد إغلاق قناتهم نجحوا في تأسيس قناة جديدة باسم "أحرار 25"، واتخذت من إحدى غرف جمعية رابعة مقرا لها.
وأكدت أن قادة الانقلاب العسكري في المقابل حرصوا أشد الحرص على طمس الحقيقة ومنع البث التلفزيوني لأنهم كانوا مدركين أنهم يرتكبون جريمة نكراء يتعين أن تتم في الخفاء وبعيدا عن عيون الناس داخليا وعلى المستوى الدولي أيضا. ولذلك لم ينقطع بث هذه الفضائيات في أبشع المواقف سخونة وانتهاكًا لحقوق المعتصمين من مجازر الحرس والمنصة ورمسيس.. فهل سمع أحد يومًا أن مجموعة قررت أن تنظم اعتصامًا مسلحًا ثم تقوم في ذات الوقت بالبث المباشر لما يجري في الاعتصام ليل نهار دون انقطاع؟!.

استقبال السياسيين
وأكد التحليل أن الدليل الرابع، هو أن قادة الاعتصام أنفسهم ردوا على هذه الافتراءات التي كانت ترددها الآلة الإعلامية التابعة وقتها للجيش والدولة العميقة ورجال الأعمال التابعين لها، وتحت عنوان «قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين»، نفى قادة الاعتصام هذه الأكاذيب وأعلنوا أنهم على استعداد لاستقبال أي شخص أو جهة  للتأكد من عدم صحة هذه الشائعات، وجرى بالفعل استقبال عشرات من السياسيين والوسطاء المصريين والأجانب، كما كان الاعتصام مفتوحا على مصراعيه للإعلام الأجنبي وحتى المحلي، ولم يتم رصد مشهد واحد يبرهن على صحة هذه المزاعم.

سلميتنا أقوى من الرصاص
واعتبر التحليل أن نداء فضيلة المرشد العام الدكتور محمد بديع أكد على هذه السلمية من فوق منصة رابعة بقولته الشهيرة «سلميتنا أقوى من الرصاص»، ولا يمكن فهم ذلك إلا من خلال مسار الثورة السورية التي بقيت سلمية لـ6 أشهر كاملة ذاقوا خلالها الويل وجرى قصفهم بالطائرات والدبابات والأسلحة الثقيلة على نحو إجرامي غير مسبوق، ودفعت هذه الوحشية المرعبة من جانب نظام الأسد الثوار إلى حمل السلاح ردا على جرائم النظام ومليشياته الطائفية، فأدى ذلك إلى مقتل نحو ربع مليون سوري في ظل توطؤ دولي وإقليمي.
وقال إن الدليل الخامس، هو سلمية الاعتصامات وأنه يحسب للتيار الإسلامي ورافضي الانقلاب أنهم صبروا على أذى مليشيات الانقلاب وقمعها الوحشي وغير المسبوق ولم ينجروا للرد على جرائم السيسي بعنف مضاد ويحولوها إلى ثورة مسلحة وحرب أهلية لا تبقي ولا تذر، رغم أن جرائم السيسي لا تقل بشاعة عن جرائم بشار.

سيارة الترحيلات
وكشف التحليل أن الدليل السادس، هو؛ مذبحة “سيارة الترحيلات” التي وقفعت أحداثها في صباح يوم 18 اغسطس 2013م، حيث لقي 38 مصريا مصرعهم داخل سيارة ترحيلات سجن أبو زعبل، وذلك لأن الضباط المسئولين عن السيارة تركوا المعتقلين بداخلها لنحو 4 ساعات كاملة بدون مياه أو حتى السماح لهم بدخول الحمامات، وأمام صراخات المعتقلين داخل السيارة راح الضباط يسخرون منهم، فطلبوا أولا أن يسبوا الرئيس المنتخب محمد مرسي للسماح بدخول المياه لهم، وطلبوا منهم ثانيا أن يطلقوا على أنفسهم أسماء نساء، فلما فعل بعضهم ذلك راح الضباط يضحكون ويسخرون قائلين: نحن لا نتعامل مع نسوان! فكان المشهد وحشيا بامتياز يعكس كيف تحول الضباط  إلى ذئات بشرية افتقدت إلى أدنى معايير الإنسانية، بينما راح يتساقط بعض المعتقلين داخل السيارة من التعب والجوع والعطش والإعياء، و لما اشتد صراخ المعتقلين أطلق الضباط عليهم عدة قنابل مسيلة للدموع فقتل منهم 38 شخصا من أصل 45 كانوا داخلها! هذه الجريمة الوحشية تعصف بكل أكاذيب العسكر وبرواية النظام التي تبناها (الاختيار2).
وأكد التحليل أن (الاختيار 2) تجاهل هذه الجريمة المروعة لأنها ببساطة تعصف بكل الأكاذيب التي تأسست عليها أسطورة فض الاعتصامات والزعم بأنها كانت مسلحة.

المجازر السابقة واللاحقة
أما الدليل السابع، فأشار التحليل إلى المجازر الأخرى التي حدثت قبل الفض وأثناءه وبعده، بل المجازر التي  وقعت أثناء ثورة 25 يناير 2011م، مرورا بمجلس الوزراء ومحمد محمود وماسبيرو ومذبحة استاد بورسعيد والعباسية واستاد الدفاع الجوي، وحتى المذبحة التي وقعت بمجرد إعلان الانقلاب وحتى قبل ترويج هذه المزاعم والأكاذيب حول تسليح الاعتصام؛ فمن قتل 23 من رافضي الانقلاب في مذبحة بين السرايات يوم 2 يوليو2013م قبل إعلان الانقلاب بيوم كامل؟ ومن قتل أكثر من مائة شهيد في مذبحة الحرس الجمهوري يوم 8 يوليو بعد الانقلاب ب 5 أيام فقط؟ ومن قتل 10 في مجررة رمسيس الأولى يوم 15 يوليو؟ ومن قتل 11 مصريا منهم 5 نساء في مذبحة المنصورة يوم 20 يوليو التي قتلت فيها هالة أبو شعيشع؟ وفي مذبحة المنصة أكثر من 250 شهيدا وغيرها الكثير؟ ومن قتل أكثر من 50 مصريا في مذبحة ميدان مصطفى محمود يوم الفض؟ ومن قتل العشرات في مذبحة نفق الهرم يوم الفض أيضا؟  فمن قتل هؤلاء في معظم محافظات مصر؟ وهل كانوا أيضًا مسلحين رغم أن هذه الجرائم موثقة بالصوت والصورة؟!.


حصانة كبار العسكريين
وأشار التحليل إلى أن الدليل الثامن، هو القانون الذي سنه السيسي في صيف 2018م، تحت مسمى «معاملة بعض كبار قادة القوات المسلحة»، الذي يجيز له إصدار قرار بتحديد بعض الشخصيات العسكرية ممن تولوا مناصب قيادية في فترة تعطيل الدستور، التي وقعت خلالها أحداث رابعة والنهضة، ومنحهم حصانة نهائية من أي إجراءات قضائية بشأن أي جرائم وقعت منهم، أو بمناسبة توليهم مناصبهم، وكذلك منحهم حصانة دبلوماسية تقيهم الملاحقة القانونية خارج مصر.
وأضاف أن السيسي وضع نفسه على رأس الشخصيات العسكرية التي تستفيد من هذا القانون للإفلات من أي ملاحقة قضائية، محلية أو دولية، بسبب اعتصام رابعة، فهو المسؤول الأمني الأول في البلاد وقت الأحداث، ولن يكون بمعزل عن المحاسبة إذا تغير النظام السياسي أياً كانت الطريقة.