هذا ورد ذكره الإمام ابن القيم رحمه الله، وهو مما نقله عن شيخه الإمام ابن تيمية، ومما جربه هو ووجد أثره.

قال ابْنُ القَيِّمِ رحمه اللهُ في (مدارج السالكين) عن منزلة السَّكِينَة:
«هذه المنزلة من منازل المواهب، لا من منازل المكاسب، وذكر اللهُ سبحانه السَّكِينَةَ في كتابِه في ستةِ مواضع: 
الأول: قولُه تعالى: ﴿وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلَائِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾. 
الثاني: قولُه تعالى: ﴿ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ﴾. 
الثالث: قولُه تعالى: ﴿إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾.
الرابع: قولُه تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَة فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾.
الخامس: قولُه تعالى: ﴿لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَة عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا﴾.
السادس: قوله تعالى: ﴿إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا﴾.
وكان شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميَّةَ رحمه اللهُ إذا اشتدَّت عليه الأمورُ قرأَ آياتِ السَّكِينَةِ. 
وسمعتُهُ يقول في واقعةٍ عظيمةٍ جَرَتْ له في مرضِه تعجزُ العقولُ عن حَمْلِها، مِنْ محاربةِ أرواحٍ شيطانيةٍ ظهرتْ له إذْ ذاك في حالِ ضعفِ القوَّةِ، قال: فلمَّا اشتدَّ عليَّ الأمرُ قلتُ لأقاربي ومَنْ حَوْلِي: اقرؤوا آياتِ السَّكِينَة. قال: ثم أقلعَ عني ذلك الحالُ، وجلسْتُ وما بِي قَلَبة (أي عِلَّة).
وقد جرَّبْتُ أنا -أيضاً- قراءةَ هذه الآياتِ عند اضطرابِ القلبِ مما يَرِدُ عليْه، فرأيتُ لها تأثيرًا عظيماً في سكونِه وطُمأنينتِه».
ما أشدَّ حاجتَنا إلى قوةٍ رُوحيَّةٍ عظيمةٍ، تُعِينُنا في مسيرتِنا، وفي جهادنا، ومن أهمَّ ما يُعينُنا في ذلك: استمدادُ الطمأنينة واستنزالُ السَّكِينَة من الله تعالى، حتى نواجه الشدائدَ بعزيمةٍ لا تلينُ وثباتٍ لا يتزَعْزَعُ، حتَّى يحقِّقَ اللهُ بنا ولنا العِزَّ والنصرَ والتمكينَ للحقِّ في هذه الحياة.
وإذا كان ما قاله الإمامان الجليلان لم يرد في حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، فإن من الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن السكينة تتنزل عند قراءة القرآن:
فقد أخرج البخاريُّ عن الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قال: قَرَأَ رَجُلٌ الْكَهْفَ، وَفِي الدَّارِ الدَّابَّةُ، فَجَعَلَتْ تَنْفِرُ، فَسَلَّمَ، فَإِذَا ضَبَابَةٌ أَوْ سَحَابَةٌ غَشِيَتْهُ، فَذَكَرَهُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «اقْرَأْ فُلَانُ، فَإِنَّهَا السَّكِينَةُ نَزَلَتْ لِلْقُرْآنِ، أَوْ تَنَزَّلَتْ لِلْقُرْآنِ».
وأخرج مسلمٌ منْ حديث أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «... وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمْ السَّكِينَة وَغَشِيَتْهُمْ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمْ الْمَلَائِكَةُ وَذَكَرَهُمْ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ».
كما تتنزل عند ذكر الله، فقد أخرج مسلمٌ عن أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّهُمَا شَهِدَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «لَا يَقْعُدُ قَوْمٌ يَذْكُرُونَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِلَّا حَفَّتْهُمْ الْمَلَائِكَةُ، وَغَشِيَتْهُمْ الرَّحْمَةُ، وَنَزَلَتْ عَلَيْهِمْ السَّكِينَة، وَذَكَرَهُمْ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ».
ولا ريب أن أعظم الذكر القرآن الكريم، ولهذا فلا بأس من متابعة الإمامين الجليلين في قراءة هذا الورد القرآني، وأنصح نفسي وإخواني بذلك وخصوصا بين يدي الفعاليات السلمية التي نقوم بها. 
فهل نجتهدُ في المحافظةِ على وِرْدِنا اليوميِّ من الذِّكْرِ الحكيم، ونضيف إليه هذا الوِرْدَ؛ حتى يحصلَ لنا الأُنسُ والفرحُ والسُّرورُ والرَّاحةُ، قال تعالى ﴿الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾.