بعد أيام معدودات، سيطل علينا هلال رمضان 1442 ه نترقبه بقلوب متشوقة وحماس، و تستعد الأسرة كلها لاستقباله، بكل حب، والقلوب تلهج بالدعاء :
" اللهم أهله علينا بالأمن والإيمان والسلامة والإسلام هلال خير ورشد “.
- فماذا نقصد بالخير والرشد؟
معنى الخير:
- لفظ (الخير) في الأصل اللغوي يدل على العطف والميل
- اصطلاحا : ما يرغب فيه كل الناس، كالعقل، والعدل، والفضل، والشيء النافع، وضده: الشر
- ورد لفظ الخير في القرآن الكريم حوالي 170 مرة
معنى الرشد :
- والرشد لغة ضد الغيّ والضلال، والرشد: ضد السفه وسوء التدبير، وبلع أشده: بلغ كمال عقله وحسن تصريفه للأمور.
- والرُّشْدُ عند الفقهاء: أن يبلغ الصبي حد التكليف صالحًا في دينه مصلحًا لماله، وفي القانون: السن التي إذا بلغها المرء استقل بتصرفاته.
- وللشيخ الشعراوي تعريف آخر: “ الرشد حسنُ التصرف في الأشياء، وسداد المسلك في علَّة ما أنت بصدده”.
- ورد مصطلح الرشد في القرآن الكريم تسع عشرة مرة بصيغ عدة، في ست سور مكية وثلاث سور مدنية. وجاء على خمسة معان فصلتها آياته، وهذه المعاني هي:
- الهدى والحق والإيمان
- (فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) [البقرة / 186
- (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الوثقى لَا انفِصَامَ لَهَا) [البقرة 256]
- (رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا) [الكهف 10 ].
- البلوغ والأهلية للتصرف في المال وسداد الرأي،
- (وَابْتَلُوا اليتامى حتى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ) [النساء / 6].
- طريق الصلاح
- (وَإِن يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِن يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا) [الأعراف / 146]
- العلم و الدين
- (قَالَ لَهُ مُوسَىٰ هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَىٰ أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا) [الكهف/ 51].
- النفع
- (قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا) [الجن / 21]
دلالات تربوية ...من دعاء استقبال هلال رمضان
- حين تتوسم الخير باستقبالك لشهر رمضان ، فأنت مطالب بفعل الخير و لك البشرى :
( و افعلوا الخير لعلكم تفلحون ) الحج 77
- و مطالب بالدعوة إليه : ( و لتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ) آل عمران 104
- تذكر و أنت تنوي فعل الخير ، أنك تسير مع ركب الأنبياء الذين رفعهم الله و مدحهم بقوله عز و جل :
- ( وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ ۖ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ ﴿٧٣﴾ سورة الأنبياء
- لا يكفي أن تنوي الخير بل يجب ان تغذ السير و تحث الخطى فالموسم سباق لا يقبل التراخي :
( فاستبقوا الخيرات ) البقرة 148
- كن مفتاحا للخير ، نافعا للناس يحبك الله
- أَحَبُّ الناسِ إلى اللهِ أنفعُهم للناسِ ، وأَحَبُّ الأعمالِ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ سرورٌ تُدخِلُه على مسلمٍ) 1
- فعل الخير : زاد لك يوم لا ينفع مال و لا بنون و رصيدك يوم تنفذ كل الأرصدة
- وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ) البقرة 110
- وَمَا تُقَدِّمُوا لأنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا ) المزمل 20
- فعل الخير لا يكلفك إلا ما تيسر لديك :
( لا تَحْقِرَنَّ مِنَ المَعروفِ شيئًا، ولو أنْ تَلْقَى أخاكَ بوَجْهٍ طَلْقٍ ) 2
- و مهما كان صغيرا فإنه لا يضيع
( فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ) الزلزلة 7
فعل الخير حماية لك و لأسرتك
( يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا ) التحريم 6
- و أخيرا : قد أحسن الله إليك بأن بلغك رمضان فانظر رعاك الله كيف سترد إحسانه ؟ وقد وجهك برحمته إليه وأرشدك الى هداه: (وأحسن كما أحسن الله إليك)، حدد وجهتك فإن الناس في مواكب ومواسم الخيرات مضارب شتى (فاستبقوا الخيرات) البقرة 148
- كن / كوني قدوة في نفسك و مع اولادك و اسرتك و اهلك و جيرانك و اصحابك، و بادروا الى فعل الخير بل سارعوا و سابقوا فإن السابقين ( أولئك المقربون في جنات النعيم ) الواقعة 11- 12 و لن يسبقك في المضمار الا من كان أسرع منك ( أولئك يسارعون في الخيرات و هم لها سابقون ) المؤمنون 61
- و جودوا بأفضل ما عندكم لأنه ( لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون ) ال عمران 92
- و انشروا الخير في بيوتكم و مع أبنائكم و أحبابكم فالأقربون أولى بالمعروف؛ اذ لا خير فيمن يبتسم خارج البيت و يتجهم داخله و يغمر أهله بطوفان غضبه او يكون كالريح المرسلة بذلا للناس و يقتر على من تحت مسئوليته، و لو بكلمة طيبة أو بمشاعر دافئة، أو اعتذار رقيق.. و استقبلوا هلال رمضان بالدعاء و أنتم تطوفون في كل المعاني السابقة للخير و الرشد: نية و قولا و عملا ، تهتدوا و تفلحوا و توفقوا .. و كل عام و أنتم بخير و بيوتكم عامرة برضاه و تقواه .