الإمام الشهيد "حسن البنا" هو مجدد القرن الرابع عشر الهجري، فى رأي كثير من العلماء، لأنه أحيا الأمة بما طرحه من أفكار جديدة، جمع فيها تجارب السابقين، وطوعها بما يناسب البيئة والمستجدات على الساحتين الدولية والإقليمية.
ويعتبر الإمام البنا صاحب براءة اختراع، بما أحدثه من نقلة نوعية للدعوة فى صفوف المدعوين.
فقد وضع معالم وأسسا جديدة لمشروعه الإصلاحي، بما يتوافق مع المتطلبات والمتغيرات التي استجدت على الساحة الإسلاميّة.
لكان أهم ما ميّز دعوة الإمام البنا، التدرج في الخطوات؛ حيث قال في رسالة المؤتمر الخامس : " طريقكم هذا مرسومة خطواته موضوعة حدوده. ولست مخالفاً هذه الحدود التي اقتنعت كل الاقتناع بأنها أسلم طريق للوصول، أجل قد تكون طريقاً طويلة ولكن ليس هناك غيرها. إنما تظهر الرجولة بالصبر والمثابرة والجد والعمل الدائب، فمن أراد منكم أن يستعجل ثمرة قبل نضجها، أو يقتطف زهرة قبل أوانها، فلست معه في ذلك بحال، وخير له أن ينصرف عن هذه الدعوة إلى غيرها من الدعوات . ومن صبر معي حتى تنمو البذرة، وتنبت الشجرة وتصلح الثمرة، ويحين القطاف، فأجره في ذلك على الله." 
فقد قال عنه الشيخ محمد الغزالي رحمه الله: "استفاد الإمام البنا من تجارب القادة الذين سبقوه، وجمع الله في شخصه مواهب تفرقت في أناس كثيرين.. كان مدمنًا لتلاوة القرآن، يتلوه بصوت رخيم، وكان يحسن تفسيره كأنه الطبري، أو القرطبي، وله مقدرة ملحوظة على فهم أصعب المعاني، ثم عرضها على الجماهير بأسلوب سهل قريب، وهو لم يحمل عنوان التصوُّف، بل قد أبعد من طريقة كانت تنتمي إليها بيئته.
ومع ذلك فإن أسلوبه في التربية، وتعهد الأتباع، وإشعاع مشاعر الحب في الله، كان يذكِّر بالحارث المحاسبي وأبي حامد الغزالي.. وقد درس السنة المطهرة على والده الذي أعاد ترتيب مسند أحمد بن حنبل، كما درس الفقه المذهبي باقتضاب فأفاده ذلك بصرًا سديدًا بمنهج السلف والخلف، ووقف حسن البنا على منهج محمد عبده وتلميذه صاحب "المنار" الشيخ محمد رشيد رضا، ولعله كان أقدر الناس على رفع المستوى الفكري للجماهير، مع محاورة لبقةٍ للابتعاد عن أسباب الخلاف ومظاهر التعصب.
وقد أحاط الأستاذ البنا بالتاريخ الإسلامي، وتتبَّع عوامل المد والجزر في مراحله المختلفة، وتعمق تعمقًا شديدًا في حاضر العالم الإسلامي، ومؤامرات الاحتلال الأجنبي ضده، ثم- في صمت غريب- أخذ الرجل الصالح يتنقل في مدن مصر وقراها، وأظنه دخل ثلاثة آلاف قرية من القرى الأربعة الآلاف التي تكوِّن القطر كله.
وخلال عشرين عامًا تقريبًا صنع الجماعة التي صدعت الاستعمار الثقافي والعسكري، ونفخت روح الحياة في الجسد الهامد، ثم تحركت أمريكا وإنجلترا وفرنسا، وأرسلت سفراءَها إلى حكومة الملك فاروق، طالبين حل جماعة الإخوان المسلمين، وحُلَّت الجماعة، وقُتل إمامها الشاب الذي بلغ اثنتين وأربعين سنة من العمر، وحملته أكفُّ النساء مع والده الشيخ الثاكل إلى مثواه الأخير، فإنَّ الشرطة كانت تطاردنا- نحن المشيِّعين- حتى لا نقترب من مسجد "قيسون" الذي بدأت منه الجنازة!!
وقال أيضاً:  "لقد عاد القرآن غضا طريا على لسانه، وبدت وراثة النبوة ظاهرة في شمائله. ووقف هذا الرجل الفذ صخرةً عاتيَةً انْحسرتْ في سفحها أمواجُ المادية الطاغية. وإلى جانبه طلائع الجيل الجديد الذي أفعم قلبَه حُبّا للإسلام واستمساكاً به (…). لقد عاش على هذه الأرض أربعين عاما، لم يَبِتْ في فراشه الوثير منها إلا لياليَ معدودة. ولم تره أسرتُه فيها إلا لحظاتٍ محدودة، والعمر كله بعد ذلك سياحةٌ لإرساء دعائم الربانية، وتوطيد أركان الإسلام، في عصر غفل فيه المسلمون، واستيقظ فيه الاستعمار " 
أما  أبو الحسن الندوي – رحمه الله - : قد تجلت عبقـرية الداعي مع كثرة جوانب هذه العبقرية ومجالاتها في ناحيتين خاصتين لا يشاركه فيهما إلا القليل النادر من الدعاة والمربين والزعماء والمصلحين: 
أُولاهما :  شَغَفُهُ بدعوته، وإيمانه واقتناعه بها، وتفانيه فيها، وانقطاعُه إليها بجميع مواهبه، وطاقاته، ووسائله. وذلك هو الشرط الأساسي، والسِّمَةُ الرئيسية للدعاة والقادة الذين يُجري الله على أيديهم الخيرَ الكثير.
والناحيةُ الثانية : تأثيره العميق في نفوس أصحابه وتلاميذه، ونجاحُه المدهش في التربية والإنتاج. فقد كان منشئ جيل، ومربِّيَ شعب، وصاحب مدرسة علمية فكرية خُلُقِيَّةٍ. وقد أثَّرَ في ميول من اتصل به من المتعلمين والعاملين، وفي أذواقهم، وفي مناهج تفكيرهم، وأساليب بيانهم، ولغتهم، وخطابتهم، تأثيرا بقي على مر السنين والأحداث.ولا يزال شِعاراً وسِمَةً يعرفون بها على اختلاف المكانِ والزمان).
أما الشهيد " سيد قطب"- رحمه الله فقال: عبقرية البنا (تتجلى) في تجميع الأنماط من النفوس ومن العقليات ومن الأعمار ومن البيئات. تجميعُها كلها في بناء واحد (…)، وطبعُها كلِّها بطابع واحد يُعرفون به جميعا، ودفعُها كلّها في اتجاه واحد، على تبايُنِ المشاعر، والإدراكات، والأعمار، والأوساط، في رُبْعِ قرن من الزمان).
أما بطل الريف المغربي " الأمير محمد بن عبد الكريم الخطابي"- رحمه الله- فقد قال عندما بلغه نبأ اغتيال الإمام البنا: ( ويح مصر وإخوتي أهل مصر، لقد قتلوا وليّاً من أولياء الله).
فما أحوج الأمة اليوم لبروز داعية مجدد، يقود الأمة الممزقة، بمشروع جديد يشترشد فيه بخبرات الماضى، ومتغيرات الحاضر والمستقبل، لتنهض الأمة من كبوتها
وتعود أمة رائدة بعدما تزيلت قائمة الأمم.