تصاعدت الأزمة التي تمرّ بها تونس على كلّ المستويات الاقتصادية والاجتماعية والصحية وزادت علاقة الصراع بين المؤسسات السيادية الثلاثة في حدّة الأزمة وباتت الأنظار اليوم مسلطة على علاقة التشنّج بين قيس سعيد ورئيس الحكومة هشام المشيشي على خلفية التعديل الوزاري الذي قام به المشيشي.

ورغم مرور أسبوعين على نيل التعديل الوزاري لثقة البرلمان، لم يُحدّد رئيس الجمهورية موعدا للسماح للوزراء الجُدد لأداء اليمين الدستورية لمباشرة مهامهم. وكان قيس سعيد قد أكّد أنّه من بين الوزراء الجُدد هناك أربعة منهم تتعلّق بهم شبُهات فساد وامتنع عن السماح لهم بأداء اليمين مُشدّدا أنّه لن يُخالف القانون والدستور.

وكان المشيشي قد بعث برسالة لرئيس الدولة لتحديد موعد لأداء اليمين الدستورية للوزراء الجُدد وحين لم يتلقّ إجابة، قام اليوم ببعث رسالة تذكير لرئيس الدولة ولكن المشيشي أخطأ في صياغة عنوان مراسلة التذكير وبدلا من أن يكتُب على الظرف ''إلى عناية رئيس الجمهورية'' كتب على ظرف الرسالة ‘'إلى عناية رئيس الحكومة'' وفق ما أكّده مصدر موثوق لبيزنس نيوز، الأمر الذي جعل من حق رئاسة الجمهورية تُعيد المراسلة إلى القصبة.

ولكن النائب عن قلب تونس جوهر المغيربي نفى ما تمّ ترويجه، وأكّد أنّ الرسالة لم تتضمّن أيّ خطأ ونشر نسخة من مراسلة التذكير التي أرسلها رئيس الحكومة إلى رئيس الجمهورية، في حين أنّ مصدر "بيزنس نيوز" أكّد أنّ الخطأ لم يكن في نصّ المراسلة بل كان على الظرف من الخارج، وكانت غاية نائب قلب تونس الدفاع عن التعديل الوزاري وعن رئيس الحكومة الذي يدعمه حزب قلب تونس.

ووفقا للنسخة التي تمّ تداولها بكثرة، فإنّها لم تتضمّن أيّ خطأ وكان قد توجّه بها رئيس الحكومة إلى رئيس الجمهورية قيس سعيد من أجل تحديد موعد لأداء أعضاء الحكومة الجُدد المعنيين بالتعديل الوزاري لليمين الدستورية إثر نيلهم ثقة البرلمان بتاريخ 26 يناير الماضي.

بعد أن قام قيس سعيد بإعادة رسالة التذكير حول أداء اليمين الدستورية لرئيس الحكومة، لم يعُد واضحا إن كان هذا دليل على انفراج أزمة أداء اليمين الدستورية للوزراء الجدُد أم زادت تعمّقا وإعادة مراسلة التذكير مثّلت لدى البعض من الرأي العام دليل على رفض قيس سعيد للوزراء المتعلّقة بهم شُبهات فساد. 

ومؤكّدا تمسّكه بوزرائه الجُدد، توجّه هشام المشيشي إلى القضاء الإداري الإستشاري وبعث لهم برسالة رسمية من رئاسة الحكومة بخصوص موضوع الإشكال القانوني حول مسألة أداء اليمين الدستورية للوزراء الجُدد الذين شملهم التعديل الوزاري، وفقا لما أكّده المتحدث الرسمي باسم المحكمة الإدارية عماد الغابري.

يذكر أن ما يحدُث داخل مؤسّسات الدولة السيادية من رئاسة الحكومة ورئاسة الجمهورية ورئاسة البرلمان باتت مهزلة ومحلّ إثارة للضحك والسخرية من قبل الدول الأجنبية، رءوس السلطة في صراع عميق والدولة تسير دون ركائز واضحة، والكلّ يسعى لتطبيق قراراته، وتبقى تونس وشعبها ضحية لصراعات السياسيّين من أجل تحقيق مصالحهم الشخصية.