كشف تقرير أعده روث إنجرام لصحيفة "بيتر وينتر"، أو الشتاء الأفضل، مأساة ترتكبها الحكومة الصينية، بحق أغلب المجموعات -الإثنيات- المسلمة في تركستان الشرقية؛ تتمثل في جرائم وانتهاكات مروعة لتمزيق شمل العائلات المنتمية لمسلمي الإيجور والقازاق.

المثير للعجب في ما كشفته الصحيفة أنه "حتى كونك عضوًا في الحزب الشيوعي الصيني لا يكفي للهروب من الاعتقال إذا كنت إيجوريًا أو قازاقيًا فالأمر مرتبط بثقافتك (الإسلامية)".
واستعرض التقرير قصص ثلاث من المسلمات الموجودات (ميلكيزات وجولشيا وأمينة) في المهجر وتحديدا في تركيا عن أوضاع عائلاتهن ومدى المعاناة التي تقاسيها ويتمزق قلبهن على أسرهن.

أسرة ميلكيزات
ورغم أن والدها المسن، عبد الله حبيب الله، شرطي متقاعد، يبلغ من العمر ثمانين عامًا، يتم إبعاده بالاعتقال وللمرة الثانية خلال عامين، ففي مايو 2020، وضعته الشرطة المسلحة، لأشهر في قبو مركز الشرطة، وبالكاد يبقى على قيد الحياة على نظام غذائي من الكعك على البخار والعصيدة المائية.
ويتعرض حبيب الله لنوبات من الاستجواب بل والتعذيب، ولا توجد أخبار منه أو عن مكان الاعتقال.

أما والدتها مريم خان تورسون، 75 عامًا، فتقبع في مكان ما في أحد المعسكرات. وهم يتقاسمون نفس مصير أطفالهم الأربعة، الذين سُجنوا جميعًا خارج نطاق القضاء في شهر نوفمبر من العام الماضي.
وهم جميعا كانوا أعضاء في الحزب الشيوعي الصيني، وخدم والدها بلاده كضابط لمدة ثلاثين عامًا. ولكن يبدو أنه لا يوجد أحد محصن.

أما شقيق "مليكيزات" الأكبر، محمد حبيب الله، 45 عامًا، عمل في التأمين على الحياة واختفى في 30 إبريل 2017. وشقيقها عالم حبيب الله، 42 عامًا، كان ضابط سجن لمدة عشرين عامًا في سجن محلي. واختفت شقيقتها الكبرى مهراي حبيب الله، 40 عاما، ضابطة شرطة، في 2018، وكذلك شقيقتها الصغرى بهارجول، خريجة الجامعة وعاملة في شركة السكك الحديدية الصينية للإتصالات، في 11 يونيو 2017.
وحوكموا جميعًا معًا في نوفمبر بتهم سرية، وحُكم عليهم بالسجن لمدة تتراوح بين 3 و5 سنوات، ولكنها غادرت لتركيا و4 من أبنائها.

وبحسب التقرير بات مصير العائلة المعتقلة المختفية محل "تخمين أي شخص" وفي دائرة الخشية "أن يكونوا قد أدخلوا في برنامج "إلغاء الثقافة" التابع لدار الأيتام، ليكونوا دعاية للحزب الشيوعي الصيني بالقوة.

قصة جوليشا
وعلى عكس غالبية المعتقلين، فإن هذه العائلة هي من القازاق، وهي واحدة من المجموعات التركية الأخرى التي تعيش في تركستان الشرقية. ولكن يبدو أنهم أيضًا غير مستبعدين من جنون التعامل الصيني.

وعائلة (جوليشا) كلهم ذهبوا، فشيقها الأكبر ديلشات أورال باي 58 سنة، شقيق، خريج جامعي وصحفي حائز على جوائز ومترجم كتب أطفال غزير الإنتاج. عمل بصحيفة إيلي، وانتقل إلى أعلى الرتب ليصبح مديرًا، ثم نائبًا لمدير القسم القازاقي في صحيفة كويتون وعضو في الحزب الشيوعي وكانت التتمة حكم بالسجن لمدة 25 سنة.
وانتقل ديلشات قد انتقل إلى قازاقستان في عام 2008، حيث افتتح مصنعًا ناجحًا للبلاستيك. فجأة في عام 2017، تم استدعاؤه مرة أخرى إلى الصين. وعند وصوله، صودر جواز سفره، ولم يختف إلا بعد أشهر. ولم تسمع الأسرة أنه حُكم عليه إلا في يونيو. حتى يومنا هذا، ليس لديهم أي فكرة عن جريمته.
أما شقيقتها بختيجول أورال باي 42 سنة، فكانت جامعية موظفة في صحيفة كويتون. وكانت تملك محلا صغيرا للكتابة والنسخ واختفت فجأة في مارس 2018، ثم صدر ضدها حكم بالسجن لمدة 15 سنة. ولديها شقيقة أخرى باجيلا أورالباي 38 سنة، مصففة شعر، اختفت في مارس 2018، والعقوبة 19 سنة سجن وتركت وراءها ابنا وابنة؛ ومكان وجودهم غير معروف حاليا.

قصة أمينة
آلام أمينة العقلية لا حدود لها وهي من الإيجور تعيش في تركيا، وتنتظر أخبار زوجها وأطفالها الثلاثة في الوطن. وقد حكم على زوجها بالسجن لمدة 15 عامًا خارج نطاق القانون، أمامه طريق طويل في سجن صيني، ولكن بالنسبة لمصير أطفالها، فإنها لا تصدق إلا الأسوأ. وتمكنت من الحصول على جوازات سفر لنفسها ولأصغر طفل، وهربت قبل ولادة الطفل الخامس.
ولكن قبل أن يتمكن زوجها من إكمال الطلبات له وللأطفال الثلاثة المتبقين، ألقي القبض عليه. وبعد وقت قصير من وصولها إلى تركيا، سمعت أنه حُكم عليه بالسجن لمدة 15 عامًا لمحاولته الفرار. أما الأطفال؟ إنها لا تكاد تجرؤ على تخيل ما قد يحدث لهم الآن.

أجبرتهم سياسات حكومية صارمة لتحديد النسل في مدينة خوتان الجنوبية التي يهيمن عليها الإيجور على إخفاء حملها الرابع، ولكن عندما حملت مرة أخرى في عام 2016، لم يعد ذلك ممكنًا. لقد ذعروا لم نكن نعرف ماذا نفعل.
وأضافت عينت الحكومة رجلا شرسا تشن تشوانغو حاكما. لم نتمكن من إرتداء فساتين طويلة، كان علينا أن نرتدي ملابس قصيرة. القواعد أصبحت أكثر صرامة كل يوم. لا لحى، لا أغطية للرأس، لا صلوات، لا كتب دينية. كان الضغط رهيبًا.

وحُكم على والدتها البالغة من العمر 60 عامًا بالسجن عشر سنوات في عام 2018 بتهمة البقاء مع أمينة في تركيا. وتلقى شقيقها عبد الحكيم محمد ميم، البالغ من العمر 19 عامًا، مكالمة هاتفية مروعة من والده، أثناء زيارته لتركيا لأسباب طبية. وقال له الرجل المذعور إن الشرطة كانت على مقربة إلى منزلهم مطالبين بعودة عبد الحكيم على الفور، وإلا سيتم القبض عليه ويتم أخذه إلى أحد المعسكرات. وأوضحت قائلةً: بالطبع، عاد. وأضافت: لكن منذ ذلك الحين لم تصلنا أنباء على الإطلاق. أخذوه لأنه سافر إلى الخارج.