هذا ليس كلاما لتشى جيفارا، أو لمسئول يعرب عن قلقه، وهو يرى الظلم في رابعة النهار، أو لأحد أدعياء حقوق الإنسان، في بلادنا المنكوبة، بحكم العسكر، ومرتزقة يبررون جرائم الأنظمة الدكتاتورية، وإعلام يحترف الكذب، ويصدق مايبثه من أكاذيب وأباطيل. لكنه قول للنبي محمد صلى الله عليه وسلم الذى لا ينطق عن الهوى.
فعَنْ جَابِرٍ قَالَ لَمَّا رَجَعَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- مُهَاجِرَةُ الْبَحْرِ قَالَ " أَلاَ تُحَدِّثُونِي بِأَعَاجِيبِ مَا رَأَيْتُمْ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ". قَالَ فِتْيَةٌ مِنْهُمْ بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ بَيْنَا نَحْنُ جُلُوسٌ مَرَّتْ بِنَا عَجُوزٌ مِنْ عَجَائِزِ رَهَابِينِهِمْ تَحْمِلُ عَلَى رَأْسِهَا قُلَّةً مِنْ مَاءٍ فَمَرَّتْ بِفَتًى مِنْهُمْ فَجَعَلَ إِحْدَى يَدَيْهِ بَيْنَ كَتِفَيْهَا ثُمَّ دَفَعَهَا فَخَرَّتْ عَلَى رُكْبَتَيْهَا فَانْكَسَرَتْ قُلَّتُهَا فَلَمَّا ارْتَفَعَتِ الْتَفَتَتْ إِلَيْهِ فَقَالَتْ سَوْفَ تَعْلَمُ يَا غُدَرُ إِذَا وَضَعَ اللَّهُ الْكُرْسِيَّ وَجَمَعَ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ
وَتَكَلَّمَتِ الأَيْدِي وَالأَرْجُلُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ فَسَوْفَ تَعْلَمُ كَيْفَ أَمْرِى وَأَمْرُكَ عِنْدَهُ غَدًا. فقال رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- "صَدَقَتْ صَدَقَتْ كَيْفَ يُقَدِّسُ اللَّهُ أُمَّةً لاَ يُؤْخَذُ لِضَعِيفِهِمْ مِنْ شَدِيدِهِمْ".

تذكرت هذا الحديث الشريف، والشعب المصري يعاني من الظلم والقهر والقمع، وإهدار حقوقه، وسلب حريته، وإهانة كرامته، والاستيلاء على مقدراته، وقتله إما حرقًا أوغرقًا أو هدمًا، أوفى حوادث الطرق والسكة الحديد، ومن نجا منهم، يقتل في الشارع، وخارج نطاق القانون، بزعم محاربة الإرهاب.

واليوم يهدم النظام الانقلابى بيوت الشعب، بزعم أنها أبنية مخالفة، أو أقيمت على أملاك الدولة- وأين هى الدولة؟- ألم يقل يومًا زعيم عصابة الانقلاب: احنا عايشين في أشباه دولة وليست دولة حقيقية.
وهذا ليس بجديد على نظام انقلابى عسكرى دموى قمعى، استباح دماء المصريين وأعراضهم وأموالهم، منذ اللحظة الأولى.

والغريب في الأمر، أن من يدافع عن هؤلاء المساكين الذين شردهم العسكر، وأصبحوا في الشارع يفترشون الأرض، ويلتحفون السماء، يتعرض لحملة ممنهجة من إعلام العسكر، الذى لا همّ له إلا أنه يسبح بحمد العسكر وأنهم فوق الشبهات، وأنهم معصومون، وأنهم خير أجناد الأرض، اعتمادًا على فتاوى شاذة من إفتاء الدم، التى لاعمل لها إلا تمجيد العسكر وجرائمهم.

وقد كانت آخر ألاعيب شبيحة العسكر، تفعيل قانون التصالح في مخالفات البناء، فوجد كثيرون أنفسهم ضحايا لهذه المخالفة، لأنهم سيدفعون ثمن التصالح. الذى تقدره لجان الجباية الانقلابية بالآلاف!! هب أن المبانى مخالفة للقانون، أو مبنية على أملاك الدولة، أو على أرض زراعية، أليست هناك حلول أخرى غير الهدم والتشريد في الشوارع؟!!

وقد أظهر مقطع فيديو، تداوله نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، مواطنًا مصريًا، يقف أمام بناء مهدم وهو يشكو سوء حاله بعد أن تم هدم بيته.
ظهر المواطن، وهو يتحدث ويتوسل لقائد الانقلاب، وأنه منذ أن هدم بيته، يعيش هو وعياله في الشارع، أنا قاعد في الشارع، إيه ذنبي.
وقال هذا المسكين "أنت ما يرضيك نحن نقعد في الشارع، أنا وعيالي، وانا معاك يا ريس والناس تقول لي خلي السيسي ينفعك، وأنا معاك وحاسس إنك تعرفني شخصيا من كتر حبي ليك".
وعلى ما يبدو أن هذا المسكين نسى أن قائد الانقلاب، الذى وقف بجانبه، لا يقف إلا مع كل إللى ميرضيش ربنا!!

لا شك أن هذا المواطن الذى خدعه الإعلام العكاشى، بأن السيسى سيخلصه من حكم الإخوان، وأن نار العسكر ولا جنة الإخوان، وأن الإخوان عملاء للصهاينة وأمريكا، الآن يعض أصابع الندم، ويتوسل للطاغية لعله يحنو عليه، لأن الشعب لم يجد من يحنو عليه قائلًا: "لو كان يرضيك ياريس، أنا معاك وسميت ابني السيسي والناس بتلومني وبتقول لي خلي السيسي ينفعك، نحن عندنا 10 أطفال وحاجتي في الشارع وبايتين في الشارع ولا لاقي لبس ولا حذاء".
ولا بد من الوقوف بجوار هذا المواطن المخدوع بحكم العسكر والمظلوم، لرفع الظلم الذى وقع عليه من عصابة الانقلاب!!
وما زال مشهد المسن السيناوى، الذى يخاطب جلاوزة الشرطة وجنود الفرعون ماثل في أذهان المصريين وهو ملقى على الأرض ويقول لهم:
بتهدوا بيتي ليه؟!
انتوا الإرهاب
ليه بتزرعوا الإرهاب في نفوس أولادنا
ليه بتهدوا بيوتنا زي الصهاينة ما بتهد بيوت الفلسطنيين
لأن الكلام ده مشفنهوش إلا في إسرائيل، وبيكون مفجر أو قتل، أحنا بقه قتلنا علشان تيجي تهد بيتي؟! إسرائيل هي الدولة الوحيدة إللى بتهد البيوت؟ إللي بيهدم بيتي بدون سبب هو اللي بيصنع الإرهاب.
ليه بتعملوا فينا كده؟ ليه؟
من اللي بيصنع الإرهاب؟ أنا ولا اللي بيهدم بيتي؟

وعلى سبيل المثال لا الحصر، فقد تم هدم 1200 منزل وتشريد 3700 أسرة بمحافظة واحدة، هى محافظة الدقهلية. والسؤال أين يذهب هؤلاء، وهل تم تأمين مساكن لهم، أم يظلون مشردين في الشوارع؟
ولهذا الطاغية ولأمثاله، نسوق قول القائل: كم من طغاة على مدار التاريخ، ظنوا في أنفسهم مقدرةً على مجاراة الكون في سننه أو مصارعته في ثوابته، فصنعوا بذلك أفخاخهم بأفعالهم، وكانت نهايتهم الحتمية هي الدليل الكافي على بلاهتهم وسوء صنيعهم.