لم يكن رفض السلطات اليونانية بإغلاق مسجد في منطقة “بيرة” القريبة من العاصمة أثينا، بحجة عدم وجود التصاريح اللازمة لفتحه، الأول ضمن الحجر الذي تمارسه اليونان -أرثوذكسية المذهب المسيحي- بعد قراءة سورة الفتح في مسجد "آيا صوفيا"، وإعلان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان نيته إعادته مسجدا بدلا من أن يكون متحفا وذلك في الذكرى 567 لفتح إسطنبول.
وتعاني معظم المساجد في المدن اليونانية المهمة نفس المعاناة حيث إنها إما أُغلقت في وجه العبادة، أو تحولت إلى "كنائس" أو خصصت لأمور أخرى بعيداً عن العبادة ومنها كما مسجد "الجديد" ومسجد "ألاكا إماريت" في سالونيك تم تخصيصهما كمتاحف وقاعات عرض، وتحويل مسجد "وليفتيكو" إلى قاعة سينما وقاعة مؤتمرات أو حظائر.

مسجد أندلس
وأغلق مسؤولون يونانيون أبواب المسجد، الذي يحمل اسم "أندلس" والذي كانت أبوابه مفتوحة منذ 1989م، 32 عاما، ويرتاده عدد كبير من السياح المسلمين. وقال رئيس جمعية مسلمي اليونان نعيم الغندور إن هذا المسجد الذي خدم المسلمين وأغلق اليوم بقرار وبدون أي أسباب واضحة، وأشار إلى أن السلطات لم تبلغهم عن السبب الواضح لإغلاق المسجد.


وأوضح الغندور -مصري من بورسعيد- أنه "لا يوجد أي مسجد رسمي في العاصمة اليونانية أثينا، كما تخلو أثينا من أية مقبرة للمسلمين أيضًا"، بحسب الغندور. وأضاف "لا توجد دور عبادة مفتوحة للمسلمين في أثينا، وعادة ما يؤدي المسلمون فريضة الصلاة في أماكن شيدوها بجهودهم الذاتية". متهما اليونان بمعاملة المسلمين كمواطنين من الدرجة الثالثة.

العاصمة أثينا
ولا يتوفر لمسلمي أثينا البالغ عددهم نحو 150 ألف فرد أي مسجد، لتكون أثينا هي العاصمة الوحيدة في دول المجموعة الأوروبية التي لا تحتوي على مساجد، بل يوجد في أثينا قرابة 130 مكانا للصلاة هي عبارة عن مساجد متنقلة في المحلات التجارية والأدوار السفلى ومواقف السيارات داخل البنايات ومعظمها أماكن ضيقة وبلا تهوية في الأغلب أو مجرد غرف في مخازن أو جراجات.
ووفق الجزيرة الوثائقية "تعتبر تأدية صلوات الجمعة والأعياد والجنازة من أكبر المشكلات التي يواجها مسلمو أثينا حيث ينزل خلالها الآلاف إلى شوارع المدينة باحثين عن مكان مناسب لإقامة صلاة الجماعة وهو مشهد يخشون أن يثير استياء المجتمع".
وذكرت صحيفة "Financial Times"  البريطانية في تقريرٍ لها في فبراير 2019، أن موقع بناء أول مسجدٍ رسميٍ في أثينا أُغلِق. وتستعصي رؤية الهيكل غير المكتمل نتيجة إحاطته بأسوارٍ عاليةٍ نظراً لموقعه بين قاعدةٍ بحريةٍ وموقف حافلات داخل حي فوتانيكوس المتهالك.

وشبَّهت الصحيفة البريطانية مدخل الموقع بالمتاريس العسكرية المُحصَّن بالأسلاك الشائكة والحديد المُموَّج. وأشارت إلى أن الأسلاك حملت عبارة: "Orthodoxia i Thanatos الأرثوذكسية أو الموت" مكتوبةً باللون الأحمر فوق أربعة صلبانٍ خشبيةٍ مُلصقةٍ بالأسلاك.
أما على يسار البوابة المغلقة، فتوجد عشرات المنشورات التي تحمل شعاراتٍ عنصرية وقومية تُغطي رسم الحائط الذي يحمل جملة "Stop Islam أوقفوا الإسلام".
وأوضحت الصحيفة أن بناء المسجد واجه معارضةً قوية. إذ نظَّم مئاتٌ من مؤيدي حزب الفجر الذهبي، الحزب النازي الجديد الذي ينتمي إلى أقصى اليمين ويمتلك 15 مقعداً في البرلمان، مظاهرةً في موقع البناء احتجاجاً على المشروع الذي تُموِّله الدولة في سبتمبر الماضي.

استهداف مساجد
وفي 9 يونيو الماضي، ألقت جماعات عرقية مولوتوف على مسجد “كوبورلو” في ليماسول، في الجزء اليوناني من قبرص، بهدف إحراق المسجد وتخريبه، وكتبوا على جدار المسجد شعارات عنصرية ضد الإسلام.
وفي اليونان أيضا تم تعليق العلم البيزنطي على مسجد بقرية توزلا في القسم اليوناني من قبرص، وهاجم عنصريون أقدم مسجد عثماني في أوروبا، البالغ عمره 597 عامًا، حيث تم تعليق العلم اليوناني على المئذنة بمسجد "جلبي سلطان محمد" في ديمتوكا اليونانية.
وقال خبراء أتراك إن "هدم المعالم الإسلامية" صار هدفا في اليونان وقبرص، ومن ذلك تدمير المباني التركية الإسلامية، وخاصة المساجد، واحداً تلو الآخر، وبالذات في مناطق ليماسول وباف ولارنكا. وفي ذات السياق، أصبح الآن سطح المبنى والمئذنة وبعض جدران مسجد قرية “دينيا”، الذي يعود تاريخ بنائه إلى 1890 في حالة خراب تام.

قطع الصلة
وفي استهداف قطع الصلة بين اليونان والإسلام، لم يبقَ من جامع “جركيز”، الذي بني في الفترة العثمانية إلا جداران، وهُدم مسجد “يونس” المبني في أوائل القرن الثامن عشر، وتم بناء حديقة أطفال مكانه. كما تضررت مئذنة مسجد “أشاغه” في قرية ديفتيرا، المبني عام 1893، وذلك جراء إطلاق النار عليه، ومن بين المساجد التي استهدفها اليونانيون مئذنة مسجد “ترابي ديدي تيكيسكي”، ومسجد “أكور” في لارنكا، والتي بنيت خلال فترة الدولة العثمانية.

ومنذ بدأ البريطانيون حكم قبرص، في عام 1878، كان هناك 596 مقبرة تركية و400 مسجد و109 مزرعة أوقاف، منهم حوالي 100 مسجد داخل القسم اليوناني في قبرص، إلا أنه وبسبب الهجمات الوحشية والعداء للجوامع لم يتبق سوى عدد قليل منها. ودمرت الحكومات اليونانية جامع "سيديت"، الذي بناه إبراهيم آغا عام 1825 في مدينة باف، وفي الـ 25 من مارس 1821 بدأ تمرد اليونانيين ضد العثمانيين، وتم تحويل فناء أحد المساجد المدمرة إلى بار.

ودمر اليونانيون مسجد “ديريبويو”، الذي بني عام 1900 ولايزال المسجد مدمراً إلى يومنا هذا. وعلى ذات الصعيد فقد دمرت الإدارة اليونانية من قبرص مسجد “أشاغه” بالكامل، المتواجد بمنطقة باف، وتم بناء موقف للسيارات مكان الجامع. كما حولت الإدارة اليونانية مسجد “فينيكي”، الذي بني في عهد الإمبراطورية العثمانية، إلى خراب وهو الآن يستخدم كقن للدجاج.

وبنفس الطريقة الوحشية، بقيت 3 جدران فقط من مسجد “الشهداء الثلاثة” الذي لحق به أضرار جسيمة، ويستخدم المسجد حالياً كحظيرة للحيوانات. وبقيت الأرضية فقط من مسجد “أريديو” في نيقوسيا والمدرسة المجاورة له، كما لم يبق شيء من مسجد “كوراكو” في نيقوسيا، وتم تدمير مسجد ومقبرة “إسينداج” بالكامل.
كما تم تدمير مسجد قرية “أربلك”، التابع لمؤسسة جامع شريف، بالكامل بسبب خسارة أصوله في عام 1898، حيث تعذر تغطية تكاليف الإصلاح.