غدًا الثلاثاء (30/6/2020م)، هو اليوم الذى وعدونا أن مصر فيه (هتكون فى حتة تانية خالص)، وقد صدقوا؛ إذ نحن بالفعل (فى حتة تانية خالص)، والفضل لـ«كورونا» التى فضحت دجلهم، وأكدت أننا نعيش انهيارًا فى كل شىء، عكس ما يصور إعلامهم الكذوب.

منذ أيامه الأولى اعتاد هذا النظام المبالغة والخديعة، وتعامل مع الشعب كأنه من دون ذاكرة، فضلًا عن استخدام التزييف والشعوذة فى إحراز بطولات وإنجازات وهمية، بدءًا بجهاز العلاج بالكفتة، مرورًا بالتوكتوك الطائر، والمؤتمر الاقتصادى، وقناة السويس الجديدة، ومزارع السمك والجمبرى، والمليون ونصف مليون فدان إلخ.

ورحم الله أيامًا كانت قنوات التلفزيون تضع عدادًا على شاشاتها بالأيام التى قضاها الرئيس محمد مرسى فى الحكم دون مشاهدة إنجازات، واليوم مرت سبع سنوات عجاف على هذا النظام، كلها أزمات وفقر، وغلاء وبلاء، لم ير فيها المصريون خيرًا قط، بل يصبحون على زيادات فى الكهرباء والماء والغاز والمواصلات، ويمسون على اعتقالات وتكسير واقتحامات، ثم يشاهدون سائر القنوات والصحف، والتى تم تأميمها، تتحدث عن الإنجازات والتطورات والمشاريع الجديدة، والحقيقة أنها أكاذيب وأوهام، فالمُشَاهَد هو الفشل الذى يستتبعه المزيد من الضرائب والجبايات التى ألهبت ظهور المواطنين وألزمتهم الفقر والعوز.

لقد تحققت بالفعل إنجازات لم ينجزها نظام سابق، تمثلت فى تدمير الحياة السياسية، والتوسع فى بناء السجون والمعتقلات، والعبث بالقانون، وقمع الحريات، وملاحقة كل من يفوه بكلمة نقد للنظام، حتى النساء طالهن سيف هذه الملاحقة والإهانات، وشيد النظام العديد من الفلل والقصور الرئاسية، غير العاصمة الإدارية التى صُممت لحماية عرشه ومد أمده، غير زيادة رواتب ومخصصات من بيدهم حمايته وكبت خصومه ومعارضيه.

نعم تلك إنجازات النظام التى يتحدث عنها إعلامه بكل فخر، فهذه الإنجازات هى التى (خلصتهم من الإخوان)، وكان هذا هو الهدف الأسمى، ولا إنجاز بعده، أما غلاء الأسعار وانتشار الفقر فهى تصب –فى رأيهم- فى مصلحة الفقير؛ إذ يدّعون أن تلك مرحلة تمهيدية لمراحل مقبلة من العز والترف، والأمر يحتاج قليلًا من الصبر! وقد زعموا يومًا أنه تم إنجاز (11000) مشروع –إى والله، كان هذا عام 2017م، وحسبها الشباب فوجدوا أن الأيام والساعات تضيق بهذه المشاريع التى لم يروا واحدًا منها على أرض الواقع.

قلِّب ناظريك فى بيوت المصريين، وهى بيوت أصيلة كريمة، فلن تجد بيتًا واحدًا خاليًا من الهمِّ والكرب، من فِعْلِ هذا النظام، والناس ناقمةٌ وفى داخل كل منهم مرجل يغلى لكنهم خائفون من بطش السلطة ومن آذان «المواطنين الشرفاء»؛ فلذلك وقع الانقسام والنفور، وغاب التعاون والبر، ولو سألت الناس الآن عن حالهم لسمعت عجبًا؛ فمنهم من يريد مغادرة «المحروسة» ولو إلى الجحيم، ومنهم من يتمنى الموت؛ للضيق الذى حل بهم والهموم التى ركبتهم.

لماذا تنازل النظام عن «تيران وصنافير» للسعودية؟ والتى قيل إنها تنازلت عنهما للصهاينة؟ ولماذا وقع عام 2015م على اتفاقية المبادئ لتستكمل إثيوبيا بناء سد النهضة لتقطع شريان الحياة عن المحروسة؟ ولماذا تنازل عن «غاز المتوسط» لليونان وإسرائيل؟ ولماذا يجرِّف مزارع سيناء ويهدم مدنها وقراها ويطمس طرقها ومعالمها التاريخية؟ ولماذا فشل –أو تعمد ذلك- فى مواجهة عدة مئات يقتلون أبناءنا كل يوم فى أرض الفيروز؟ ولماذا يحاول –بشتى الطرق- صبغ الدولة بالصبغة العلمانية ونزع صبغتها الإسلامية ومحاولة استئصال كل ما يمت للفكرة الإسلامية بصلة؟ هذه أسئلة مشروعة، والإجابة عنها توضح أىَّ نظام هذا، وتبين منهجه وأهدافه وطموحاته ومن يقف وراءه، ومن خلالها تعرف ماذا سيكون حال مصر إذا استمر فى السلطة أكثر من ذلك.  

إننا أمام «سيناريو» الستينيات بكل ما فيه من فشل وهمجية وعنجهية وتفريط، وعلاقات مشبوهة وأمجاد شخصية، وكذب وتزييف. أما الأفدح هذه المرة فإن البلد لم يرث تركة كما ورث عسكر الستينيات، والحياة الآن ليست على بساطة الفترة السابقة؛ وإن يومًا واحدًا بلا إنتاج يعنى الاستدانة والقرض، فما بالك والعامر يخرَّب، والمشروعات تُعطل عن عمد، ولم نسمع عن مصانع تم تدشينها أو أرض تم استصلاحها. وأما المختلف هذه المرة فإن الإعلام لم يعد من طرف واحد، بل صار كل مواطن إعلاميًّا بذاته.. وهو ما يفضح كذبهم، ويعرِّى أوهامهم، ويكشف وطنيتهم الزائفة.