حلّت اليوم الذكرى الثامنة والأربعون لانتصار العاشر من رمضان - السادس من أكتوبر (1393ه -1973م)؛ الذي جسّد كل معاني البطولة والفداء والاستشهاد من أجل تحرير الأوطان، وامتزجت فيها دماء أبناء الأمة على اختلاف معتقداتهم وبلدانهم، فتحية إجلال وتقدير للشعبين المصري والسوري على ما قدّما من تضحيات تاريخية كبرى في سبيل تحرير الأرض واسترداد الكرامة التي ضاعت في هزيمة 1967م.

إن هذا الانتصار العظيم جاء ثمرة لالتفاف الشعبين العظيمين حول الراية الصحيحة للمعركة، وهي راية "الله أكبر"، وخوضها متسلحين بقوة الإيمان بالله والتمسك بطاعته، سبحانه، في شهر النصر، شهر رمضان الفضيل.

وكان من المفترض أن يكون هذا الانتصار العظيم منطلقًا إلى نهضة حضارية كبرى في شتى المجالات، ولكن - للأسف الشديد - ارتكست الأوضاع في البلدين بفعل الاستبداد والدكتاتورية، فسورية باتت مدمرة ممزقة، وأرضها محتلة مستباحة، ومعظم شعبها مشرّد على يد نظامها الذي فتحها على مصراعيه للجيوش الأجنبية، وما زال شعبها يعاني القتل والتشريد والاعتقال.. ومصر اليوم تحولت إلى سجن كبير على يد الانقلاب العسكري الغادر، وبات يتحكم فيها الفساد والاستبداد، بينما يرزح أحرارها خلف القضبان.

كما أن سيناء الحبيبة صاحبة الموقع الاستراتيجي المهم والزاخرة بالثروات، والتي نبه إلى أهميتها الإمام الشهيد حسن البنا، ووضع الرئيس الشهيد محمد مرسي تنميتها وتطويرها على رأس أولوياته، فقد زارها خلال عام حكمه الوحيد أربع مرات، وقرر إنشاء جهاز لتنميتها، له كامل الصلاحيات، وأقر خطة استراتيجية لتنميتها بميزانية تبلغ 4.4 مليار جنيه تهدف لتوطين 3.5 مليون نسمة، وتوفر قرابة مليون فرصة عمل، لكنها باتت - للأسف - ساحة للقتل والتشريد وسفك الدماء، في وقت احتكر المتحدث العسكري حقيقة ما يجري فيها دون بيانات رسمية واضحة وشفافة من سلطات الانقلاب، تطلع الشعب على حقيقة ما يجري، تاركةً المجال للظنون وتلفيق الاتهامات، وكأن المطلوب أن تظل تلك البقعة الحبيبة مشتعلة وتنزف بالدماء لتمرير المخططات المدمرة لأمتنا وقضيتها المركزية.

إن هذه الذكرى تنادي الأمة وشعوبها بالتزام الطريق الصحيح لتحقيق آمالها وبناء نهضتها؛ الذي يبدأ بالتخلص من كل صور الحكم الديكتاتوي الاستبدادي، والعودة إلى منهج الله القويم وشرعه الحكيم؛ الذي يوفر كل ضمانات الأمن والسلامة لكل أبناء الأمة على اختلاف أعراقهم وأديانهم.

تحيةً للشعبين المصري والسوري في يوم انتصارهما العظيم وتحية لأحرار الأمة في كل مكان.

والله أكبر ولله الحمد

الإخوان المسلمون

الأحد ١٠ رمضان ١٤٤١ هجريا = الموافق ٣ مايو ٢٠٢٠ ميلاديا