مع اقتراب مليونية الجمعة القادمة واحتشاد الجماهير في ميدان التحرير وكل ميادين الجمهورية للمطالبة برحيل قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي يحاول قائد الانقلاب الدموي توجيه ضربات استباقية بحملات اعتقالات مسعورة ضد الثوار والنشطاء والرموز السياسية وعدد من ضباط القوات المسلحة الذين يتشكك في ولائهم له ودعمهم ثورة الشعب المصري.
في نفس الوقت يحاول السيسي تجميل صورته من خلال الكشف عن عمليات فساد محدودة وإلقاء القبض على الفاسدين الصغار تحت مسمى محاربة الفساد، وبذلك يحاول السيسي استخدام ما يعرف بسياسة العصا والجزرة للنجاة من مصيره المحتوم الذي وقعته جموع الشعب المصري بخلعه وإسقاطه عبر مليونية الجمعة.
وكشف سياسيون وإعلاميون عن محاولات أذرع قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي تجميل صورته أمام الشعب المصري بتكليف جهاز الكسب غير المشروع بالقبض على موظفين بمؤسسة رئاسة الجمهورية، في قضية تجاوزات بملايين الجنيهات وإحالتهم إلى المحاكمة الجنائية العاجلة.
وكشف مصدر صحفي مقرب من صناعة القرار الإعلامي عن أن الوقائع حدثت منذ عهد المخلوع حسني مبارك، واستمرت حتى عام 2013، مؤكدًا أن مضمون الخبر لا يعبر عن العنوان الذي روّجت له أذرع إعلام السيسي وأنه لا توجد جدية في مواجهة الفساد.
وقال إن الهدف من مثل هذه الأخبار هو محاولة تجميل صورة السيسي بعدما كشفت عن فساده وخيانته وتجاوزاته فيديوهات رجل الأعمال محمد علي بوثائق ومستندات قاطعة.
حملة استباقية
وحول سياسة العصا التي يستخدمها قائد الانقلاب الدموي كشف محمود رفعت، المتحدث السابق باسم رئيس أركان الجيش المصري المعتقل سامي عنان، عن تنفيذ ميليشيات أمنية مقربة من عبدالفتاح السيسي حملة اعتقالات عشوائية ومجنونة لعدد من قادة الجيش، وأكد رفعت أن السيسي ينفذ حملة استباقية وإجراءات وقائية لمنع التمرد ضده داخل المؤسسات العسكرية.
وقال رفعت: "رغم الإجراءات التي يتخذها السيسي فإن قادة الجيش ينتظرون نزول الجماهير إلى الشوارع والميادين من أجل الوقوف إلى جانبهم والتحرك بشكل قوي ضد السيسي وإسقاطه"، مضيفًا: "قادة في الجيش ينتظرون الزخم الشعبي الكبير؛ حيث سيتم عزل السيسي والانقلاب عليه، مؤكدا أن هناك شخصيات مخلصة لمصر وهم ليسوا على نمط هذا الخائن الذي باع الأراضي المصرية".
وأكد رفعت أن السيسي لا يمتلك إلا القبضة الأمنية لمواجهة الجماهير التي ستخرج للمطالبة بإسقاطه، خاصة "بعد فقدانه سلاح الإعلام الذي أصبح مبتذلاً وغير مصدّق لدى الشارع، لا سيما عمرو أديب وأحمد موسى، اللذان لا يجدان أي آذان صاغية لهما في مصر".
وأوضح أن الأجهزة الأمنية لن تصمد إلا ساعات قليلة في مواجهة الجماهير؛ لكونها منهكة ومتآكلة لوجودها في الشارع منذ سنوات لحماية السيسي من أي تظاهرات أو تحركات ضده، وجهوزيتها ضعيفة جدًّا على الأرض".
وتابع رفعت: "يوجد شرفاء في الجيش سيرفضون التنكيل بالشعب أو تكرار المشهد السوري أو البلدان الأخرى، حتمًا سيخرج هؤلاء عن السيسي وعصابته الفاسدة التي تعتلي الجيش حاليًا بشكل سريع".
وحول رجل الأعمال محمد علي وما كشفه من قضايا فساد تقدر بملايين الدولارات متورط بها السيسي، شدّد على أن قادة من الجيش يساندون المقاول في حملته للكشف عن المزيد من الملفات.
واتهم الإمارات بمحاولتها شراء ذمم بعض قادة الجيش المصري خلال الفترة الماضية عبر أموالها؛ خدمة لأجندتها، ولكن قوبلت هذه المحاولات بالرفض والاعتراض من قبل هؤلاء.
وفي إجراءات وقائية أكد اعتقال السلطات ضباطًا، ورفض الكشف عن تفاصيل ومناصب هذه الشخصيات أو الوحدات التي تعمل معها حتى لا يتم رصد المصدر وتسريبه وإمكانية اعتقاله.
حكم الشعب
ووصف محمد شريف كامل، الأمين العام السابق للمجلس الثوري، فساد السيسي ومنظومته بأنه فاق كل ما عرفته مصر من فساد؛ بهدف تدمير ثروات البلاد، ولا دليل أكثر من التنازل عن الأرض والماء والغاز...".
وقال كامل: إن "السيسي أكد بنفسه هذا الفساد، حين خرج على الشعب يبرر فشل تفريعة قناة السويس بأنه يعلم أنه لا حاجة لها، لكنه قصد من ذلك ما أسماه رفع الروح المعنوية للشعب، فبدّد مليارات الدولارات، ثم عاد السيسي مرةً ثانيةً ليؤكد ذلك في ردّه المضطرب على المقاول محمد علي بتأكيده أنه يشيد القصور من أجل مصر".
وأكد اعتقاده أن محاولات السيسي تبييض وجهه ستفشل مشددًا على ان محاولة السيسي امتصاص غضب الجماهير بإلقاء القبض على صغار الفاسدين، كبر مركزهم الإداري في الدولة أو صغر، لن ينجح في رفع الضرر الذى أصابه وسط مؤيديه، وأشار كامل إلى أن هذا أسلوب تلجأ له الأنظمة الفاسدة بعض الوقت، لكنه لن ينجح في تهدئة جموع الشعب لكل الوقت.
واعتبر أن ما تشهده مصر الآن هو بداية النهاية للسيسي ومنظومته، ولن تنجح محاولات التهدئة، حتى لو قام بإحالة زوجته وأبنائه للمحاكمة، فقد أصدر الشعب حكم إدانة بحقه بقضية الفساد، ليضاف لقائمة الاتهام الموجه له بالقتل والإرهاب.
كبش فداء
واستبعد مختار العشري، رئيس اللجنة القانونية لحزب "الحرية والعدالة"، أن تنجح أذرع السيسي في محو صور فساده من أذهان المصريين، قائلاً: "لا أعتقد أن محاولة الخائن قائد الانقلاب العسكري البحث عن كبش فداء يفدي به نفسه، وينقذ به كرسي الرئاسة، الذي يرى أنه يهتز بالتضحية ببعض موظفي ما يسمى الرئاسة سوف يقنع الشعب بعد أن سمع بأذنيه اعترافه بما اتهمه به رجل الأعمال محمد علي".
وأضاف: إن "الشعب المصري صبور جدًّا، لدرجة يظن فيها البعض أن لا أمل فيه أن يغضب لكرامته أو حريته أو قوته، لكن الحقيقة أن هذا الحلم وهذا الصبر له ما وراءه؛ لأنه إذا ما خرج لا يعود إلا وقد انتصر لنفسه، وأخذ حقه ممن أهانه أو أفقره وجوعه".
وحول محاولات قائد الانقلاب الخائن تجميل صورته أكد العشري أن "السيسي بات في موقف المدافع، بعد أن فضحه محمد علي ومن يقف خلفه، وبعد أن نفض الشعب غبار الخوف وخرج مرة أخرى في الشوارع غير عابئ بما قد يلاقي من قتل أو اعتقال، وربما تضحي به أذرعه قبل أن يقطعها.
محاولة فاشلة
وأكد الإعلامي حسام الشوربجي أننا حتى الآن لم نلمس أي محاولة ناجحة لتبييض وجه السيسي بعد أن أساء لنفسه ولمصر في تصريحاته الأخيرة بمؤتمر الشباب، ولو كان صمَت لكان أفضل له"، مشيرًا الى أن هذا النوع من الأخبار التي تستهف تجميل صورة الخائن لن تفيده، وأشار إلى أن الشارع المصري لا يستجيب لهذه الدعوات؛ لأنه وصل لمرحلة متقدمة من الوعي وقراءة المشهد السياسي بشكل جيد، ولن يسمح بتكرار محاولات السيسي لتجميل صورته ومواصلة أكاذيبه.
وقال الشوربجي: إن الشارع لن يهتم بمثل هذه الأخبار التي فحواها أن هؤلاء الأشخاص الذين أدينوا في قضايا فساد وأحيلوا إلى المحاكمة كانوا موظفين في مؤسسة الرئاسة منذ عهد المخلوع مبارك، ولا علاقة لهم بالسيسي.
وكشف عن أن السيسي في هذا الوقت سيضحي بكل من ليس لهم نفوذ، لكنه على أرض الواقع لن يلقى أي قبول لدى الشارع المصري، مشيرا إلى أن هناك ردة فعل تكشف عن أن نظام المنقلب السيسي يريد تجميل صورته على حساب قضايا قديمة، وفي نفس الوقت لن يتوقف مسلسل فساده وإهدار أموال الدولة.