وصف خبراء ومحللون اقتصاديون تعديلات ضريبة الدمغة التى أقرها نظام العسكر بأنها بمثابة سرقة علنية للمواطنين واستيلاء على مدخراتهم فى البنوك محذرين من ان هذه الضريبة ستؤدى إلى موجة جديدة من رفع الأسعار وزيادة أعباء المواطنين خاصة الطبقات الفقيرة والمهمشة.
وقالوا ان تعديلات قانون ضريبة الدمغة سينتج عنها رفع رسوم استهلاك الكهرباء وتراخيص السيارات والبناء والمعاملات البنكية، وكذلك الاتصالات، والعديد من الأنشطة الأخرى. وأكدوا الخبراء أن مواصلة حكومة العسكر فرض المزيد من الضرائب والدمغات والرسوم؛ بهدف سد عجز الموازنة، يشكل عبئا كبيرا على المواطنين، ويرفع أسعار جميع الخدمات المقدمة لهم، أو التي يريدون الحصول عليها.
كانت اللجنة المشكلة لصياغة تعديلات ضريبة الدمغة قد اقترحت فرض ضريبة دمغة 4 في الألف عن تحويل الأموال عبر الجهاز المصرفي، سواء من حساب لحساب، أو من الداخل للخارج للشخص المقيم فقط، سواء مصريا أو أجنبيا وكذلك رفع ضريبة الدمغة على تراخيص المحاجر، ومصانع الطوب، والملاهي، ووثيقة الشحن، وجميع مراحل الشهادات التعليمية حتى الدكتوراه؛ بهدف رفع الحصيلة الضريبية 20 بالمئة. كما أقر عبد الفتاح السيسي، القانون رقم 138 لسنة 2019 بتعديل بعض أحكام قانون ضريبة الدمغة الصادر بالقانون رقم 111 لسنة 1980. وفرضت حكومة العسكر ضريبة الدمغة على أعمال البورصة المصرية.
ووفقًا للمادة الأولى من القانون - الذي نشرته الجريدة الرسمية - يستبدل بنص البند الثالث من الفقرة الثانية من المادة 83 مكررًا من قانون ضريبة الدمغة الصادر بالقانون رقم 111 لسنة 1980 النص الآتي :
فرض ضريبة على إجمالي عمليات شراء الأوراق المالية أو بيعها بجميع أنواعها سواء كانت هذه الأوراق مصرية أو أجنبية، مقيدة بسوق الأوراق المالية أو غير مقيدة بها وذلك دون خصم أي تكاليف، ويتحمل عبء هذه الضريبة كل من البائع والمشتري
وهذه الضريبة تضمنتها "المادة 83 مكررًا / البند الثالث : 50ر1 في الألف يتحملها المشترى، و 50ر1 فى الالف يتحمها البائع من 1/ 6/ 2019 وحتى 16/5/2020.
البورصة المصرية
وتستهدف حكومة العسكر من هذه الضرائب تحقيق إيرادات ضريبية بقيمة 856.6 مليار جنيه في العام المالى الجديد، بزيادة نحو 96 مليار جنيه عن العام المالي الماضي وتمثل الضرائب بمختلف أنواعها نحو 75.5% من إجمالي الإيرادات العامة في العام المالي الحالي. وتنقسم الضرائب في الموازنة العامة للدولة إلى نوعين رئيسيين: ضرائب مباشرة، وضرائب غير مباشرة.
من جانبها قالت رانيا يعقوب محلل الاقتصاد الكلي وأسواق المال، إن قرار تثبيت سعر ضريبة الدمغة عند 1.5 في الألف لم يكن القرار المنتظر من قبل المتعاملين في أسواق المال في ظل ما تعانيه البورصة من انخفاض في أحجام التداولات. مضيفة فى تصريحات صحفية: كان من الأفضل إعادة النظر في الضريبة بشكل كامل بدلًا من التثبيت، خصوصًا أن المتعاملين يرون أن هذه الضريبة عبئا مضافا عليهم.
موضحة أن ضريبة الدمغة غير عادلة والأكثر عدالة هي ضريبة الأرباح الرأسمالية، وأنّ هذه كانت مطالب العاملين في سوق المال والتي رُفعت مرارًا إلى رئيس البورصة لعرضها على حكومة العسكر. وأشارت يعقوب إلى أن تراجع أحجام التداول وما تعانيه البورصة حاليًا يهدد خروج البورصة المصرية من مؤشر مورجان ستنالي للأسواق الناشئة.
عجز الموازنة
وقال الباحث الاقتصادي، حافظ الصاوي، : إن "الضرائب غير المباشرة، وعلى رأسها ضريبة الدمغة، من الأبواب السهلة التي تساعد حكومة السيسي في تنفيذ أعمالها الجبائية، وكل ما يتطليه الأمر هو مشروع قانون يُقدم لمجلس نواب العسكر، الذي هو أداة في يد السلطة التنفيذية، وبالتالي يقر القانون دون مناقشة"، مهما كانت العواقب.
وبشأن تداعيات القانون، أكد أن "القانون يعود بالسلب على أهم طبقتين؛ الفقيرة والمتوسطة، ويعد من أسوأ أنواع الضرائب؛ لأنه يفتقد للعدالة الضريبية بين طبقتي الفقراء والأغنياء، ويساوي بينهما"، محذرا من ان ضريبة الدمغة على التعاملات البنكية ستعرقل مسألة الشمول المالي، وتشجيع الأفراد والشركات في التعامل مع الجهاز المصرفي، وستدفعهما للتعامل النقدي الفوري بدلا من التحويلات". مضيفا أن "حكومة العسكر تهرب إلى الأمام من خلال اتخاذ مثل هذه الإجراءات القاسية، فبدلا من أن تهتم بالإنتاج السلعي الحقيقي، وزيادة الإنتاج بصفة عامة، وزيادة مساهمة القطاع الخاص، والمشروعات الصغيرة والمتوسطة، تلجأ إلى مثل هذه الضرائب غير المباشرة لسد عجز الموازنة.
وحذر الصاوي من أن "حكومة العسكر ستظل تستخدم هذه الأدوات ما لم تعالج المشكلة الرئيسية في الموازنة العامة للدولة، وهو تفاقم أعباء الدين العام الذي وصل لنحو 38% من حجم مخصصات عام 2019-2020".
سرقة مقننة
واستنكر المحلل السياسي والاقتصادي، محمد السيد، تمادي حكومة العسكر في استنزاف أموال المواطنين بدعوى الإصلاح الاقتصادي، قائلا: "ما تقوم به حكومة الانقلاب من زيادة الضرائب، والرسوم، والدمغات، بحجة الإصلاح الاقتصادي، وترشيد الاستهلاك، لن ينقذها من مستنقع الديون والعجز المستمرين".
وقال ان "ما حدث خلال السنوات الماضية من تطبيق مجحف لشروط صندوق النقد الدولي، كتعويم الجنيه، ورفع الدعم عن كافة السلع والخدمات، وفرض ضرائب جديدة من بينها ضريبة القيمة المضافة، 75% من الإيرادات العامة، لم يُشعِر المواطن بأي تحسن، بل زادت الأمور سوءا، واستمر عجز الموازنة ". مؤكدا أن "البذخ والإنفاق غير المسبوق في مشاريع لا طائل منها أدى إلى المزيد من الاقتراض الخارجي والداخلي؛ ما زاد الأعباء على الموازنة، ولم يعد أمام السيسي ونظامه الفاسد غير وضع يده في جيب المواطن، حتى باتت مدخرات المصريين بالبنوك هدفا له".
واتهم نظام السيسي بتبديد أموال المصريين، قائلا: "بعدما كشف المقاول محمد علي عن حجم الفساد وكيفية إدارة أموال الشعب في مجاملات وإنشاء قصور وفيلات، لم يعد أمام السيسي سبيل غير فرض المزيد من الضرائب، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، بفرض دمغات على المعاملات؛ لتخفيض عجز الموازنة على حساب الشعب".