توقع خبراء اقتصاد قدوم موجة جديدة من ارتفاع الأسعار بعد قرار حكومة الانقلاب تعويم الدولار الجمركي، محذرين من أن هذا القرار ستكون له تأثيرات سلبية على الطبقات الفقيرة.

وقالوا: إن مصر تستورد معظم السلع والمنتجات الأساسية التي تمثل حاجات ضرورية للمواطنين من الخارج، مؤكدين أن تحرير الدولار الجمركي سيرفع أسعار هذه السلع والمنتجات.

وأضاف الخبراء أن سلطة الانقلاب تواصل سياستها الرامية لتجويع المصريين، واستنزاف ما في جيوبهم خضوعًا لإملاءات صندوق النقد والبنك الدولي.

كانت وزارة المالية بحكومة الانقلاب قد أعلنت العمل بأسعار صرف العملات الأجنبية المعلنة من البنك المركزي عند تقدير الرسوم الجمركية على الواردات من الخارج بكافة أنواعها، اعتبارًا من أول سبتمبر الحالي، طبقًا لقانون الجمارك.

وبررت حكومة الانقلاب إلغاء الدولار الجمركي بزوال الظروف الاستثنائية التي جعلتها تتعامل بالدولار الجمركي، زاعمة أن أسعار العملات الأجنبية المعلنة من البنك المركزي استقرت الآن وتقاربت مع أسعار الدولار الجمركي.

وقالت إن أيام الإجازات الرسمية والعطلات سيتم التعامل خلالها وفقًا لسعر الإقفال المعلن من البنك المركزي للعملات الأجنبية في آخر يوم عمل سابق على تاريخ تسجيل البيان الجمركي.

الدولار الجمركي

يشار إلى أن الدولار الجمركي هو ما يدفعه المستورد من رسوم جمركية بالعملة المحلية، بما يوازي الرسوم بالعملات الأجنبية المفروضة، نظير الإفراج عن البضاعة المستوردة المحتجزة في الجمارك، ويتم تحديد الدولار الجمركي شهريًا، منذ يناير عام 2017، بعد تعويم الجنيه في نوفمبر عام 2016.

ويحدد سعر الدولار الجمركي سعر السلع المستوردة، وأي زيادة فيه تنعكس على أسعار تلك السلع.

من جانبها حذرت شعبة المستوردين بغرفة القاهرة التجارية، من أن القرار سيؤدي إلى ارتفاع كبير في أسعار السلع الأساسية بالسوق المصرية، وسيخلق تذبذبًا بين أسعار السلع التي سيحاسب عليها المستوردون جمركيًّا، وبالتالي اختلاف تكلفة استيراد السلعة نفسها، مع اختلاف سعر الصرف من وقت لآخر، وهو ما سينعكس في النهاية على تذبذب أسعار السلع نفسها بين تاجر وآخر في الأسواق.

فيما توقعت شعبة الملابس باتحاد الغرف التجارية أن يدفع قرار إلغاء التعامل بسعر الدولار الجمركي إلى زيادة الأسعار الملابس المستوردة، مؤكدة أنه قرار غير صالح للمستهلك.

الأدوات المنزلية

وقال فتحي الطحاوي، نائب رئيس شعبة الأدوات المنزلية بغرفة القاهرة التجارية: إن تحرير سعر الدولار الجمركي يسهم في ارتفاع الأسعار داخل الأسواق الفترة القادمة.

وأكد الطحاوي - في تصريحات صحفية - أن الأسعار مرشحة للارتفاع بنسبة 5% على الأقل بعد تحرير سعر الدولار الجمركي، وهناك سلع سيكون حجم الارتفاع ما بين 2 إلى 3% وهي مستلزمات الإنتاج المعفاة من الضرائب وبعض الحاصلات الزراعية.

واوضح أن السلع الأساسية كانت يتم حسابها بسعر الدولار الجمركي 14 جنيهًا، لافتًا إلى أن الفترة الماضية شهدت تغييرًا مستمرًا في أسعار الصرف؛ ما أدى لتغيير مستمر في أسعار السلع، وكانت هناك مطالب كثيرة من المستوردين لتخفيض سعر الدولار الجمركي أو تثبيته لفترة طويلة.

واشار الطحاوي إلى أن القرار ليس له أي إيجابيات والدول التي تعاني من الكساد والتضخم لا بد أن تقلل الضرائب والجمارك.

زيادة الأعباء

وانتقد د. يسري طاحون، أستاذ الاقتصاد بجامعة طنطا، سياسة حكومة الانقلاب في اتخاذا القرارات، مؤكدًا أن القرار ليس وقته الآن على الإطلاق، لا سيما أنه سينتج عنه مشكلات كثيرة، فضلًا عن كونه سيؤدي إلى زيادة الأعباء على المواطنين.

وأكد طاحون - في تصريحات صحفية - أن يؤدي القرار إلى زيادة أسعار جميع المنتجات والسلع التي يتم استيرادها من الخارج، لافتًا إلى أن المستورد سيقوم برفع الأسعار، وبالتالي سيرفع التجار الأسعار؛ ما يعني أن من سيتحمل الزيادة وتبعات القرار هم المواطنون أو المستهلكون النهائيون.

وأشار إلى أن القرار سيؤثر على التضخم؛ حيث سترتفع نسبته، موضحًا أن التضخم الآن مرتفع بشكل ملحوظ، وليس له أسباب في أحيان كثيرة، لكن بعد ذلك القرار سيكون ذلك أحد أسباب ارتفاع التضخم.

وتوقع طاحون أن تعاود أسعار السيارات الارتفاع من جديد، بعدما شهدت أسعارها الفترة الماضية انخفاضًا بعد حملة "خليها تصدي"، مشيرًا إلى أن قرار حكومة الانقلاب بتحرير الدولار الجمركي أحد شروط صندوق النقد الدولي.

فاتورة الواردات

وأكد د. مصطفي أبوزيد، مدير مركز مصر للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، أن قرار تحرير سعر الدولار الجمركي سيكون له تأثير على زيادة أسعار مدخلات إنتاج السلع الأساسية وبالتالي زيادة أسعار السلع والمنتجات التامة بما يتراوح بين  5% و 10% .

وقال أبوزيد - في تصريحات صحفية - أن سعر الدولار الجمركي سيؤدي إلى زيادة فاتورة الواردات؛ بما يؤثر بالسلب على حجم الاحتياطي الأجنبي لدى البنك المركزي.

وشدد على ضرورة استثناء واردات السلع ذات القيمة المضافة والتي تحتاجها السوق المصرية من قرار تحرير سعر الصرف الجمركي لتعميق التصنيع المحلي والحفاظ على تنافسية المنتجات المصرية.

وأشار أبوزيد إلى أن هناك جانبًا آخر من القرار من شأنه التأثير على حجم الصادرات المصرية، متوقعًا أن تتراجع خلال الفترة المقبلة بسبب قرار التعويم.

الأخشاب

وقال محسن التاجوري، نائب رئيس الشعبة العامة للمستوردين في الاتحاد العام للغرف التجارية: إن إلغاء الدولار الجمركي، والعمل بسعر الدولار الحر، سيؤدي إلى ارتفاع بعض أسعار السلع الأساسية التي ليس لها بديل محلي، مثل الأخشاب، وذلك في الوقت الذي يعاني فيه السوق من حالة ركود.

وطالب التاجوري وزارة المالية بحكومة الانقلاب بإعادة النظر في هذا القرار؛ "لأن التجار يريدون تحريك السوق، وليس وقفه نهائيا كما سيحدث".