استنكر سياسيون وخبراء بالأمن القومي توسع قوات الجيش في استخدام سياسة الرصاصات الطائشة بشمال سيناء لحماية الكمائن ونقاط الارتكاز الأمنية، وقالوا إن هذه السياسة تعكس فشل خطط الجيش في مواجهة أنصار تنظيم ولاية سيناء، بعد العمليات النوعية التي جرت ضد قوات الجيش والشرطة في الأشهر الماضية.

وحسب الخبراء فإن دعوات الإضراب التي دعا إليها نشطاء بسيناء، ردا على استهداف الجيش للمدنيين بشكل عشوائي واحتجاجا على جرائم العسكر، سوف تكشف للعالم حقيقة ما يحدث هناك في ظل التعتيم الإعلامي، والحصار الأمني الذي تعيش فيه سيناء منذ بدأت العملية العسكرية "سيناء2018" قبل أكثر من 18 شهرا.

كان نشطاء سيناويون قد دعوا لتنظيم إضراب عام في شمال سيناء بعد مقتل رغد محمد جمعة (24 عاما) قبل أيام، بعد إصابتها برصاصتين طائشتين من قوات الجيش أثناء سيرها مع والدتها بالقرب من إحدى الكمائن. وتحت عنوان "أوقفوا الرصاص العشوائي"، دشن ناشطون هاشتاج، دعوا فيه لتنظيم الإضراب العام، مؤكدين أن ما يقوم به الجيش يمثل استعداء لأهالي شمال سيناء، ويزيد من عداوة ضد نظام العسكر.

موسى سليمان عودة

من جانبه أكد الناشط السيناوي فيصل أبو هاشم، بصفحته على "فيسبوك"، أن أبناء سيناء يقتلون برصاص الجيش والشرطة وليس برصاص الإرهابيين، باعتبارها سياسة ممنهجة لنظام العسكر محذرا من أن الأهالي سيضطرون إلى إضراب شامل والتظاهر بالشوارع لأن ما يحدث هو استعداء لهم وخلق أعداء دون مبرر.

وقال أبو هاشم: "القتل سيدفع أهالي شمال سيناء لكراهية دولة العسكر ما سيتسبب في إطالة أمد الحرب على الإرهاب"، معبرا عن عدم خوفه من "اعتبار رسالته دعوة للتجمهر والاعتصام".

وتساءل الناشط السيناوي أبو الفاتح الأخرسي عبر حسابه بـ"فيسبوك"، عن الذنب الذي اقترفته الشابة "رغد" حتى تلقي حتفها، وهي تسير مع والدتها، وليس معها سلاح، مضيفا: "حدِّثوني أكثر عن بطولات جيشكم في سيناء.. هذا هو الطفل موسى سليمان عودة، عمره 10 سنوات، اتكتب عليه يقضي عمره مشلول، بعد أن اخترقت رصاصة صدره وخرجت من العمود الفقري بعد ما أصابته بالتفتت". وأوضح الأخرسي أن "موسى كان بيلعب عند بيته في الشيخ زويد ، من فضلك تخيل إنه ابنك ، قبل ما تطلع تتكلم وتردد شعارات فاضية عن وطنية زائفة، وبعد كده أنا راضي برأيك".

عزل سيناء

وفي تعليقه على دعوات الإضراب يؤكد رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس الشورى السابق رضا فهمي أن الوضع في سيناء يزداد خطورة، وهناك فشل واضح لسياسات النظام العسكري برئاسة عبد الفتاح السيسي، ما جعل كل أهالي العريش ورفح والشيخ زويد والقرى التابعة لهم، يقعون في نطاق استهداف قوات جيش وشرطة الانقلاب.

ويوضح فهمي أن العملية العسكرية التي بدأها الجيش بسيناء في نوفمبر 2018، لا يعرف أحد ما الذي انتهت إليه، إلا أنها قامت بعزل سيناء، ووسعت الفجوة بين أهلها وبين الدولة المصرية، وبدلا من أن يعلن النظام العسكري عن نتائج مواجهته لما يعتبرهم إرهابيين تابعين لولاية سيناء، تعامل مع كل الشعب السيناوي على أنهم أعداء للنظام، وأعداء لاستقراره، وأحد المعوقات التي تقف أمام تطبيق خطته الرامية لتفريغ سيناء لصالح إسرائيل. ويضيف: "يجب أن يعرف العالم حقيقة ما يحدث في سيناء، وأن يعرف أن النظام العسكري، فشل في محاربة الإرهاب، ويقوم بدلا منه بمحاربة أبناء سيناء العزل والمعزولين عن العالم الخارجي، مطالبا المجتمع الدولي بأن يضع ما جاء في تقرير هيومن رايتس ووتش، عن المأساة التي تعيشها سيناء محل مناقشة ومحاسبة للنظام المصري الدموي".

6 آلاف مواطن

ويشير عبد المعز الشرقاوي الباحث المختص بالأمن القومي إلى أن "الهدف من سياسة الرصاصات الطائشة، ليس حماية الأكمنة الأمنية، أو توسيع نطاق استهداف عناصر تنظيم الدولة، وإنما الهدف الأساسي هو دفع أبناء سيناء للفرار بأنفسهم وترك أراضيهم وقراهم، بعد أن أصبحوا جميعا في مرمى نيران قوات جيش وشرطة الانقلاب، وهو ما يأتي ضمن خطة شاملة ينفذها نظام الإنقلاب لإخلاء سيناء من أهلها".

ويذكر الشرقاوي بأنه "لم يتم تقديم اعتذار من قوات الجيش عن أية حادثة جرت خلال الأيام الماضية، ولم يتم تقديم أي فرد أمن وليس حتى ضابطا، للمحاكمة بتهمة قتل المدنيين العزل، ولكن الواقع يشير إلى أن الأوامر ما زالت مستمرة، ومحددة بأن يتم توجيه الرصاص للجميع حتى الأطفال والنساء". ويوضح أن فكرة الإضراب العام بسيناء تحتاج لجهد إعلامي ضخم، في ظل سياسة التعتيم الإعلامي الممنهج الذي يقوم به نظام السيسي تجاه سيناء، كما أنه يتطلب دعما حقوقيا كبيرا، حتى يقف العالم على حقيقة خطط السيسي تجاه سيناء وأهلها.

وأشار الشرقاوي إلى أن العديد من التقارير الحقوقية أكدت مقتل ما لا يقل 6 آلاف مواطن سيناوي، منذ العملية العسكرية "سيناء 2018"، بالإضافة لاعتقال الآلاف من الشباب والنساء، وتلفيق القضايا العسكرية لهم، والتوسع في إصدار أحكام الإعدام ضدهم وتعرض المئات منهم للتصفيات الجسدية، وهو ما يؤكد أن هدف النظام، لم يكن حماية سيناء من الإرهاب، وإنما الانتقام من أبنائها لمواقفهم المعروفة برفض الانقلاب العسكري.