قدمت السفارة الإيطالية لدى القاهرة، منذ أيام، طلبًا للنيابة العامة للاطلاع على مستجدات التحقيق في قضية الباحث الإيطالي "جوليو ريجيني"، وما تم فيها خلال الأشهر الثمانية الماضية، وفقًا لمصادر قضائية مصرية.

تأتي هذه الخطوة بعد أسابيع من إعلان رئيس الوزراء الإيطالي "جيوسيبي كونتي" في اجتماع السفراء الدوري في روما، أنه لن يكفَّ عن مطالبة نظام العسكر في مصر بتوضيح الحقيقة بالطرق السياسية.

وأضافت المصادر أن الطلب الإيطالي لم يذكر أيًّا من الطلبات السابق تقديمها بشأن استجواب الضباط أو الحصول على تسجيلات مصورة أو مسموعة جديدة بخصوص التحريات التي أجريت حول "ريجيني" قبل أيام من وفاته، ولكنها اقتصرت فقط على استيضاح التطورات إن وجدت، بما يرجح أن الغرض الرئيسي من الطلب هو سياسي بحت.

وأكدت المصادر أن التنسيق بين نيابة الانقلاب والادعاء العام بروما "معلق تماما" منذ ديسمبر الماضي عندما زار وفد إيطالي دبلوماسي قضائي مشترك القاهرة، للتعرف على مصير الطلبات الإيطالية بتسليم التحقيقات الخاصة بقضية مقتل أفراد عصابة السرقة التي سبق اتهامها بتعقب وقتل ريجيني، قبل أن يعلن الطرفان المصري والإيطالي عن استحالة حدوث تلك الرواية وسقوطها من اعتبارات المحققين.

مجدي عبد الغفار

وشددت المصادر على أن هذا الجمود "كان ضروريًّا لمنع اتخاذ خطوات خطيرة يصعب تلافيها لاحقًا، بعدما أبلغ مدعي عام روما النائب العام للانقلاب بأن قائمة المشتبه بهم لا تقتصر على الضباط الذين يُعتقد أنهم مسؤولون بشكل مباشر عن الحادث، والتي أعلنتها روما رسميًّا، بل إن القائمة ستتسع لتشمل نحو 8 أسماء أخرى، ربما يكون منهم وزير الداخلية الانقلابي السابق مجدي عبد الغفار، الذي أشرف، وفقاً للتحريات الإيطالية، على إنتاج قصة عصابة السرقة للتغطية على جريمة ضباط جهاز الأمن الوطني، أو أي جهة أخرى، المتورطين الحقيقيين في قتل ريجيني".

وذكرت أن النيابة العامة للانقلاب مشغولة حاليًّا بغلق معظم الملفات الإدارية والقانونية المفتوحة منذ سنوات عدة لإنهائها قبل انتهاء ولاية النائب العام الحالي "نبيل صادق"، في سبتمبر المقبل، وهو المرشح بقوة لتولي منصب وزير العدل بزعم نجاحه في العبور من أزمات عديدة، تعتبر أزمة ريجيني أبرزها، ولا سيما أنه لم يقدم على اتخاذ أي خطوة تعرض المسؤولين الأمنيين والمخابراتيين بنظام العسكر للخطر، واستطاع حتى الآن التعتيم على ما حدث واستهلاك الوقت دون طائل.

ملف ريجيني

وأوضحت المصادر أن "صادق" يريد تسليم النيابة للنائب العام الجديد، غير المعروفة هويته حتى الآن، وهي خالية من الملفات الإشكالية المزمنة المتعلقة بخلافات مع جهات قضائية أخرى أو تثير شبهات قانونية لدى التصرف فيها، عدا ملف ريجيني الذي يكتسب طابعا دبلوماسيا في المقام الأول. ولا يملك الادعاء الإيطالي، وفقا للقانون الدولي والاتفاقيات المشتركة، توجيه اتهام من جانب واحد لأي مسؤول مصري.

ووفقا لأحدث المعلومات التي حصل عليها الادعاء العام بروما في مايو الماضي من ضابط إفريقي تحدث أمامه بالصدفة ضابط مصري شارك في عملية القبض على "ريجيني" وقتله، فإن "ريجيني" لفظ أنفاسه الأخيرة داخل السيارة التي ألقت جثته، وأغلب الظن أنه لم يمت في مكان وتم نقله بالسيارة، بل تمّ تعذيبه واستجوابه وقتله داخل السيارة التي ألقت جثته، وهو ما يطرح تساؤلات عديدة عن سيناريو الأيام السابقة لواقعة القتل، وطبيعة المعلومات التي حصل عليها الضباط من "ريجيني" أو سألوه عنها، وما إذا كانوا ينوون تركه، وما إذا كانت آثار التعذيب التي بقيت في جسده وليدة لحظة القتل أم أنه عانى آلام التعذيب لأيام عدة قبلها.

ميليشيات أمن السيسي

كانت تقارير أشارت إلى توجه نظام العسكر لتهدئة التوتر المتصاعد مع إيطاليا، عقب قضية مقتل الباحث الإيطالي "جوليو ريجيني"، وتأكيد أجهزة إيطالية مقتله تحت تعذيب بشع من سلطات المنقلب السيسي.

وبعد الواقعة بشهرين، استدعت روما سفيرها لدى القاهرة، ثم أرسلت سفيرا جديدا، بعد 17 شهرا من سحب سفيرها السابق.

وتتهم وسائل إعلام إيطالية، ميليشيات أمن المجرم السيسي بالضلوع في تعذيب وقتل "ريجيني".

وفي ديسمبر الماضي، أعلنت روما فتح تحقيقات بحق 5 مسؤولين أمنيين مصريين.

وأعلن البرلمان الإيطالي، في الشهر ذاته تعليق العلاقات البرلمانية مع نظيره المصري؛ احتجاجا على سير التحقيقات.