بسم الله الرحمن الرحيم

أيها الثوار.. إن تنصروا الله ينصركم

لا يشك مسلم أبدًا في وعد الله له بالنصر، فالنصر حليف الإيمان (وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (139: آل عمران).

وحذر الله عباده المؤمنين أن يتطرق إليهم ظنٌّ في تخلي الله عن نصرهم؛ فقال تعالى: (مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ) (15: الحج).

وإن الله ينصر عامة عباده كما ينصر أنبياءه ورسله، وينصرهم في الدنيا كما ينصرهم في الآخرة (إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ) (51: غافر).

وكلما اشتدَّ الكرب اقترب النصر، ولا يقع النصرُ في أي عصر إلا بعد أن يستبطئه الرسلُ كما يستبطئه المؤمنون (أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم ۖ مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّىٰ يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَىٰ نَصْرُ اللَّهِ ۗ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ) (214: البقرة).

الكرب على أشدِّه في حلب، فلا يجد الشهيد من يدفنه، ولا يجد من هو تحت الأنقاض من ينقذه، ولا يجد الجريح من يسعفه، ولا تجد الحرَّة من يدفع عنها الذئاب الحاقدة، وتستغيث اليتامي والأرامل ولا مغيث لهم من أهل الأرض جميعًا، وكل ذلك (لِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) (140: آل عمران).

فصبرًا آل حلب؛ إن موعدكم الجنة إن شاء الله، ونحتسبكم شهداء عند الله ولا نقول إلا قول المؤمنين: (هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَاناً وَتَسْلِيمًا) (22: الأحزاب﴾.

ونعتذر إليك ربنا عن تقصيرنا نحو إخواننا وأخواتنا ونسائنا وأبنائنا وبناتنا، ونعاهدك ربنا أن نكون على عهدك ووعدك ما استطعنا، ونعوذ بك من شر ما صنعنا، نبوءُ لك بنعمتك علينا ونبوء بذنوبنا؛ فاغفر لنا فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت.

ونبرأ إليك ربنا من كل ظالم مستكبر، أو منافق خبيث، أو عميل خسيس، أو شيطان أخرس، لا يرقب في إخواننا ولا فينا إلاًّ ولا ذمة.

كما نبرأ إليك ربنا من كل قاعد عن نصرة المظلومين، ونعاهدك ربنا - نحن وثوار حلب وكل ثوار أوطاننا الإسلامية - أن تكون ثورتنا في سبيلك، تقيم العدل، وتحمل الكل، وتنصر المظلوم، وتنبذ الحمية الجاهلية والتفاخر بالآباء أو الأنساب أو الأعراق، ونوقظ الأمة حتى يصحَّ إيمانُها، فتدعو إلى الخير وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، وتأخذ على يد كل ظالم مستكبر وفاسد مفسد، وتأطرهم على الحق أطرًا، وتستكمل عدَّتها من العقيدة والإيمان، ثم الأخوَّة والوحدة، ثم من الساعد والسلاح ما ترهب به عدوَّ الله وعدوَّها، وآخرين من دونهم، فتنقذ الحضارة البشرية من ظلم الذين لا يريدون إلا الحياة الدنيا.

(ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ربنا ولا تحمل علينا إصرًا كما حملته على الذين من قبلنا ربنا ولا تحمّلنا ما لا طاقة لنا به واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين) (البقرة: 286).

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (آل عمران 200﴾.

(يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون (27)واعلموا أنما أموالكم وأولادكم فتنة وأن الله عنده أجر عظيم" (28) (الأنفال).

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ) (7: محمد).

أ. د/ محمود عزت

القائم بأعمال المرشد العام للإخوان المسلمين

18-12-2016م = 19 ربيع أول 1438هـ