- تعرضت جماعة الإخوان المسلمين طوال تاريخها المملوء بالنضال والكفاح ، إلى منحنيات وضغوط شديدة حول تمسكها بالأهداف التى تعمل عليها ، وكانت كل مرة تخرج من تلك الأزمات وهى ثابتة على أهدافها مستمرة فى مشروعها الإسلامى .


– واليوم يتساءل البعض ، هل سيهتز عند الجماعة موقف ” الثبات “ فى هذا الشأن وتتراجع عن بعض ثوابتها ؟ ، وهل ستهتز الرؤية التى أقرها مجلس شورى رابعة عام 2013 ، وكانت بالإجماع ؟ .

– إننى حسب ما رأيت من صمود الثوار وثبات المعتقلين والقيادات رغم حجم التضحيات ، أجد معنى ” الثبات “ يظهر واضحاً ، لا يلتفت لصيحات من هنا وهناك .

– ويسأل الكثيرون عن مزيد من التوضيح بشأن استمرار الحراك الثورى السلمى ، والأهداف التى يريد تحقيقها ، وهل هناك مرونة بشأنها ، وما هى رؤية الجماعة ومطالبها فى ظل الظروف الحالية وتلك الأزمة ؟ .

– قبل توضيح ذلك ، لا بد أن نفهم بوضوح ما يدور على الساحة المصرية – بل والإقليمية أيضاً – وماهى الأهداف الحقيقية لهذا الانقلاب العسكرى ؟ .

– فالصراع القائم ليس بين طرفين محدودين : أى الإخوان وسلطة الانقلاب العسكرية .

بل هى بين المشروع الإسلامى ومن يحمله ، وفى مقدمة ذلك الإخوان المسلمين ومن يؤيدهم من قوى وطنية ، وبين الدولة العميقة ( الممثلة أساساً فى : الداخلية – القضاء – الإعلام – مؤسسات اقتصادية وسيادية ) وعلى رأسهم قيادة المؤسسة العسكرية ، ويسير معهم فى هذا الشأن : الكنيسة وأحزاب وقوى ورموز سياسية أيدت الانقلاب .

أى بتعبير آخر : الصراع بين المشروع الإسلامى ، والمشروع الغربى العلمانى .

– ويتلقى الانقلاب دعماً إقليمياً قوياً من بعض دول المنطقة ، وكذلك التأييد العملى الواقعى من الدول الغربية ( والتى تدعى حرصها على الديمقراطية !! ) رغم معارضة كثير من الإعلاميين والسياسيين فى الغرب لهذا الانقلاب ، وعلى رأس هذا التأييد الدولى ، أمريكا ، وهى صاحبة قرار الانقلاب فى الأصل .

– هذه الهجمة على المشروع الإسلامى لا تقتصر على مصر فقط ، بل تمتد إلى كل المنطقة فى ضوء خطة أمريكية صهيونية ، لإعادة تشكيل المنطقة من جديد .

كما تستهدف أساساً توجيه ضربة كبيرة للمشروع الإسلامى ، وإضعاف القيم الإسلامية فى المجتمعات وتمسّك الجماهير بها .

ليس هدف الانقلاب العسكرى فقط إزاحة وإبعاد الإخوان عن مقعد الرئاسة والحكم ( فهذا أحد المحاور ) ، إنما ضرب هذا المشروع الإسلامى وما يحمله من مفاهيم وقيم وسلوكيات ، وضرب الكيانات المؤثرة التى تحمل هذا المشروع وفى مقدمتها الإخوان المسلمين ، ومحاولة استئصالها أو إضعافها إلى أقصى حد ممكن ، وإبعادهم عن ساحة التأثير فى المجتمع بعد أن التفت الجماهير حولها ، وكذلك تغيير المجتمعات من داخلها وفق المنظومة التى يريدونها .

– وبالنسبة لإسرائيل ، فمع اشتراكها فى الهدف الرئيسى ، تهدف أيضاً إلى ضرب مشروع المقاومة الفلسطينية ، وكذلك تدمير مقدرات الدولة المصرية ، حيث لم يبق من أضلاع مثلث دول المواجهة إلا مصر ( بعد تحطيم العراق وسوريا ) .

أما موقف أمريكا بالنسبة للحكم فى مصر ، فهى تحرص أن يستقر الحكم فيها على يد أحد الرجال التابعين لها بما يضمن مواجهة المشروع الإسلامى ، وهو ما يتوفر فى حكم العسكر ، وأن تكون مهيمنة على القرار فى مصر ، فإذا لم يتحقق ذلك فإنها لا تعارض فى حدوث الفوضى فى مصر بل تساعد على ذلك ؛ خاصة أن دور مصر الإقليمى أخذ يتضاءل .

– كل هذا وغيره ، يشير بوضوح أن ساحة المعركة والهجمة تمتد إلى كل المحاور ، وأن مصلحة الوطن ونهضته مهددة فى أصولها .

وعلى الجماعة عدم التراجع والعمل على امتلاك الأرض التى تمكنها من حماية مشروع المقاومة الفلسطينية مما يُدبر لها من مؤامرات ، ومن حماية المشروع الإسلامى الإصلاحى والقيم الإسلامية فى المجتمع ، وهذا يتطلب استنفار كل القوى والتيارات الإسلامية والوطنية واصطفافها معاً .

– إن إسقاط الانقلاب وإرساء مبادىء الحرية فى المجتمع ، ليس بتغيير الأسماء أو تغيير البدلة العسكرية يتحقق ذلك الهدف ، إن أساس المعركة هو إسقاط حكم العسكر وتفكيك الدولة العميقة ، وأن تنطلق نهضة الوطن على أسس صحيحة ، وهذا له متطلباته من الكفاح والنضال والتضحيات .

– إن رؤية ومطالب الجماعة هى نفسها رؤية الثوار الذين اصطفوا معها ونزلوا إلى ميادين وشوارع مصر طوال عدة سنوات وما زالوا حتى اليوم ، وتتلخص تلك الرؤية وما تحمله من مطالب وأهداف فى الآتى :

1- استمرار الحراك الثورى السلمى بمظاهره المختلفة ضد الانقلاب وضد حكم العسكر ، والمطالبة بعودة الشرعية ، إلى أن يتم تحقيق أهداف الثورة .

2- استمرار التمسك بالأهداف المعلنة لثورة الشرعية ، والتى يعمل عليها المشروع الإسلامى فى مواجهة الهجمة الحالية وعدم التراجع عنها أو السكوت عن بعضها .

3- الاستفادة من أىّ وضع أو حلّ مرحلى قد يفرض نفسه ، لكن دون التنازل عن الأهداف أو عن استمرار المطالبة بها والحراك بشأنها حتى تتحقق كاملة .

4- لا تنازل عن إزاحة رأس الانقلاب ، وعن الإفراج عن جميع المعتقلين والذين صدرت أحكام بشأنهم ، كخطوة أولى فى أىّ تصور عملى للحل .

  ضرورة القصاص العادل من المجرمين ، وعدم التنازل عن حق الشهداء والمصابين والمعتقلين 5-

6- استمرار الجماعة فى قيادة المشروع الإسلامى الإصلاحى ، والحراك الوطنى المطالب بالحرية والديمقراطية .

7- الجماعة تتبنى مفهوم الاصطفاف الوطنى ، وأن هناك شركاء معها تحرص عليهم ، آمنوا بتحقيق الأهداف التى تعمل عليها الثورة ، وعلى رأسها : إسقاط حكم العسكر ، وتفكيك الدولة العميقة ، والحرص على مدنية الدولة ، ومبادىء الحرية والديمقراطية الكاملة ، والعدالة المجتمعية .

8- الجماعة ترفض إقصاء أىّ فصيل وطنى ، حتى ولو كان يعمل على جزء من الأهداف وليس كلها وقاعدتها المعلنة فى ذلك : ” نتعاون فيما اتفقنا عليه ، ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه ” .

9- تتمسك الجماعة بشمولية عملها فى المشروع الإسلامى ، وتحقيق محاوره وأهدافه السبعة ، كما جاءت فى ركن العمل فى رسالة التعاليم .

10- الجماعة تتمسك بما قاله المؤسس الإمام البنا ، وتعمل على ذلك : ” ندعو إلى الإسلام الذى جاء به محمد صلي الله عليه وسلم والحكومة جزء منه ، والحرية فريضة من فرائضه ” .

11- الجماعة تؤمن أن الساحة السياسية على المستوى الإقليمى ، لا يمكن أن تتجمد حول واقع واحد ، ولا بد من حدوث مستجدات ومتغيرات ، وأنَّ ثبات الجماعة واستمرار حراكها الثورى السلمى ، قادر بعون الله على تحويل هذه المستجدات أو أىّ متغيرات لصالح أهدافها ، وأن مشيئة الله وقدرته فوق مشيئة البشر .

– ” وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِندَ اللهِ مَكْرُهُمْ وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ ، فَلاَ تَحْسَبَنَّ اللهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ ذُو انتِقَام “.