راجية الشهادة- دمياط


أبي اعتاد مشاهدة الأفلام الإباحية ولا يعرف أحد من الأسرة غيري ولا أدري ماذا أفعل؟ هل أخبر أمي وأكشف الستر؟ أم أصمت وأكتفي بالدعاء له؟ رغم أنني أخاف عليه من سوء الخاتمة..


تجيب عنها الدكتورة هالة الأطروش الاستشاري الأسري (إخوان أون لاين)..


أحمد الله لك ياااااابنتي على حبك الشديد لوالديك وحرصك عليهما، فأنت تودين أن تساعدي والدك دون أن تهتكي ستره، كما أنك تخشين كذلك على مشاعر أمك، وكذا على أسرتكم.


بنيتي... ينبغي أن نتفق معًا على أنها مشكلة حرجة بحق وتحتاج إلى حل كي يسكن بيتكم ويسعد بإذن الله.يا بنتي لا داعي لإخبار والدتك، والحفاظ على مكانة والدك أمامك وأمام والدتك وستره أولى، كما أنه ادعى للحفاظ على البيت وعدم إرباكه وذلك بحدوث مواجهة حتى بين الوالدة والوالد فتحدث فجوة عميقة قد لا تندمل آثارها أبدًا، ولكن لا بد من تحليل دوافع ظهور تلكم المشكلة، وعمل إستراتيجية لحلها.


بنيتي.. أما الدوافع فأولها نقص الوازع الديني والذي لاقى لحظة ضعف عنده، فدخل في غمار هذا الأمر، وللأسف الفكاك منه يصبح صعبًا، ولكن ليس مستحيلاً. إن والدك يحتاج إلى مساعدة منك ومن والدتك، فما هو فيه يحتاج للشفقة عليه، ولذا أدعوك يا بنتي بأن توطدي صلتك بوالدك- ابتداءً- فتصبحين أقرب إليه، واستشارته في أمور تخصك، والإطراء على آرائه إن كانت سديدة، تتلمسي راحته، وتسارعي إلى تلبية طلباته، فتكونين محط ثقته، حينها فقط يمكنك من دعوته إلى فعل الخير وزيادة الوازع الديني، كأن تدعيه لدرس علم، بدعوى توصيلك إلى المكان، أو ترك شريط في سيارته، أو وضع كتاب أمامه يحيي القلب، وهكذا إنك ستجدين يا بنتي من الوسائل والحيل الكثيرة التي تعينك على ذلك.


أدعوك يا بنتي إلى التحلي بالصبر في هذه الرحلة الجهادية، وليكن زادك فيها صدقك مع الله في مساعدته، والدعاء المكثف بأن يعينه الله على نفسه، وان ييسر له الله أمر الطاعة، ويستشعر حلاوتها، وأن يكشف عنه الكرب، وأن يحسن خاتمته. هذا هو دورك مع والدك.


أما دورك مع والدتك فهو أيضًا التقرب منها أكثر، تتفقدي أحوالها، وتسارعي إلى مساعدتها في شئون البيت، تلبي احتياجاتها، تتلمسي راحتها فتكونين بحق الابنة البارة بوالديها. وكما أنه عليك أخذ المشورة منها والرجوع إليها كلما احتجت ذلك، وأيضًا مناقشتها وتقديم الرأي والمشورة لها- ولكن بلطف شديد وأدب جم- حينها يا بنتي ستصبحين ذات رأي سديد عندها كما تتقبل منك كلامك، فتدعوها إلى الاهتمام بوالدك من خلال حضور محاضرات عن السعادة الزوجية مثلاً أو اقتراح بخروج مع والدك، أو بجلسة خاصة ونحوها مما يقوي العلاقة الزوجية وكلها من باب ما بال أقوام. ومن الممكن الاستعانة بمن تحبها والدتك وتثق فيها ولديها من الحنكة والحكمة ما يؤهلها لمد يد العون، كما أن لها أثر إيجابي بليغ عليها، وممن تهتم هي الأخرى بزوجها من تشجيع والدتك، وذلك إذا احتجت لمساعدة، ولكن دون ذكر أي شيء عن والدك، حينها ستنتبه والدتك على زوجها بإذن الله أكثر، ورب أن هذا الأمر قد ابتليتم به لتقوية الرابطة الأسرية بينكم، فباتحادكم جميعًا ضد هذه المشكلة سيسهل حلها، ولسان حالنا دائمًا.. لعله خير.


 يا بنتي.. ليس فقط ضعف الوازع الديني هو السبب الوحيد، بل هو السبب الأول، كما أن هناك عددًا آخر من الدوافع وراء هذا الأمر، والتي منها قد يكون نتيجة لعدم إشباع الاحتياج الجنسي لديه، وهذا الاحتياج يا بنتي كالطعام والشراب تمامًا، فإذا لم يلب هذا الاحتياج بالكم والكيف المناسبين ظهرت المشكلات العديدة، بل لا أبالغ حينما أقول أنه قد يكون سببًا رئيسيًّا وراء العديد من المشكلات الزوجية والانحرافات الأخلاقية حتى وإن كان متدينًا، لذلك لا بد للزوجة الذكية الفطنة المحبة لزوجها من أن تتزين لزوجها وأن تتطيب له، فالفتن تموج بنا جهارًا ليلاً ونهارًا، وفي كل موقع ففي التلفاز إلى المواصلات، بل في البيوت من النت والموبايل. إذن فالدور كبير على المرأة في تحصين زوجها وملأ عينه من الحلال. أيضًا على الزوجة أن تنتبه لزوجها جيدًا ملبية احتياجاته، دون التضييق عليه، وحالها حال المحبة الحريصة على زوجها بكونها السكن لزوجها المنوط به أن تهدأ أسبار النفس وتسكن.


وعلى المرأة الزوجة أن تطور من نفسها وأدائها كمديرة للبيت وراعية لأبنائها وكزوجة واعية مدركه لأدوارها وليست كقطعة أثاث منزلي لا يؤخذ برأيها لحمقها أو لقلة ثقافتها أو لعدم مشاركتها لبعض اهتماماته، كما وأنها لا تنسى حظ نفسها بأن تتعلم ما يجعلها تتمكن من متابعة أبنائها بالدخول على النت، ومجاراة زوجها وأبنائها، في ظل المنظومة الرقمية المتسارعة التطوير.


أو قد يريد التجديد أو تقوية علاقته الحميمية، وللأسف من بعض المجتهدين إذ ينصحون بارتياد المواقع الإباحية، فإذا فتحها مرة واحدة فكأنه فتح على نفسه نار جهنم والعياذ بالله، وتتكرر الرؤية للمناظر التي لا قبل لأحد عليها، عافانا الله وإياكم.


أو قد تكون لديه رغبة جامحة فإذا لم تستطع الزوجة أن تكفيه وتحصنه، فعليه الزواج بأخرى إن كان فيه العفاف، فبالزواج يا بنتي تسكن النفس ويلزمها العفاف، وإلا فلا فائدة من هذا الزواج الذي لم يوف احتياج شريك الحياة.


أو قد يكون قبل الزواج قد ألف هذا الأمر فأصبح مدمنًا إياه، فإذا كان مدمنًا فهناك من البرامج لدى المختصين ما يعالج هذا الإدمان بعد الاستعانة بالله، ولا بد أن يستشعر هو المشكلة التي تحيق به، ويطلب الحل بنفسه فإن طلب العون سهلت المهمة، حيث إن الإرادة حاضرة وحينها يسهل تدخل المختص، وإلا فلا بد من تسهيل هذه المهمة وهذا هو دور الزوجة أو أقرب المقربين إليه ومساعدته للذهاب به إلى المختص الذي يساعده على مشكلة الأمر (أي جعله مشكلة) له وإبراز خطورته، ثم مساعدته في حل المشكلة باتباع برنامج مناسب لتقليل هذا الأمر ثم التخلص منه نهائيًّا.


والله أسأل أن يبارك فيك يا بنتي، وأن يحفظ والدك ويكرمه بطاعته، ولا يهينه بمعصيته، وأسأله جل في علاه أن يجملنا بستره الجميل، وأن يحسن خااااااااااتمتنا، كما أدعوه أن يعف أبناءنا وبناتنا وأزواجنا وزوجاتنا، وأن يحصنهم بحصنه المكين، إنه ولي ذلك والقادر عليه. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.