- محمد العمدة: الساحة الحزبية بها أحزاب أسمية لا تباشر السياسة الفعلية

 

- م. حاتم عزام: 2013م سيشهد قفزات سياسية للانتقال للديمقراطية

 

- د. مدحت ماهر: أحزاب الفلول تخطط لحجز مقاعد في البرلمان القادم

 

تحقيق: سماح إبراهيم

 

فتحت الثورة أبواب الحرية أمام الجميع, فبعد أن كانت المشاركة في صناعة القرار السياسي قاصرة على أحزاب موالية للنظام وأحزاب المعارضة المستأنسة، أصبح تكوين وتنظيم الأحزاب متاحًا بلا قيود.

 

وخلال عامين من نجاح الثورة شهدت مصر تغييرات جذرية في خريطة مصر الحزبية ونمت الأحزاب السياسية بشكل متسارع، فالحياة السياسية قبل تورة يناير 2011م، لطالما عانت من ضعف أصوات أحزاب المعارضة فبرغم أنها تجاوزت 24 حزبًا سياسيًّا، إلا أنها لم يكن لها دور حقيقي في الحياة السياسية آنذاك، وعقب الثورة تعاظمت أمنيات الكثير من المصريين في تغيير الأوضاع المصرية.

 

وسرعان ما تشكلت الأحزاب لتصل بعد عامين من الثورة إلى قرابة مائة حزب سياسي، ما بين أحزاب تحت التأسيس وأخرى مسجلة لتخلق مصر ولأول مرة خريطة حزبية سياسية مترمية الأطراف، تنوعت ما بين أحزاب قوية التأثير، وأحزاب فوضوية, وأخرى تحاول إعادة إنتاج النظام البائد بطرق ملتوية.

 

وظهرت العديد من الأحزاب الجديدة في الشارع السياسي المصري بشكل قوي ومارست الحياة البرلمانية بشكل غير رسمي لعدم موافقة لجنة شئون الأحزاب على تأسيسها ومنها "حزب الحرية والعدالة" والذي أعلن رسميًّا عن تأسيسه في الحادي والعشرين من فبراير 2011م، والذي أعلن منذ أول يوم من تدشينه أنه حزب مفتوح لجميع المصريين ويهدف لتبني أيديولوجية السياسة الإسلامية، وقد فاز حزب الحرية والعدالة في انتخابات مجلس الشعب المصري 2011-2012 بأغلبية كاسحة في "الفردي" وأغلبية نسبية في "القوائم" وحصل على إجمالي 213 مقعدًا في مجلس الشعب.

 

كما خاض أيضًا حزب النور هو حزب سياسي مصري تأسس عقب ثورة 25 يناير. الحزب ذو مرجعية إسلامية ويتبع المنهج السلفي أول انتخابات تشريعية لعام 2011، 2012م
في الوقت الذي تعرضت فيها بعض الأحزاب للانشقاقات في صفوفها أمثال أحزاب التجمع والناصري والجبهة الديمقراطية والتي عانت من انقسامات داخلية، وخرج الكثير من أبنائها من عباءاتها السياسية لتأسيس أحزاب جديدة بعد الثورة.

 

وظهرت بعض الأحزاب التي يصنفها البعض بكونها أحزابًا تقليدية بل وينتمي إليها سياسيون ينتمون لحزب النظام البائد، من خلال التحايل السياسي والانضمام لها لإضفاء شرعية سياسية لهم أمثال حزب الدستور، حزب الإصلاح والتنمية، وفي المقابل دشن الأقباط أحزاب للمشاركة السياسية أمثال النهر الجديد مؤسسه الصحفي القبطي أرمانيوس المنياوي، حزب الاتحاد المصري: مؤسسه المحامي نجيب جبرائيل وتجمعت أحزاب التحالف الشعبي الاشتراكي والحزب الشيوعي المصري وحزب مصر الاشتراكي وحركة الاشتراكيين الثوريين تحت مظلة واحدة وأطلقت عليها اسم جبهة القوى الاشتراكية، فضلاً عن حزب مصر الحرية التابع للتيار الليبرالي.

 

تحالفات حزبية

 

ولعل من أهم التحالفات السياسية التي تم تأسيسها إبان ثورة يناير "التحالف الديمقراطي من أجل مصر، الكتلة الإسلامية، الثورة مستمرة، الكتلة المصرية"

 

وجاءت دعوة تدشين التحالف الديمقراطي من أجل مصر في يونيو 2011 من حزبي الوفد والحرية والعدالة، حيث ضم مجموعة من الأحزب من مختلف التيارات السياسية المصرية بهدف دعم التوافق الوطني عن طريق التنسيق السياسي والانتخابي بين أحزاب التحالف للوصول لبرلمان قوي. وفي 5 أكتوبر 2011 قرر حزب الوفد الانسحاب من التحالف وخوض الانتخابات البرلمانية بقائمة منفردة معللاً ذلك برغبته في طرح عدد من المرشحين أكبر مما يسمح به اتفاق التحالف، ولكنه أكد على استمرار التنسيق السياسي مع أحزاب التحالف، كما انسحب حزب النور السلفي من التحالف في سبتمبر.

 

واستقر التحالف على 11 حزبًا أشهرها حزب الحرية والعدالة المنبثق من جماعة الإخوان المسلمين وحزب الكرامة الناصري وحزب غد الثورة الليبرالي وحزب العمل المصري.
أما عن تحالف الكتلة الإسلامية فقد أنشيء في 23 أكتوبر 2011، ويضم أحزاب النور والأصالة والبناء والتنمية، والتي تتمتع بالفكر السلفي وتهدف لتحقيق النهضة المصرية على أساس الهوية الإسلامية من خلال مشروع وطني يشارك فيه كل أبناء مصر.

 

وفي المقابل قامت أحزاب فلول الحزب الوطني في تشكيل الأحزاب بلغت قرابة 8 أحزاب أسستها قيادات الحزب السابق تحت شعارات وأسماء مختلفة مثل حزب المواطن المصري، ومصر القومي، ومصر الثورة، حزب مصر الحديثة, حزب المحافظين، والحرية والاتحاد، وحزب بداية، و25 يناير، حزب نهضة مصر, حزب الإصلاح والتنمية, حزب أنا المصري، خاصة بعد صدور حكم قضائي بحل الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم في 16 أبريل 2011، الأمر الذي دفعهم لتكوين تحالف الكتلة المصرية والذي ضم 15 حزبًا وحركة سياسية الكتلة المصرية في أغسطس 2011 من بينهم حزب المصريين الأحرار الليبرالي والتجمع اليساري والمصري الديمقراطي الاجتماعي.

 

وعلي قوائم تحالف الكتلة تم ترشيح عدد من أعضاء الحزب الوطني المنحل و"فلول النظام السابق" للانتخابات على قوائمها لتفجر الأوضاع داخل الكتلة مما دفع مجموعة من أحزاب التحالف للانسحاب، وكان من ضمنهم التحالف الشعبي الاشتراكي والحزب الشيوعي والحزب الاشتراكي المصري كما انسحب حزب الجبهة الديمقراطية الذي فضل خوض الانتخابات منفصلاً، ولم يتبق بالكتلة المصرية سوى ثلاثة أحزاب وهي التي شكلت قوائمه الانتخابية لمجلسي الشعب والشورى على النحو التالي: 50 في المائة للمصريين الأحرار و40 في المائة للمصري الديمقراطي الاجتماعي و10 في المائة للتجمع اليساري.

 

وضم تحالف الثورة مستمرة حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، وحزب مصر الحرية، وحزب التيار المصري، وحزب التحالف المصري، وائتلاف شباب الثورة.

 

كما اشتملت الخريطة السياسية بمصر على بعض الحركات والقوى غير الحزبية مثل حركة 6 إبريل، "ائتلاف شباب الثورة" والذي يضم مجموعة شبابية تمثل تيارات مختلفة
قام (إخوان أون لاين) بفتح ملف الأحزاب السياسية ووضع خريطة مصر السياسية الحالية بمصر أمام خبراء السياسية لتقييم سلبيات وايجابيات الوضع السياسي بعد مرور عامين من الثورة والوقوف على معالم الحراك السياسي في مصر بالتزامن مع اقتراب انتخابات برلمان 2013.

 

أسباب الانقسام!

 

بداية يؤكد النائب السابق محمد العمدة أن التعددية الحزبية أمر مطلوب، فالتعددية إذا مارست بشكل صحيح تتقدم الدول، ولكن الأزمة الحزبية ليست في عدد الأحزاب فهناك أحزاب عريقة لها تاريخ طويل ولكنها أحزاب أسمية لا فعلية، لا تباشر السياسية بالشارع المصري.

 

ويوضح العمدة أن أسباب الانقسام الحزبي الذي يشهده الشارع السياسي تتمثل في المعاندة الحزبية لبعض الأحزاب وعلى رأسها الوفد والمصريين الأحرار، مصر الديمقراطي، التجمع، ويزعمون بأن الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية تعلي من إنشاء الدولة الدينية، وعلى ضوء هذا يقومون باتخاذ مواقف معادية معهم ويوجهون الرأي العام نحو هذه الافتراءات، في الوقت الذي تعجز فيه تلك الأحزاب عن الدخول في حوار أو توافق مجتمعي.

 

وتحدث العمدة عن الانتخابات البرلمانية لعام 2013م والتي ستشهد تنافسًا قويًّا من قبل جميع الأحزاب، وحرب سياسية نتمنى نزاهتها، مشيرًا إلى أن تدشين حزب الوطن والذي أسسه عدد من المنشقين عن حزب النور السلفي، و"تحالف الوطن الحر" والذي يضم عددًا من الكيانات السلفية مؤخرًا الغرض منه الحصول على نسبة عالية من المقاعد البرلمانية.

 

وشدد على خطورة ما تقوم به أحزاب الفلول وأتباعها وطريقة ممارستهم للمعارضة بشكل متعسف خلال العامين السابقين، من تحرض الشباب على حرق المقار السياسية، وتخريب المنشآت، بعد أن فشلوا في تواجدهم مع أبناء الشارع المصري وعجزوا عن الحوار إلا من خلف شاشات الفضائيات، فحوارهم خالٍ من الموضوعية، والمعارضة لديهم تندرج تحت بند السب والقذف، مشيرًا إلى أن المرجعية الإسلامية لا تعني إقامة دولة دينية وإنما تعني احترام القيم السماوية سواء إسلامية أو مسيحية.

 


ويشير إلى أن هناك بعض الأحزاب كالوفد والمصريين الأحرار عجزت قياداتها من تحقيق نجاح سياسي خاصة أحزاب رجال الأعمال المصريين الموالين لنظام المخلوع بعد اقتحامهم عالم السياسة تحت شعار تزاوج رأس المال بالسلطة وأنفقوا الملايين على إنشاء أحزاب تستغل أي حدث سياسي لتجميع المعارضين من حولهم وعمل "شو إعلامي وسياسي" لأنفسهم
ويطالب العمدة الأحزاب المصرية بالاعتراف بأخطائها وإزالة التقسيم ومباشرة السياسية على أرض الواقع، والمنافسة المشروعة التي تدفع إلى إعمار مصر.

 

قفزات سياسية

 

يؤكد المهندس حاتم عزام نائب رئيس حزب الحضارة أن معظم أحزاب ما بعد الثورة لعبت دورًا سياسيًّا بارزًا في وضع مصر على أعتاب الاستقرار السياسي، في الوقت الذي سقطعت فيه الأقنعة لأحزاب أخرى تسعى للهدم والتخريب وتعمل لصالح مجموعة من المنتفعين بمقدرات الوطن ويتوقع عزام أن عام 2013م سيشهد قفزات سياسية والانتقال إلى الديمقراطية الشعبية وانتخابات برلمانية تعبر عن إرادة الشعب المصري وتنتزع حريته التي ثار من أجلها على نظام ديكتاتوري، فلن يرضي المصريون بالعودة بالبلاد لنقطة الصفر خاصة بعد الدور الذي لعبته المحكمة الدستورية العليا وقامت بإصدار حكم بعدم دستورية قانون العزل السياسي والذي كان سيقطع أمل فلول المنحل بعدم السماح للترشح لأي من المناصب السياسية لمدة 10 سنوات مشيرًا إلى أن الشعب قادر على إسقاطهم، فأحزاب الفلول لا تدرك حقيقة ما تعانيه من انفصام مع الشعب.

 

ويطالب الأحزاب بضرورة الاحتكام إلى الديمقراطية واحترام آلياتها، فممارسة الديمقراطية تستوجب التضافر من أجل حوار ومصارحة وتواصل وطرح رؤى بمنتهى الوضوح للشعب, والاستفادة من خبرات كل شركاء الوطن.

 

هرولة حزبية

 

ويري د. مدحت ماهر المدير التنفيذي لمركز الحضارة للدراسات السياسية أن عام 2012 شهد إجمالاً تحسنًا في الحياة الحزبية، وتعدد الأحزاب ظاهرة طبيعية وتطور متوقع بعد 30 عامًا من القمع السياسي، فالتحولات الديمقراطية الحقيقية يتبعها كثرة في تنظيم الأحزاب.

 

ويشير إلى أن الهدف الأساسي من هرولة أحزاب الفلول إلى تكوين أحزاب ما بعد الثورة تعد أحد محاولاتهم لوضع أقدامهم مرة أخرى على أعتاب المجالس البرلمانية
ويضيف أن هناك بعض الأحزاب متوافقة الرؤى وتكاد تكون متقاربة من بعضها البعض مثل السلفية وحزب الوسط، والعمل، والأصالة، وكطبيعة الحال فهناك أيضًا تجمعات لأحزاب فلول متوافقة الفكر وتنسق مع بعضها البعض.

 

ويتوقع أن عام 2013 سيشهد مشاركة حزبية واسعة تخوض الانتخابات البرلمانية، وسنجد خطوات تسبق خطوات على غير الترتيب الطبيعي للأحزاب فالأصل أن يقوم الحزب بتقديم رؤيته وبرامجه وآلية تنفيذ مشروعه الانتخابي ولكن هذه الإجراءات لن يلتفت إليها الكثير من الأحزاب التي تسعى لحجز مقعد سياسي فقط.