ماذا الكراهية والعدوان على جماعة الإخوان؟!!

إن هناك من البشر أناسًا يحاربون الفطرة، ويقلبون الحقائق، ويتجرءون على الله ورسالاته ورسله ودعاته في كل زمان ومكان، وآخرين يجعلون من أنفسهم مصلحين ودونهم المفسدون، وأصنافًا منهم يسقطون النقيصة على غيرهم، وهكذا يدور الصراع بين الحق والباطل منذ بدء الخليقة وإلى قيام الساعة. وإن ما خلَّفه احتلال النظام السابق لسدة الحكم بشعوبنا في الحقبة الأخيرة من أدواء وأمراض وفساد عميق؛ ليكفي لقتل أمم متظاهرة لولا فضل الله تعالى ورعايته، ثم جلادة وشدة بأس هذه الأمم التي يأبى الله لها المذلة والمهانة، ولعلنا نلاحظ جميعًا من بعض هذه الأصناف المتعددة من البشر ظاهرة روح الكراهية والعدوان على جماعة الإخوان المسلمين، فتكون هي الأخرى حلقة من سلسلة هذا الصراع والتدافع وسنة الابتلاء، ولعلنا نرصد لها أسبابًا متعددة، منها:

 

1- الجهل بهم: فبطبيعة الحال الإنسان عدو ما يجهل، وإن العلم والمعرفة ليصلان بالإنسان إلى أنوار الحق والحقيقة، أما الجهل فيقود إلى التخلف وظلمات الضلالة والكراهية والعدوان؛ لذا كان خطاب أهل الإصلاح في القرآن الكريم أن (سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الجَاهِلِينَ) (القصص: 55)، والجهل من أكبر العوائق والعقبات في طريق الدعوات قديمًا وحديثًا، وسرّ الكراهية والعداوة للإسلام والمسلمين، فهل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون؟!!.

 

2- الحقد والحسد: من أخطر الأمراض وأشدها أمراض النفوس، والحقد والحسد من أخطر تلك الأمراض النفسية التي تصيب أصحابها تجاه أصحاب النجاح والتميز، ولعلّ ضراوة وخطورة مثل هذه الأمراض تكمن في ارتباطها وتشعبها وتشابكها مع مشكلات كثيرة من الغيرة الزائدة وعدم حب الخير للآخرين والتمرد وعدم الرضا وسوء الظن بالناس...، وما أشار إليه قصص القرآن فيه الدلالة الوافية على ذلك في يوسف عليه السلام وإخوته، وما تحدث عنهم الله جل وعلا في قوله (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ) (النساء: 54)، وما أقرَّه الرسول صلى الله عليه وسلم في حديثه "المؤمن بين خمس شدائد: مؤمن يحسده، ومنافق يبغضه، وكافر يقاتله، وشيطان يضله، ونفس تنازعه".

 

3- خوف أصحاب الفساد على أنفسهم: فحب الدنيا ملأ شغاف قلوبهم وعقولهم، وفتنوا بالنعيم والحياة فساروا يخافون على مناصبهم وأموالهم وشهواتهم وملذَّاتهم، يُعلُون مصالحهم الشخصية فوق الوطن والجميع، فهم يعشقون بيئة الفساد والإفساد؛ حيث المحاباة والرشوة والمحسوبية والأنانية... بيئة لا يطيقون العيش والحياة إلا في ظلالها وكنفها.

 

4- المرض والفقر: واستغلال ذلك بالمال السياسي ومحاربة الناس في أرزاقهم ومعيشتهم.

 

5- التقليد الغربي والتبعية له: ويظهر ذلك جليًّا في غرق الافتتان والاقتداء بهم، والاستجابة لوسوسة الأعداء في الداخل والخارج شياطين الإنس الكارهون والمعادون للإسلام نفسه وكل من ينتسب إليه.

 

6- الصورة الذهنية السيئة عنهم: صورة سلبية وخاطئة تكوَّنت بالشائعات والأكاذيب والأباطيل لدى بعض أفراد المجتمع؛ نتاج إعلام مُضلِّل تم دعمه بالمال والسلطان تجاه الإسلام وتياراته، خاصة تلك الجماعة.

 

7- الفراغ والخواء: فاليد الفارغة تسارع إلى الشر، والرأس الخاوية معمل الشيطان! والفراغ والبطالة بكل أنواعها أرض خصبة لتمكين الباطل من النفوس وزرع الفساد في الأرض، وخواء القلوب والعقول من الأخلاق، وصفات الرجولة وقيم الرقي والإنسانية من أهم أسباب العدوان والكراهية.

 

8- العصبية والخلافات السياسية والشخصية والمذهبية: من أخطر الأسباب اختلاف الدعوات، واختلاط الصيحات، وتعدد المناهج، وتباين الخطط والطرائق، وكثرة دعاة العصبية المتصدِّين للتزعم والقيادة، وكل ذلك سبب العداوة والشحناء والبغضاء وتفريق الجهود وتعذر الوصول لتحقيق الأهداف والغايات والنهضات.

 

9- ضعف البنية الإيمانية للمجتمع: فضعف الإيمان الذي هو سرُّ ومصدر القوة والعزة للمجتمع، والأساس الذي يرتكز عليه البنيان المتين، يؤدي إلى زعزعة واهتزاز وخور النفوس وضعف الثقة بين الأفراد، وسرعان ما يكون مفعول السحر والمكيدة حالة ضعف الإيمان، وذلك هو الشغل الشاغل لتهيئة وتحقيق أهداف أصحاب الكراهية والعدوان.

 

10ـ الأخطاء وضعف الأداء لبعض أفراد الصف الإخواني: من أعظم أسباب استجلاب الكراهية والعدوان تلك الأخطاء من بعض أفراد الإخوان وذويهم ومحبيهم والتي لها أبعادها المخذلة بكل المقاييس في تبعاتها من الإساءة للدعوة، وضعف الأداء والتقصير في أداء الواجب والمهام، وضعف الهمم، والصدّ والإعراض عن سبيل الله تعالى، حتى من حادوا عن طريق الجماعة فهم صناعة فتنة، ومدعاة لانحراف الآخرين من أبناء المجتمع، وقشات تقسم الظهور، وتحجب النور.

 

نحو العلاج

إننا ننادي على هذه الأصناف من البشر لنعلمهم أنهم في أشد الحاجة إلى مصحة الإسلام الصافي حتى يتم لهم الشفاء بإذن الله عز وجل إن هم استجابوا لذلك النداء، (قَدْ جَاءَكُم مِّنَ اللَّهِ نُورٌ وكِتَابٌ مُّبِينٌ) (المائدة: 15)، فالإسلام منهج الحياة وطوق النجاة، وفي ضوء ذلك نقدم بعض المقترحات العملية للعلاج، ومنها:

 

1- التعريف الجيد الواضح والبيِّن بدعوة الإسلام وجماعة الإخوان بكل وسائل الإعلام.

2- العمل على تحقيق التربية الإيمانية المجتمعية، وكسب المجتمع قيم وأخلاق الإسلام.

3- العمل على بناء وصناعة الثقة والوحدة والوفاق الوطني لتضافر الجهود في البناء والإصلاح.

4- الاستيعاب الكامل والتوظيف الأمثل لإدارة متميزة في جميع الهيئات والمؤسسات؛ لتحقيق مشروع النهضة المصرية بتدرج وعدم استعجال.

5- الانفتاح وتفعيل الحوار المجتمعي وتحقيق الوعي والمصارحة والمكاشفة والوضوح والشفافية.

6- الاهتمام بالجانب التربوي والاجتماعي لدى أفراد الصف الإخواني، وإعداد الكوادر والتدقيق والنظر في معادن أفراد الصف وتعهدهم بالفهم الصحيح والتربية الشاملة؛ ليكونوا بحق قدوة وقادة المجتمع.

7- الانصراف للعمل والبناء لصالح الوطن، فالعمل والتضحية ثمرة العلم والإخلاص ودليل الوفاء، فهيا نعمل بالحق يدفعنا الإيمان ويحدونا الأمل ونترقَّب ساعة النصر (وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ) (الروم: 47)

وأخيرًا.. أقدم بعض المقتطفات حول الإسلام وهوية الأمة من رسائل الإمام الشهيد حسن البنا رحمه الله..

 

اعتقدت أنه ليست هناك نظم ولا تعاليم تكفل سعادة النفوس البشرية وتهدي الناس إلى الطرق لهذه السعادة كتعاليم الإسلام الحنيف الفطرية الواضحة. دعوة الهداية والفوز والسلام التي تنقذ الدنيا المعذبة وترشد الإنسانية الحائرة وتهدي الناس سواء السبيل، وتخلصه مما هو فيه من آلام.

 

 فالعالم كله حائر يضطرب، كل ما فيه من النظم قد عجز عن علاجه ولا دواء له إلا الإسلام، فتقدموا باسم الله لإنقاذه برسالة الإسلام التي تحملون مشعلها وتبشرون بها.. إصلاح شامل كامل تتعاون عليه قوى الأمة جميعًا وتتجه نحوه الأمة جميعًا، ويتناول كل الأوضاع القائمة بالتغيير والتبديل والإصلاح.

 

ولقد جاء الإسلام نظامًا وإمامًا، دينًا ودولة، تشريعًا وتنفيذًا..جاء الإسلام الحنيف يقرر للدنيا أعدل المبادئ وأقوم الشرائع الربانية، ويسمو بالنفس الإنسانية ويقدس الأخوة العالمية، ويضع عقيدة الخلود والجزاء دافعًا إلى الأعمال الصالحة ومانعًا من الفساد في الأرض، ويرسم الطريق العملي لذلك كله في حياة الناس اليومية، ثم في أوضاعهم المدنية، ويحيي على ذلك القلوب، ويجمع عليه الأمة، ويقيم على أساسه الدولة، ويوجب الدعوة إليه في الناس كلهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله.

 

ومضت على هذا حياة المسلمين حينًا من الدهر، علت فيها دعوتهم، وامتدت دولتهم، وتمكن سلطانهم، وسادوا أمم الدنيا، وكانوا أساتذة الناس، ووعدهم الله على ذلك أجمل المثوبة، وحقق لهم هذا الوعد: (فَآتَاهُمُ اللهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الآخِرَةِ وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) (آل عمران: 148).