إعداد: عادل المحلاوي

كان الإمام البنا فريدًا في أساليبه التربوية التي انتهجها لتربية أبناء هذه الدعوة ورجالها على المفاهيم والمعاني الإسلامية، ومن أهم المعاني والمفاهيم التي كان حريصًا عليها (الحب والأخوَّة والترابط)؛ حيث جعلها أصلاً أصيلاً في التربية والبناء، وعنصرًا أساسيًّا في مكونات الشخصية المسلمة النموذجية، بل وجعل الأخوَّة ركنًا من أركان البيعة العشرة التي يُبايع عليها الإخوان المجاهدون.

 

وهنا نستعرض لقطاتٍ من أساليبه التربوية أثناء دروسه ومحاضراته في لقاء الثلاثاء، أو عاطفة الثلاثاء كما كان يُسميه، ونرى كيف كان يُؤلف بين قلوب المئات والآلاف من أتباعه ومريديه، ويغرس فيهم روح الأخوَّة والوحدة، ويعمِّق بينهم مشاعر الحب والترابط.

- أولاً: لماذا نلتقي؟

- ثانيًا: من وحي اللقاء.. مشاعر ومواقف.

- ثالثًا: مناخ الحب والتلاقي.

أولاً: لماذا نلتقي؟

- لقاء أطهار أخيار

جميل جدًّا أن يقف الإنسان هذا الموقف من هذه الصفوة الطيبة والنخبة الممتازة من الشباب المؤمن الطهور، الذي ما جمعه هذا الجمع وما ألَّف بين قلوبه هذا التآلف إلا دعوةٌ صالحةٌ وكلمةٌ صالحةٌ وغايةٌ صالحةٌ من أهل الصلاح- الصلاح للدنيا والصلاح للآخرة، والصلاح للحق وبالحق.. إنه نعم المولى ونعم النصير.

 

- ومهبط رحمات وسكينة

وترى أية مغفرة وأية رحمة وأيَّ فيض يتنزل في هذا المجلس الكريم الذي ينعقد في الله ولله؟!.. أية رحمة؟! أية مغفرة؟! أيَّ فيضٍ ينزل علينا نحن المجتمعين في روضةٍ من رياض الجنة؟!.. أليس اجتماعنا من حلق الذكر؟! ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا رأيتم رياض الجنة فارتعوا.." قالوا وما رياض الجنة يا رسول الله؟ قال: "حلق الذكر".

 

ويقول صلى الله عليه وسلم: "وما اجتمع قومٌ في بيت من بيوت الله.. يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا غشيتهم الرحمة، وتنزلت عليهم السكينة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله في ملأ عنده".

 

أيها الإخوة الأحباء.. ألم نجتمع نحن في بيتٍ من بيوت الله؟.. إن لم يكن مسجدًا فهو ملحق بالمساجد في الغاية التي أُنشئ من أجلها المسجد والتي يُعمل لها.. أليست تُقام فيه الصلوات وتُصلَّى فيه الجُمع؟.. دائمًا يجتمع فيه الإخوان للتآزر على البر والتقوى.. ألسنا نتذكر كتاب الله ونتدارسه؟ فأبشروا أيها الإخوان.. فإن الملائكة تحفنا.. وإنَّ رحمةَ الله تغشانا.. وإنَّ السكينة تتنزل علينا.

 

- وللترابط والتآخي.. نلتقي

وأحب أيها الإخوان أن ألفتكم إلى ما أشعر به من هذه العاطفة، وإلى ما يجب أن يكون.. ذلك أن القصد من هذا الحديث ليس هو مجرَّد الفائدة العلمية أو الروحية فحسب، نحن أيها الإخوان لا نقصد من هذا الاجتماع أن نتقدم إليكم بكثيرٍ من الحقائق العلمية تستفيدون منها، ولا أن نؤثر في أرواحكم تأثيرًا هو في النهاية تأثير ضروري لمَن يستمع لكتابِ الله تبارك وتعالى ويتدبره.. لا أقصد إلى هذين المعنيين وحدهما، ولكن أقصد إلى فائدة عملية، ذلك أن نتخذ من لقائنا في هذا الاجتماع حول هذا الحديث وسيلةً لتعارفنا وتواصلنا، وليأنس بعضنا بلقاءِ بعض، فتتجاذب النفوس، وتتواصل القلوب، وتحتك الأفكار، ولنتبادل في هذا الحديث وفي هذا اللقاء جلسةً ندرس فيها كثيرًا أو قليلاً من نواحينا العلمية.

 

فهذه الليلة كما اتفقنا ليست للتدريس ولا لتحصيل العلم والمعارف، ولكن لتلاقي القلوب وتوجيه الأرواح، ثم بعد ذلك نتفاهم كما تتفاهم الأسرة الواحدة، فهذا يتحدث في موضوعٍ من الموضوعات، وهذا عنده مسألة تهمُّه، فكلامنا كلام مدارسة لشئوننا من جهة، ومن جهةٍ أخرى عرض لمسائلنا عرضًا سريعًا كما تعرض الأسرة أمورها فيما تريد أن تتجه إليه.

 

- ورابطة العقيدة.. تجمعنا

وليس في الدنيا ما هو أقوى ولا أعزُّ ولا أ