ردًّا على الرسالة المزعومة تاريخ 24 رحب 1441 هـ - 19 مارس 2020م

بسم الله الرحمن الرحيم

نشرت بعض وسائل التواصل الاجتماعي رسالة مكذوبة، جملةً وتفصيلاً، على جماعة الإخوان المسلمين في مصر، وردت فيها افتراءات عديدة على الجماعة، لا نعلم من أصدرها أو حررها.
تؤكد الجماعة أنها لا تسعى لتسجيل نقاط انتصار ضد سلطة الانقلاب في مثل هذه الجائحة، رغم خصومتها معنا، بل نفعل كل ما في وسعنا لكي تخرج البلاد سالمة، ويسلم شعبها بجميع أفراده من هذا الوباء؛ الذي يستهدف سفينة الوطن بكل ألوان طيفها.

ويهمنا هنا إبراز مظاهر التلفيق والكذب في الرسالة من حيث الشكل والمحتوى:

أولاً - من حيث المضمون:

حملت الرسالة المزعومة بنودًا وأفكارًا تخالف بالكليَّة فكر الجماعة ومنهجها، ومواقفها الثابتة في داخل مصر وخارجها، والتي شهد لها العالم أجمع بل والسلطات المتعاقبة في مصر طوال تاريخها، ونذكر فيما يلي نذرا يسيرا منها:

1- تزخر مواقع الجماعة وغيرها حاليًّا وصفحات التواصل الاجتماعي كذلك بعرض العديد من مواقف الجماعة وجهودها في مجال خدمة شعوبها وأوطانها لمواجهة كل المحن والكوارث الطبيعية والأوبئة، بدءًا من أيام الإمام الشهيد حسن البنا، ومرورًا بأحداث الزلزال في مصر عام 1992 وحتى اليوم، فضلاً عن الأنشطة الخدمية والطبية والاجتماعية والإغاثية للجماعة في الأحوال العادية لخدمة مجتمعاتها، بل وخدمة البشرية.

2 – حوت الرسالة تعليمات مكذوبة، جملة وتفصيلاً، على الجماعة، تخالف فكرها وتناقض مبادئها في الحرص على عدم ترويع المواطنين أو إيذاء الآمنين، فهي الجماعة التي ما زالت تتلقى الضربات والحملات الأمنية الظالمة، ولم تواجه ذلك بأي إيذاء للقائمين بها، أو الإضرار بهم أو بمصالحهم.. فكيف يتسنَّى لها أن تفعل ذلك بالمواطن أو الإنسان المسالم في أي مكان؟!

3- حوت الرسالة توجيهات وتعليمات مكذوبة بشأن ما أسمتها "تخفيف الضغط على إخواننا المجاهدين في سيناء"، ويعلم القاصي قبل الداني أن اﻹخوان المسلمين لا يوجد لهم "مجاهدون" في سيناء أو غيرها.

4 – جاءت الرسالة المزعومة ولم يمض على بيان الجماعة الأول - الذي أصدرته في 21 رجب 1441 هجريًّا الموافق 16 مارس 2020م سوى يومان، والذي جاء تحت عنوان "بيان من الإخوان المسلمين: "كورونا".. رسالة للبشرية بالعودة إلى الله"، وجاء فيه: ".... ونداء من القلب لأبناء الأمة الإسلامية جميعًا، حكامًا ومحكومين: ليكن الجميع على قلب رجل واحد، وليكن الهدف أمام هذا الخطر الداهم إعلاء قيم العدل واحترام حقوق الإنسان، ولتسارعوا إلى سلوك طريق العودة إلى الله، والحرص على مرضاته وطاعته، والابتعاد عن عصيانه، والعمل بجد على تطبيق شريعته، شريعة الرحمة والعدالة، وحسن تقديم رسالة الإسلام التي جعلها الله رحمةً للعالمين.. نسأل الله السلامة للبشرية جمعاء من هذا البلاء والوباء، كما نسأله سبحانه كف يد البطش عن المستضعفين في مشارق الأرض ومغاربها..." انتهى الاقتباس.

5– وأخيرًا وليس آخرًا، تأتي هذه الرسالة المزعومة مخالفةً بالكلية نهج الجماعة ومبادئها الذي عبَّرت عنها في رسالتها الصادرة اليوم (السبت ٢٦ رجب ١٤٤١هجريًّا الموافق ٢١ مارس ٢٠٢٠م تحت عنوان: "رسالة مواساة لكل المضارين من بني البشر بجائحة "كورونا"، والذي قالت فيه: ".. إن دعوة الإخوان المسلمين ورسالتها التي أجمع ما توصف بها أنها إسلامية خالصة، وهم يريدون الخير للعالم كله ويعلمون أن من آكد واجباتهم المساهمة في السلام العالمي، وبناء الحياة الصحيحة للناس، ورعاية البر والإحسان بين بني البشر جميعا، واحترام النفس الإنسانية ورعاية حرمتها.".

ثانيًا- من حيث الشكل:

ظهرت الرسالة المزعومة في شكل يخالف ويناقض كل صور البيانات والرسائل المعتمدة التي تصدر عن الجماعة، وخاصةً في النقاط التالية:

1-  جاء في أعلى الرسالة على يمين الصفحة العبارات التالية: "مكتب الإرشاد..."، "محضر الاجتماع الدوري رقم 148 بتاريخ 24 رحب 1441 هـ، الموافق 19 مارس 2020 م "، وعلى يسارها "رقم القيد بالدفتر 724".. وهذا يخالف، جملةً وتفصيلاً، العرف والشكل المعهود الذي تتخذه كل وثائق وبيانات الجماعة المنشورة عبر العهود والعصور المختلفة.

2– اختتمت الرسالة بعبارة "مكتب الإرشاد"، مذيلاً بإمضاء مزعوم، وبدون أي اسم أو صفة توضح صاحب هذا التوقيع، وهو ما يناقض كذلك - بالكلية - عرف المراسلات في الجماعة منذ نشأتها، ويدحضه تساؤل بديهي: كيف يتسنَّى لمستلم المراسلة معرفة صحتها إذا لم تم تكن موقعة بالاسم والصفة.

3- حددت الرسالة المزعومة الجهة المخاطبة بالقول: "السادة مسئولي المكاتب الإدارية بالمحافظات"، .. وهذا دليل ثالث على زيفها، فالعرف في تراسل الجماعة قائم على معاني الأخوّة التي هي رابطة أصيلة في الجماعة؛ حيث يستخدم الإخوان دائمًا لفظ "الأخ أو الإخوة" في مراسلاتهم، علاوةً على خلوّ الرسالة من تحية الإسلام: "السلام عليكم ورحمة الله وبركاته"، فكيف لجماعة إسلامية أن تغفل البدء بتحية الإسلام!

4  – اختتمت الرسالة المفتراة بإيراد الجزء الأخير من الآية 227 من سورة الشعراء (.. وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون)، ولم تدون تحتها تاريخ الإصدار، وهذا أخيرًا وليس آخرًا دليل على زيفها لمناقضته الواضحة والصريحة لكافة ما يصدر عن الجماعة من خاتمة لبياناتها ومراسلاتها.

ثالثًا- نداء إلى أبناء مصر جميعًا وفي مقدمتهم أفراد اﻹخوان المسلمين:

لنلتزم جميعًا باﻹجراءات الصحية والوقائية واﻷخذ باﻷسباب، وندعو الجميع بأن "يلزم بيته"، عسى الله سبحانه وتعالى أن يرفع البلاء عن الجميع، ونؤكد أن هذه تعليمات الجماعة لكل أفرادها.

ونؤكد أن من بين ما نراه من الجهود الضرورية لمواجهة الفيروس هو الإفراج عن المعتقلين حفاظًا على حياتهم وحياة أهليهم وحياة من يتعاملون معهم من أفراد الشرطة والقضاء وأسرهم من بعدهم، فالوباء قد يمثل - لا قدر الله - كارثة يدفع ثمنها الشعب المصري كله.

ونتقدم للشعب المصري كله بعميق أسفنا واعتذارنا لعدم قدرتنا على القيام بواجبنا على الوجه الأكمل في مواجهة هذه الجائحة، كما تعوّد منا الشعب المصري دائمًا، وذلك بسبب ما تمارسه سلطة الانقلاب ضد الجماعة وأفرادها ويعلمه القاصي قبل الداني.

حفظ الله مصر وأهلها من كل سوء.

والله أكبر ولله الحمد

الإخوان المسلمون

السبت، 26 رجب 1441هـ = 21 مارس 2020م