الحمد لله واهب الحياة، وخالق الروح، وبارئ النسم، رب الناس، ملك الناس، إله الناس، نحمده بعدد أنفاسنا، وعدد أنفاس خلقه أجمعين، ونثني عليه الخير كله منذ أن خلقنا إلى يوم الدين، ونصلي ونسلم على المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وأصحابه والتابعين، أما بعد.

إليكم يا أبناء دعوتنا المباركة، يا رفاق دربنا المسدد، يا شركاء جهادنا الموفق، إليكم أنتم يا حبات القلوب، ونور العيون، وعدة اليوم، وأمل المستقبل، إليكم وحدكم نكتب هذه الكلمات.. نكتبها بمداد من دمائنا، وقد اختلطت بحروفها العبرات، وامتزجت بها الزفرات، إنها والله ليست فرقًا من الموت، ولا خوفًا من الجلاد، ولا حسرة على دنيا نعلم أنها فانية مولية، ستنتهي وإن طالت، ونقف جميعًا في ساحة رب العالمين، ولكنها أشواق حب وحنين إلى أيامنا الخالية في ظلال هذه الدوحة العظيمة، والشجرة المباركة، نتذكركم فيها بأشخاصكم وذواتكم واحدًا واحدًا، ونذكر أياديكم البيضاء، وجهادكم في سبيل الله، وحبكم للوطن، وبذلكم كل غال ونفيس من أجل مجده وعزته وسعادة أبنائه، نذكر لكم ذلك ويمر شريط الذكريات أمام أعيننا سريعًا فتطمئن قلوبنا، ونعلم أن الله تعالى قد ادّخركم لهذه الدعوة، ونحن نؤمل فيكم خيرًا كي تحملوا الراية وتكملوا المسيرة، وتحققوا ما انقطعنا عنه، فيعز  الله  تعالى بكم الدين، وترتفع بكم الراية، وينتصر بكم الحق.

يا إخواننا وأحبابنا.. يا من تعلمنا منكم أو تعلمتم منا.. يا من سرنا معًا في طريق الدعوة.. يا من تشاركنا السراء والضراء.. نوكد لكم أننا على عهدنا وبيعتنا، لن نحيد عنها قيد أنملة بإذن الله تعالى، وأن دعوتنا أحب إلينا من أموالنا وأهلينا، وأحب إلينا من أنفسنا، فإذا وضعت دعوتنا في كفة، والدنيا بأسرها في كفة لرجحت عندنا كفة الدعوة بلا تفكير ولا تدبير، ولا تردد ولا مراجعة، فطيبوا نفسًا واعلموا أننا بإذن الله تعالى لن نخذلكم، ولن نعطي الدنية من ديننا، ولن نقبل المساومة على الحق الذي شرفنا الله تعالى بحمله، وكلنا ثقة أن الله تعالى وحده هو من يملك الموت والحياة، وأن النفس لا يخرج من القفص إلا إذا أذن الله تعالى له، ونعلم يقينًا أن حياة الجلاد قصيرة وإن طالت، وقوته هزيلة وإن عظمت، أما أصحاب الدعوات فقوتهم من قوة الحق الذي يحملونه، وعزتهم من عزة الدين الذي أهينوا وهم يدافعون عنه ويرفعون لواءه، وهم أكرم  على الله تعالى من أن يسلمهم إلى عدوهم، أو يكلهم إلى أنفسهم، وهو  سبحانه أرحم بنا من أمهاتنا، وأرفق بنا من كل ذي قلب رحيم.

يا إخواننا وأحبابنا.. أنتم أمل الأمة فلا تخذلوها، وأنتم عدتها فلا تضيعوها، نوصيكم وصية مودع لا ينتظر  شيئًا من الدنيا: كونوا دائمًا مع الله تعالى، ولا تلتفتوا لغيره، وثقوا في وعده، واعملوا حسابًا لوعيده، ولا تخضعوا لأنفسكم ورغائبها، ولا تستسلموا للدنيا وجواذبها، ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار، وتمسكوا  بثوابت دعوتكم وقيمها وأعرافها؛ فهي بإذن الله  طوق النجاة إذا ادلهمت الخطوب، واختلط الحابل بالنابل، وكونوا قلبًا واحدًا، وصفًّا واحدًا، و يدًا واحدة، وروحًا واحدة تسري في هذه الأمة فتحييها من موات، وتجمعها من شتات.

يا إخواننا وأحبابنا.. بلغوا عنا الدنيا بأسرها أن دماءنا لا تساوي شيئًا في سبيل عزة هذا الدين، ومجد هذه الأمة، وقصوا للناس قصتنا.. وأخبروا شعبنا أننا أحببناهم أكثر من أنفسنا، وعملنا لخيرهم أكثر مما عملنا لأبنائنا، وأننا لا نمنُّ عليهم، ولا نعتب عليهم في شيء، ولا نحمل لهم إلا الحب، ولا نتمنى لهم إلا الخير، وقولوا لهم: إن العقيدة أثمن من الحياة، و الحرية  أغلى ما يحرص عليه الكرام. فإذا قدر الله تعالى لنا أن نمضي إليه سنمضي كرامًا أحرارًا، وإذا قدر لنا أن نعيش أيامًا أخرى فسنعيشها معكم في ميادين الحرية.

والله أكبر ولله الحمد